كتابات ومواد دينية ….
بقلم : جمال عبد العظيم – مصر….
على بعد نحو 13كم جنوب شرق العاصمه الاردنيه عمان وقعت احداث تلك القصه التى تعد من اعجب قصص القرءان بل من اعجب قصص الانسانيه على الاطلاق ..اذ تعطلت فيها القوانين والنواميس التى يعيش الناس وفقا لها وتخضع لها اجسادهم حيث نام الفتية فى الكهف ولما استيقظوا كان كل شىء قد تغير..فوجدوا المدينة غير المدينه والناس غير الناس . وسرعان ما ادركوا انهم قد ناموا مئات السنين. وانهم قد اصبحوا اية للعالمين . ومثلما يرجح ان كهفهم فى الاردن يرجح ايضا ان احداث قصتهم وقعت بعد مجىء السيد المسيح عليه السلام. وان الفتيه كانوا نصارى بينما كان قومهم وثنيون. وتحكى القصه انهم عاشوا فى زمن الامبراطور دقيانوس الذى فرض على الناس ان يعبدوه .وان الفتيه رفضوا السجود لتمثال الامبراطور فأوذوا واضطروا للهرب. ولما ارخى الليل سدوله على المدينه اوى الفتيه الى الكهف ليناموا ليلتهم التى امتدت لقرون فحيرت الالباب . و لا تزال حتى الان تشكل لغزا.. حيث لم يعرف احد عدد الفتيه ولا مدة لبثهم فى الكهف نياما . وكانت المسيحيه قد حددت عددهم واتخذت منه تسمية لقصتهم فأطلقت عليهم “النائمون السبعه” .كما قدرت مدة نومهم بانها 200 سنه . اما القرءان فهو لم يقطع لا بعدد الفتيه ولا بمدة نومهم .وقد اوردت الايه 22 من سورة الكهف ثلاثة احتمالات جاءت كلها بأرقام فرديه فهم اما 3 رابعهم كلبهم واما 5 سادسهم كلبهم او سبعه ثامنهم كلبهم . ثم اختتمت الايه بقولها : <…قل ربى اعلم بعدتهم ما يعلمهم الا قليل فلا تمار فيهم الا مراء ظاهرا ولاتستفت فيهم منهم احدا >.اى لاتجادل فيهم الا جدالا مبنيا على اساس من اليقين لان حديث اهل الكتاب عن اصحاب الكهف انما هو رجما بالغيب .ثم ان ختام الايه حتى لم يبق على الاحتمالات الثلاثه بل نفى هذه الاحتمالات بقوله: <…قل ربى اعلم بعدتهم…> .اما عن مدة لبثهم فتقول الايه11من سورة الكهف:<فضربنا على اذانهم فى الكهف سنين عددا>.ثم جاءت الايه 25وحددت مدة بقائهم نياما فى الكهف بقولها : <ولبثوا فى كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا>.ثم عادت الايه 26 لتضعنا مره اخرى فى قلب اللغز وتزيد غلق ابوابه احكاما اذ قالت : <قل الله اعلم بما لبثوا له غيب السماوات والارض ابصر به واسمع ما لهم من دونه من ولى ولا يشرك فى حكمه احدا >. وبهذه الايه اسدل الستارعلى قصة اهل الكهف فيما بقى اللغز عابرا للقرون فى رحلة بحث عمن يتصدى له. وقديما حاول ابن كثير فقال :ان تحديد مدة بقاء الفتيه نياما وهو 300 سنه شمسيه يعتبر اخبار من الله تعالى لنبيه(ص) بمقدار ما لبثوا فى كهفهم منذ ارقدهم الله الى ان بعثهم واعثر عليهم.فالمده اذن هى 300سنه شمسيه وازدادوا تسعا هلاليه . اما قوله تعالى:<قل الله اعلم بما لبثوا>فتفسيره : اذا سئلت يا محمد عن مدة لبثهم وليس عندك علم فلا تقل شىء . بل قل <الله اعلم بما لبثوا>.وأيد ابن كثير فى هذا بعض علماء التفسير كمجاهد وغيره. وقال قتاده:ان الزمن الوارد فى الايه و هو 300سنه شمسيه =309سنه هلاليه انما هو قول اهل الكتاب وقد رده الله تعالى عليهم بقوله :<قل الله اعلم بما لبثوا> وأيد قتاده مطرف ابن عبد الله . وقال القرطبى: ان قوله تعالى <قل الله اعلم بما لبثوا> يختص بالفتره من بعد موتهم الى نزول القرءان فيهم اى ان المده المذكوره فى الايه هى المده الحقيقيه .وقال الطبرى: ان المده المذكوره فى الايه انما هى خبر من الله تعالى لنبيه(ص) بأن مدة لبثهم فى الكهف منذ ارقدهم الى ان بعثهم واعثر عليهم هى 300سنه شمسيه. ثم قال لنبيه قل يا محمد: الله اعلم بما لبثوا بعد ان قبض ارواحهم . وقال الماوردى ان هناك قولان ..الاول : ان المده الوارده فى الايه وهى 300سنه انما هو قول اليهود..او نصارى نجران .وان الله تعالى قد رده عليهم. الثانى: ان هذا اخبار من الله بمدة لبثهم فى الكهف منذ دخلوه الى ان ماتوا فيه . اما قوله تعالى <قل الله اعلم بما لبثوا> ففيه وجهان.الاول: بما لبثوا بعد موتهم الى نزول القرءان فيهم. الثانى : الله اعلم بما لبثوا فى الكهف نياما …… تلك عينه من التفسيرات القديمه وهى لم تفسر لنا شيئا بل زادت من حيرتنا فى اهل الكهف.. وهو ما يدعو المعاصرين الى التفكير فى الامر. وقد اجتهدت فى تفسير مدة رقدتهم فى الكهف متمنيا ان يكون لى اجران . والمده هى الوارده فى الايه 25 وهى 300سنه شمسيه .اما عن الايه 26 <قل الله اعلم بما لبثوا>فهى تشير الى زمن اخر .فالازمنه عند الله كثيره وكلها غيبيه .ونحن لا نعرف الا زمننا الارضى وحده . ولما كان القرءان يفسر بعضه بعضا فان لغز اهل الكهف يجد تفسيره فى ايه 47 من سورة الحج والتى تقول <….وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون> .وارى ان اهل الكهف بمجرد نومهم قد دخلوا فى هذا الزمن الالفى حيث اليوم =1000 سنه ارضيه اى 12000 شهر. اى ان الساعه من هذا اليوم تعادل500 شهرا ارضيا .وبافتراض ان اهل الكهف قضوا رقدتهم وفقا لهذا الزمن الالفى نستطيع تحديد مدة رقدتهم باستخدام المده الارضيه الوارده فى الايه 25 وهى 300سنه او3600شهر . وقلنا ان الساعه من اليوم الالفى=500شهرا ارضيا وعليه تكون المعادله هى : 3600 ÷ 500 =7،2 ساعه اى 7ساعات وخمس الساعه..اى 7ساعات و12دقيقه حسب الزمن الالفى .وهذا هو تفسير الايه 26 <قل الله اعلم بما لبثوا له غيب السماوات والارض> حيث الفتيه قد ناموا وفقا لزمن غيبى . وفيه ناموا مدة النوم المعتاده للانسان. اى انهم فقط قد امضوا ليلتهم فى الكهف وخرجوا فى الصباح ليجدوا ان ليلتهم هذه كانت تعادل 300سنه بالنسبه لاهل الارض . وتشير الى ذلك الايه 17 من سورة الكهف حيث اوضحت ان الفتيه امضوا فى كهفهم ليلة واحدة فقالت:<وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين واذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم فى فجوة منه ذلك من ايات الله> اى ان الشمس تتجاوزهم لتبقى عليهم فى ليل . وهو ما يضيف بعدا اعجازيا اخر لقصة اهل الكهف حيث يجتمع فيها الليل والنهار ويتجاوران وتلك ايه من ايات الله كما قالت الايه السابقه . وعليه يكون الفتيه بدخولهم الكهف قد اصبحوا فى حوزة اليوم الالفى ويؤكد ذلك ان الفتيه وصفوا بالرعب <لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا >(18) وهو ما ينسجم تماما مع اليوم الالفى الذى يرتبط بالعذاب < ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون> . وفى الختام يبقى السؤال : اذا كانت السورة قد حددت مدة نوم اهل الكهف فلماذا لم تحدد عددهم ؟ . . اعتقد ان هذا هو سر اخبار القرءان لنا بقصة اهل الكهف. فالعبره منها هى ان الله تعالى ينجى عباده من ايدى اعدائهم ولو كانوا اباطره . وان نقتدى باصحاب الكهف فى التمسك بدينهم مهما كانت العواقب . وان الله سبحانه وتعالى بعلمه الازلى يعلم بأن من المسلمين سيأتى رجالا يعتبروا بقصة اصحاب الكهف ويصنعون صنيعهم فينضمون اليهم . وهو ما يجعل عدد اهل الكهف لايزال مجهولا. لا يعلمه الا الله .جعلنا الله تعالى منهم