مَمْلَحة ومَبْهَره : بقلم : ب : حسيب شحادة

اصدارات ونقد ….
بقلم : ب : حسيب شحاده : جامعة هلسنكي …
صدر في البلاد مؤخرًا كتاب حول سيرة حياة الأديب، المعجمي، اللغوي، المترجم والمحرّر رئوڤين القلاعي، وفيه الكثير من الألفاظ التي أوجدها: سمادار براك، جامع الكلمات، قصّة حياة المعجمي رئوڤين القلعي، القدس: أخبار الكتب ، كانون ثانٍ ٢٠٢٠، ٣١٠ ص.
***
تذكر المؤلّفة براك أنّ القَلاعي (١٩٠٧- ١٩٧٦)، المولود في بيت المقدس لوالدين من أصل صِرْبيّ، قد تحدّث بالعبرية واللادينو والعربية منذ طفولته، إضافة في ما بعد للفرنسية والإنچليزية والإيدش. تخرّج القَلاعي من دار المعلّمين باسم داڤيد يلين في القدس. عمل مترجمًا في فلسطين منذ ثلاثينات القرن العشرين، ترجم قِصصًا مختارة لسومرست موم وآخرين؛ ترأّس مكتب الصحافة الانتدابية؛ عمل محرّرًا لحوليات الحكومة الإسرائيلية بين السنتين ١٩٥٠-١٩٧٤؛ كان عضوًا في لجنة الأسماء الحكومية التي عَبْرنت -أطلقت أسماء عبرية – على أماكن وبلدات في البلاد. كانت هوايته الأساسية دراسة علم اللغة العبرية وألّف معاجم كثيرة في هذا المجال. منذ نعومة أظفاره كان مُغرمًا بجمع الكلمات وبحث سياقاتها ومدلولاتها، وكذلك ٱنشغل بالبحث عن أمثال وأقوال مأثورة. من معاجمه يمكن التنويه بـ: معجم إنچليزي عبري إنچليزي كامل، ١٩٥٨؛ معجم الألفاظ الأجنبية، ١٩٦٤؛ معجم عبري عبري كامل، ١٩٦٤؛ أقوال الحكماء، ١٩٦٨؛ قاموس القلاعي المركَّز، ١٩٧٨.
صاغ القلاعي أكثرَ من ألف كلمة وعبارة، رُبعها دخل حيّز الاستخدام مثل: دوڤير – بمعنى ممثّل الشرِكة، الناطق باسمها، هِفْچيز، هَفْچَزَه أي قصَف، قصْف؛ هِسْتَهْلوت أي التجنّد لجيش الدفاع؛ تسيون – أي أسطول صغير؛ هَتْكَفات نيچد- أي هجوم مضاد؛ تْسينَع -أي تقشُّف ويعود تاريخها إلى بداية الحرب العالمية الثانية؛ شْليحات تِچْبورِت – أي إرسال النجدة. كلمات كثيرة على وزن فَعيل مثل: أَخيل، كَڤيس، لَڤيش، پَتير، كَريي أي يمكن: تناوله، كيّه، لبسه، حلّه، قراءته وهذا الوزن يذكّر القارىء بصيغة الصفة الإنجليزية المنتهية باللاحقة able–– نحو: readable.
ويُذكر أنّ معظم ما صاغ وأوجد القلاعي من ألفاظ، لم تُكتب لها الحياة وهي قابعة في بطون مؤلِّفاته، منها: چوفيف أي جُسيم، جسم صغير؛ لِهأهيڤ أي يُحبّب؛ بوروكراتيا أي تفشي/نهج الجهل؛ هيوم ميلخ محار هيلِخ – منقول عن الإنجليزية والمعنى: اليوم ملك وغدًا لا شيء؛ شلومئي أي المسالم؛ مِچْلاح أي ماكنة الحِلاقة؛ مزلچون أي شوكة؛ دقليل أي نُخيلة، كفْرير أي قرية صغيرة . وأخيرًا پِلْپليه أي إناء حفظ الفلفل الأسود المطحون.
أذكر أنّي في أواخر العام ٢٠١٧، ٱنتهيت من قراءة كتاب عاموس عوز (١٩٣٩-٢٠١٨): البُشرى بحسب يهوذا، كيتر سفريم، ٢٠١٤، ٣٠٨ صفحات. لقد تمتّعت بقراءة قصّة الكتاب المذكور، التي تدور حول ثلاث شخصيات مركزية؛ الحبكة محكمة، الوصف تفصيلي، ثاقب، دقيق وجذّاب؛ واللغة ثرية بشكل نادر. وفي الكتاب معلومات جمّة وقيّمة عن الحياة السياسية في البلاد في خمسينات القرن الفائت.
وفي السادس من شباط العام ٢٠١٨، أرسلت للكاتب عوز رسالة إلكترونية عبّرت فيها عن انطباعي الإيجابي بعد القراءة. وفي آخر الرسالة تطرّقت لمسألة لغوية؛ ففي ص. ٦٩ يكتب عوز ما معناه: ـ التقط بكفّه اليمنى المملحة وباليمنى إناء الفلفل، وقال… وعلّقت بقولي لمَ لا نستعمل پلپليه قياسًا بسابقتها المملحة، مِلْحِيه؟ بعد بضعة أيّام تسلّمت إجابة إلكترونية من عوز، وممّا ورد فيها ما معناه: شكرًا على الاقتراح، سأحاول استخدام اللفظة المقترحة مستقبلًا.
الجدير بالذكر أنّه لا الكاتب عاموس عوز ولا كاتب هذه السطور كانا على عِلم، بأنّ القلاعي قد صاغ اللفظة المذكورة ، واقترحها للاستعمال منذ عشرات السنين. لوِ ٱستعمل أديب بارز بقامة عاموس عوز هذه اللفظة المقترحة، لكان من المحتمل القريب جدًّا أن تكون قد دخلت حيّز الاستعمال اليومي والأدبي. بحث بسيط بمحرّك غوغل، يُظهر استعمال الصنوين المذكورين – ملحيّه–پلْپليّه في الإعلانات التجارية على الأقلّ.