صاغها عن الانكليزية : وليد رباح ويؤكد انه يحترم كافة الاديان .. ولكن هذه قصة حقيقية تحدثت بها صاحبتها ونشرناها قبل ثمانية وعشرين عاما .. وطلب الي ان اعيد نشرها ففعلت ..
النص الانكليزي بقلم : داينا فرانكس سابقا .. ورابعة عبد الرحيم لاحقا
هذه كلمات نشرت قبل الحرب على العراق بايام .. سيدة امريكية جاءت الي باكية تحمل بعض الاوراق فترجمتها الى العربية ونشرتها في حينها .. وفي هذه الايام .. التقيت بالسيدة في شارع بمدينة كليفتون بولاية نيوجرسي فقالت لي : لماذا لا تنشر الاوراق التي اعطيتكها سابقا للمرة الثانية .. انها مناسبة .. قلت .. سافتش عليها ومن ثم انشرها ان شاء الله .. سلمت عليها .. وانصرفنا ..
اترككم مع الاخت رابعة عبد الرحيم – صوت العروبة
أما وقد بلغ بي الحنق حدا لا استطيع كتمانه .. فاني اضرع الى الله وانا احمل القرآن في يميني وسجادة الصلاة في يساري ان يلهم الله قادة العرب المسلمين الصواب فيعودوا الى الله ويوقفوا المذابح التي تقع ضد شعوبهم ..
اخوتي في الله .. استميحكم العذر في سرد قصتي .. وارجو ان تأخذوا العبرة منها .. فما الذي يمنعكم ان تتحولوا الى مصلحين ..
منذ سنوات .. كنت حربا على الاسلام .. انتقي بيوت المسلمين في ولاية نيوجرسي .. والفقراء منهم بصورة خاصة .. فادعوهم الى اعتناق طائفة ( شهود يهوه) .. وكم اغريت عائلات عربية مسلمة باللجوء الى هذه الطائفة لتحسين احوالهم الاقتصادية .. ولكني عملت تسع سنوات متواصلة .. ولم استطع ان احول عائلة واحدة عن دينها الاسلامي لكي تعتنق دين طائفتي سابقا .. مما حدا بي الى الجلوس طويلا والتفكير مليا : ما هذا الدين الذي يعزف اصحابه عن الخروج منه مع فقرهم وعوزهم واحتياجهم .. ولكني ظللت على معتقدي ونشاطي في التبشير لهذه الطائفة .
وقادتني خطواتي يوما الى ان اقرع باب بيت قيل لي ان صاحبه شاب يعيش وحيدا ويؤم المسجد القريب من بيته في يوم الجمعة للصلاة .. فطرقت الباب ولكني لم اسمع جوابا مع ان الجيران اكدوا لي وجوده في المنزل .. واستدللت على ذلك من سيارة متوقفة في ساحة بيته .. فانتظرت طويلا وقرعت الباب ثانية وثالثة ولكني لم اسمع جوابا .. فقررت ان اعود في مرة اخرى .. ولكني ما ان خطوت قاصدا الشارع الذي اوقفت فيه سيارتي حتى سمعت باب البيت يفتح .. ويخرج منه شاب طويل القامة عريض المنكبين يشع وجهه بالبهجة والسرور .. فعدت ادراجي وقال لي مبتسما : هل من خدمة استطيع تقديمها لك يا سيدتي .. انني آسف لتأخري في فتح باب المنزل .. فقد كنت اصلي : قلت : اريد ان اتحدث اليك قليلا .. قال الشاب . لا استطيع يا سيدتي ان ادخلك الى المنزل .. فانا شاب وحيد .. وربما اغراني الشيطان بما لا اريده .. ولكني على استعداد للتحدث اليك في ساحة البيت خاصة وان الشمس ساطعة والجو دافىء فوافقت على ذلك .
دخل الشاب الى بيته واحضر مقعدين خشبيين ذواتا طابع شرقي يعلوهما الصدف .. ثم وضعهما في ساحة البيت وهو يأسف لتأخره .. ثم احضر طاولة صغيرة الحجم مزينة ايضا بالصدف وقال : لقد وضعت ابريق الشاي فوق النار .. وخلال دقائق يمكن ان يكون جاهزا .. ثم اضاف : هل انت جائعة ؟ لدي خبزا وجبنا وزيتونا من بلادي .. ان طعمه لذيذ : قلت كلا يا سيدي .. اريد فقط ان اشرب الشاي .. قال : حسن .. وجلسنا ..
هل تصدقون يا اخوتي .. جلست الى الشاب لكي اتحدث اليه ولكني نسيت الغرض الذي جئت من اجله .. اتعرفون لماذا ؟ لانني رأيت منه لطفا لم اره طيلة حياتي .. ووجها مشرقا لم اشاهده طيلة عمري .. وادبا في الحديث لم اسمع به مطلقا .. وفي دقائق استجمعت شجاعتي وقدمت اليه بعض كتب باللغة العربية عن طائفة ( شهود يهوة ) ولما كنت لا افهم اللغة العربية واعتقدت انه لا يقرأ العربية لان انكليزيته كانت جميلة وجزلة .. فقد اخرجت كتبا اخرى باللغة الانكليزية وقلت له : ان كانت الكتب باللغة العربية لا تستهويك فعندي نفس النصوص باللغة الانكليزية .
نظر الى طويلا ثم ابتسم قائلا : هل لي ان اعرف ماذا تريدين بالضبط .. ومن اقصر الطرق : قلت : اريدك ان تحضر قداسنا يوم السبت القادم .. ثم ناولته بطاقة تحوي عنوان الكنيسة فقال مبتسما : اعرف انكم تقيمون القداس يوم الاحد .. فلماذا السبت : قلت : لان طائفتنا هي الاصح .. فالصلاة فرضت علينا في يوم السبت وليس الاحد كما تدعي بعض الطوائف .. قال : حسن .. ساذهب .. ولكن ما الغرض من ذلك ؟ فرحت جدا لانني تخيلت انني استطعت ان احقق امرا فيه بعض حلمي .. فخلال تسع سنوات كان الجميع يرفض الدعوة لزيارة الكنيسة .. ولكني في هذه المرة تيقنت انني سوف احقق بعض النجاح .
قال لي : اين ذهبت افكارك ؟ قلت : بعيدا .. فلا اكتمك انني سمعت عن تدينك قبل ان آتي اليك .. ثم توافق على الذهاب الى الكنيبسة في يوم السبت بمثل هذه السهولة .. قال : وما العيب في ذلك : فانا مسلم واعترف بالدين المسيحي الذي لا يكتمل ايماننا الا بالاعتراف به .. واضاف قائلا .. ولكن ما الغرض الاساسي من الذهاب : قلت : كي تنضم الى طائفتنا فتصبح واحدا منا .. قال : ومن قال لك اني لست واحدا منكم .. فانا امريكي بالولادة .. قلت : لا اقصد الجنسية .. ولكن الدين .. فقال : اليس الدين كله لله .. قلت نعم : قال اليس الله واحدا في ديننا ودينكم .. قلت نعم : قال : هل تريدين مني ان ترك الهي واتجه الى الهك مع انه واحد .
لا اخفي عليكم يا اخوتي انني فوجئت بالاجابة .. وطائفتنا ( السابقة) كما لا تعرفون لا تقول بالوهية المسيح كما في الطوائف الاخرى .. ولكني قلت : ولكن الوصول الى الله مختلف : قال : اليست الطقوس من صنع البشر .. قلت : نعم .. قال : فانها وجهات نظر .. قد تصلين الى الله حسب معتقدك عن طريق التضرع الى الصور التي تمثل سيدنا المسيح ومريم البتول .. ولكني اصل الى الله في كل وقت دون ان يتجسد امامي في صورة او تمثال .. فهو اقرب الي من حبل الوريد .. واشار الى رقبته .
وسرحت بعيدا .. ووجدته يقول لي : اني اوافق على ان اصبح احد افراد طائفتك ولكن بشروط .. قلت وقد تهلل وجهي : ما هي شروطك .. قال : ان اقبل منك الكتب التي اعطيتنيها كهدية .. واعطيك مثلها تتحدث عن الدين الاسلامي .. فاقرؤها انا وتقرأينها انت .. ثم نلتقي سويا لمناقشة ما فهمنا من الدينين .. ووافقت على الفور .
نهض مسرعا وهو يقول : لقد نسيت الشاي .. واغلب الظن ان الابريق قد جف ماؤه .. فاسمحي لي بالدخول الى المنزل .. قال لي وهو مسرع نحو الباب .
دخل الى المنزل واخذني التفكير بعيدا .. ماذا لو رآني راعي الكنيسة وانا احمل كتبا اسلامية .. يقينا انه سوف يسخر مني .. فعولت على ان اذهب الى بيتي اولا فاضعها في البيت ثم اتجه الى الكنيسة لتقديم تقرير عن نتائج جولتي .
عاد الشاب سريعا وهو يحمل في يمناه ابريق الشاي وكوبين فارغين قائلا : الحمد لله .. وجدت في الاناء بعض الماء فاضفت اليه الشاي والسكر .. انه يكفينا .. وجلس قبالتي واخذ يصب الشاي في الكأس .. ولم يتكلم .. كنت اراقبه وهو يتمتم بشفتيه ولا ادري ماذا كان يقول .. ولقد سألته بعد سنوات عندما تذكرت الحادثة فقال : كنت اقول : باسم الله الشافي العافي ..
***
اثناء ذهابي الى المنزل لم تبارح صورة الشاب خيالي .. اخذت انسج الاوهام عن كسبه الى صف كنيستنا .. فاباهي به كافة الذين يدورون على المنازل لتحقيق هدف كسب الانصار الجدد الينا .. ولكني فجأة قررت ان لا اذهب الى الكنيسة .. بل دفعني الفضول عند عودتي للمنزل ان افتح الكتب التي اهدانيها .. فاخذت اقرأ .. اني اذكر ذلك تماما .. كانت الساعة السادسة مساء عندما وصلت الى المنزل .. ونظرت الى الساعة فاذا بها الحادية عشرة مساء .. فقد نسيت الطعام والشراب والماء .. وآلمتني عيناي فتركت الكتاب وقررت ان اصنع كوبان من القهوة وآكل بعض الخبز والزبدة .. وبدأت في صنع القهوة .. ولكني اكتشفت انني اخذت الكتاب معي .. بانتظار ان اجهز القهوة كنت اقف الى جانب فرن الغاز واقرأ في الكتاب .. كانت ساعات كأنها حلم .. ثم شعرت بالنعاس فنمت نوما طويلا .
في اليوم التالي لم اذهب للكنيسة .. بل افقت من النوم عند الثامنة صباحا فلجأت الى رف الكتب لاقرأ من جديد .. وهكذا امضيت ثلاثة ايام لا ابارح المنزل .. وقد تيقنت ان الاسلام حسب ما قرأته فيه العديد من الامور التي لم يستسغها عقلي .. وكنت اضع خطوطا فوق الجمل التي لا تعجبني واريد النقاش فيها .. الا انني تذكرت شيئا هاما .. انني والشاب سويا لم نتفق على موعد معين للقاء للمناقشة .. ولم اجد نفسي الا وقد انتعلت حذائي وحملت حقيبتي وادرت مفتاح سيارتي واتجهت الى منزل الشاب الذي نسيت ان اسأله عن اسمه عند لقائنا .
طرقت الباب فلم اسمع جوابا .. وانتظرت طويلا وقلت لنفسي عله يصلي .. وقررت الانتظار .. ولم انتيه لنفسي انني اوقفت سيارتي في ساحة منزله .. وذلك ممنوع حسب القانون في غياب صاحب المنزل ودون دعوة .. فاخرجت سيارتي واوقفتها الى جانب الرصيف المقابل للمنزل .. وهكذا مضت اكثر من نصف ساعة وانا اقف في ساحة المنزل دون طائل .. ويبدو انني كنت مراقبا من احد نوافذ البيوت القريبة .. وتبين ذلك عندما خرجت احدى السيدات المحجبات واتجهت الى قائلة : انه في المسجد .. وسوف يعود بعد دقائق .. قلت : شكرا لك يا سيدتي .. قالت : هل لك ان تزورينا في بيتنا فتستريحين قليلا وتشربين الشاي معنا .. قلت بعد تردد : نعم .. ولكني افضل القهوة .. قالت : على الرحب والسعة .
أمضيت بعض الوقت وشربت القهوة .. كانوا لطفاء جدا .. وداعبت احد الاطفال فعبثت بشعره وقال لي : هل انت بابا نويل ؟ قلت لا : : قال الطفل .. اعتقدتك بابا نويل .. فانت شقراء مثله ولكنك لا تحملين الهدايا .. قلت : ان كنت تريد هدية فسأحضرها لك .. قال : لا .. اريد هدية من بابا نويل وليس منك .. ضحكت وقلت في نفسي : يا الله .. هل بابا نويل يؤثر على عقول الصغار بمثل هذه الحدة .. فهذا الطفل اهله مسلمون .. ولكنه ينتظر بابا نويل لكي يعطيه هديه .. مما زاد في تأكيدي اننا نؤثر في المجتمع .. وعلينا ان نواصل رسالتنا لكسب انصار جدد لكنيستنا .. وقد ازددت غرابة عندما لم تزجره امه .. قالت له : الم نشتر لك في عيدنا في الشهر الماضي لعبا كثيرة .. فلماذا تريد لعبة جديدة .. قال الطفل .. لان العاب بابا نويل تتحرك .. اما انتم فقد احضرتم لي لعبة جامدة لا تتحرك ولا تتكلم .. وضحكنا سويا .
نظرت جارتنا من نافذتها فقالت : ها هو عبد الرحيم يوقف سيارته امام منزله .. قلت : وهل اسمه عبد الرحيم .. قالت : نعم .. الا تعرفين اسمه .. قلت : لا .. لم يخطر ببالي السؤال عن اسمه عند مقابلتي له في المرة الاولى .. ثم استأذنت واتجهت الى بيت عبد الرحيم .. مشيعة بالاحترام والمحبة من المرأة واطفالها.
قبل ان يفتح عبد الرحيم منزله استدار فرآني قادمة نحوه .. هش وابتسم وقال : اهلا بك يا سيدتي .. دقيقة واحدة وسوف احضر الكراسي ..
عاد الى كما في المرة الاولى يحمل نفسي الكراسي ونفس الطاولة الصغيرة .. جلسنا سويا فقلت : انني آسفه .. فقد نسيت ان اسألك اسمك في المرة السابقة .. وقال لي : الاسف متبادل يا سيدتي .. فقد سهوت ان اسألك اسمك ايضا .. وضحكنا معا بعد ان تبادلنا اسمينا . مضت فترة قصيرة من الصمت قبل ان يقول : هل قرأت ما اعطيته لك .. قلت نعم .. وهل قرأته انت .. قال : كلا .. لم اقرأه .. ولكني استطيع التحدث فيه .. فقد قرأت الكثير من الكتب التبشيرية واعرف ما تكتبون ..
اصابتني خيبة امل وقلت : كيف تستطيع النقاش ان كنت لم تقرأ .. قال : سيدتي .. استطيع ان اقول لك ما كتب .. انت تتحدثين في كتبك عن قيامة سيدنا المسيح .. وعن السلام وعيش الذئب مع الحمل وعن المحبة ومن صفعك على خديك الايمن فحول له الاخر .. واحبوا مبغضيكم وسامحوا من يسىء اليكم ولا تقابلوا الشر بالشر بل قابلوه بالخير .. والخلاصة انه كلام جميل يتحدث عن شريعة التسامح وهو ما جاء به سيدنا المسيح عليه السلام : قلت : هذا صحيح .. اين قرأ ت ما قلته .. قال : ديننا يا سيدتي فيه نفس الكلمات .. ولا يغرنك وجود من هو متعصب ولا يرضى بمثل هذا الكلام .. قلت : اذن فلنبدأ .
تحدثنا لاكثر من ساعتين .. وقربت الشمس ان تغيب .. وقد بدا لي ان عبد الرحيم قد تحدث بما في ديننا اكثر مما تحدث عن دينه .. ثم اجابني عن كافة الاسئلة التي جالت بخاطري والملاحظات السريعة التي كنت ادونها تحت سطور كتبه حتى ايقنت انه يعرف ما في دخيلة نفسي دون ان اتحدث به ..
كنا اثناء ذلك .. نتناول الشاي والقهوة بين فترة واخرى .. ووجدت نفسي اقول له : هل استطيع الدخول الى بيتك .. قال : لم يا سيدتي : قلت : اريد ان اذهب الى الحمام .. قال : تفضلي .. انه على يمينك بعد ان تتجازي الممر الرئيس .. قلت ؟ الا تذهب معي . قال : لا .. لا استطيع ان ارافقك بل تذهبين وحيدة .. ضحكت وضحك .. ثم دخلت الى بيته .
في نظرة سريعة .. وجدت نسخة من القرآن الكريم مفتوحة على سجادة جميلة مزخرفة .. مركون على ضلفتين من الخشب الرقيق .. الصالة مرتبة ترتيبا جيدا .. نظيفة .. صورة كبيرة معلقة على الحائط تحوي رجلا وامرأة وثلاثة اطفال بالاسود والابيض .. خمنت ان يكون عبد الرحيم احد الصغار في الصورة .. ودفعني فضولي لان انظر الى رف الكتب الذي يحوي كتبا قليلة .. وفوجئت تماما .. فقد وقع نظري على نسخة من الانجيل مجلدة بشكل رائع جميل .. وفتحت الكتاب فاذا به باللغة الانكليزية .. وقلت لنفسي .. هذا هو السر الذي جعله يتحدث عن ديننا بشكل جميل واحترام وتقدير .. ولا بد انه يحفظ الانجيل ويقرأه جيدا .
عدت سريعا بعد ان قضيت حاجتي وقلت : هل تثق بنفسك .. واضطرب عندما سألته وقال : نعم .. لماذا ؟ قلت : لانك لا تريدني ان ادخل منزلك وانت فيه .. ابتسم وقال : اذا انفرد رجل وامرأة فهذا يعني ان الشيطان ثالثهما .. ضحكت وقلت :هذا اضطهاد للمرأة قال .. وللرجل ايضا .. فالاضطهاد افضل من ان تمس النار جسديهما .. قلت : انت غريب الاطوار .. ومع هذا ساوافقك على مضض .
في اليوم التالي امتلك عبد الرحيم تفكيري .. لم استطع ان امنع نفسي من ذلك .. وخلال اليوم الخامس من تغيبي عن عملي اتصل بي راعي الكنيسة وقد حسبني مريضة فقلت له انني بخير .. ولكني لا اشعر بالرغبة في مغادرة المنزل .. فاحترم رغبتي وقال : هذي الامور هينة ولا تستعجلي .. عندما تريدين القدوم الى بيتك الثاني فاهلا وسهلا بك .. ثم جلست افكر فيما سوف افعله في الايام القادمة .
بعد بضعة ايام من اللقاء الثاني وجدت نفسي امام بيت عبد الرحيم .. طرقته ففتح الباب لي .. وعندما نظرت الى عينيه بكيت .. وسالت دموعي على عرض وجهي فقال لي : ما بك يا داينا .. هل اصابك مكروه .. قلت من خلال دموعي : لا .. وتجرأت فقلت .. لا انكر انني اشتقت اليك .. قال بجرأة ونظرة الاشفاق على شفتيه .. لا تقولي انك احببتني .. وفوجئت بما قال وانا احاول امتلاك رباطة جأشي : لا ادري .. قال : هل احضر الكراسي .. ولكني لم اجبه .. اندفعت الى داخل بيته وضحك طويلا ثم تبعني واحضر محرمة ورقية وسلمها لي وقال : امسحي دموعك يا داينا .. انها غالية علي .. وطرت من الفرح .. رأيت اجنحة من السعادة والمحبة تنفرد عل شعري الذهبي .. وتملكتني الرغبة في ان ادفن رأسي في صدره وابكي ثم ابكي .. ولكني تمالك نفسي عندما ابتعد عني قليلا وجلس قبالتي قائلا : داينا .. اتعرفين قصة رابعة العدوية .. قلت لا : قال : ساحكيها لك .. ولكني لم اكن على استعداد لان استمع الى شىء غير التفكير فيما اصابني .. فقد ارتعش جسدي كعصفور بلله القطر .. وطفقت ابحث عن نفسي في تلك اللحظة .. يا الهي : ما الذي اصابني .. هل جننت .. لماذا عبد الرحيم دون الكثير من الشباب الذين كانوا يتوددون الي .. وافقت على نفسي وهو يقول : رابعة العدوية كانت ذات عوج .. ترقص وتغني وتطرب السامعين .. ولكنها بعد ان عرفت الله غدت من اكثر النساء اللواتي قلن شعرا في محبة الله ورسوله .. قلت : بعد ان مسحت دموعي : حدثني عن حياتها بالتفصيل .. قال : في وقت آخر .. فانت متشعبة العقل في هذه اللحظات .. دعينا نجلس قليلا الى الشمس الساطعة في الخارج .. واحترمت رغبته وحملت معه كرسيا وحمل الاخر .. ثم عاد بالطاولة الصغيرة .. وكنت مذهولة لا ادري ما الذي يجري .. وكانت اول مرة اسمع منه اسمي الجديد ( رابعة) يا الله .. ما اجمل هذا الاسم .
اخوتي في الله :
اليوم يضم بيتنا طفلان .. احدهما حبيبتي نغم .. والاخر قرة عيني سيف الدين .. وقد نسيت ان اخبركم انني اكبر عبد الرحيم بثلاث سنوات .. فهو الان في الثانية والثلاثين .. اما انا في الخامسة والثلاثين .. *
ولكن السعادة التي اراها اليوم لم ترها سيدة في هذا الكون .. فانا سيدة بكل معنى الكلمة .. وامرأة عبد الرحيم بكل فخر .. فلا شبيه له بين الرجال .. والحمد لله على نعمته ..
• كانت في الخامسة والثلاثين .. وكان عبد الرحيم في الثانية والثلاثين قبل ثمانية وعشرين عاما