ملاك الخطيب..واغتيال الطفولة البريئة؟!

الجريمه (:::)
طلال قديح  * (:::)
على مرأى ومسمع العالم كله ، يتعرض الشعب الفلسطيني لهجمة شرسة لم تستثن أحداً من شروروها، اعمى الحقد المحتل الصهيوني، مغتراً بقوته، ومستنداً لتأييد أصدقائه وحلفائه من الغرب الظالم الذي كان السبب الرئيس في وجود هذه العصابات فأعطاها كل مقومات البقاء وأغدق عليها المال والسلاح بلا حساب.
لذا فإن معاناة الشعب الفلسطيني بكل شرائحه ، شيباً وشباباً، رجالا ونساء ، قد بلغت الأوج باستهداف الأطفال، فلم ترحم براءتهم،  ولم يرف لها جفن لبكائهم وصراخهم، ولم تحرك دموعهم شيئاً من إنسانيتها التي يفترض ألا يتجرد منها أيٌ من البشر.
مضت إسرائيل قدماً، متحدية العالم كله، بالتفنن في البطش والتعذيب ، فعرف أساليب جديدة استحدثتها وتفننت فيها بلا اعتبار للحقوق الإنسان التي شرعتها الديانات السماوية وأقرتها القوانين الدولية، وحرمت المساس بها مهما كانت المبررات
وما قضية الطفلة ملاك الخطيب التى أطلق سراحها، أمس، بعد سجن وتعذيب دام أكثر من أربعين يوماً-إلا دليل على ما بلغته قوة الاحتلال من بطش ووحشية فاقت طبيعة الوحوش المفترسة في الغابات!!
لو كانت إسرائيل تدرك أن تعدياتها وتجاوزاتها يمكن أن تجد عقوبات من الأمم المتحدة، لفكرت ألف مرة ومرة، قبل أن تقترف فعلتها الشنعاء. لكنها أمنت العقاب فأساءت الأدب، وتحدت كل المجتمع الدولي إدراكاً منها أنها مهما فعلت فرد الفعل لن يتجاوز الشجب والاستنكار ، وهي سياسة أدمنتها إسرائيل، مدركة أن القوي هو الغالب وهو مسموع الكلمة وهو الأجدر بالحياة، وليذهب غيره إلى الجحيم..!!
تعودنا أن يكيل العالم بمكيالين، أحدهما يرضي أصدقاءه وحلفاءه، مهما فعلوا، ويبرر لهم كل التجاوزات ولو فافت القدرة على الاحتمال أو تعارضت مع كل الحقوق والقوانين. والآخر الصمت المطبق، وغض الطرف وكأن شيئاً لم يكن..
تصورا  لو كانت الطفلة ملاك الخطيب ، إسرائيلية، فهل كان الغرب وأعوانه يمكن أن يسكتوا؟ والله، لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، ولصبوا جام غضبهم على رؤوس الفلسطينيين والعرب واتهموهم بكل الموبقات، ولأرغوا وأزبدوا ، وهددوا وتوعدوا بالويل والثبور وعظائم الأمور، ولملأوا وسائل الإعلام بالصور والتقارير التي تظهر بشاعة الأمر ووحشيته.
إن جريمة اغتيال براءة الطفولة في فلسطين المحتلة، أمر يميط اللثام عن الوجه القبيح للاستيطان، ويبرر ضرورة اللجوء إلى المحاكم الدولية لردع الجناة وإنزال أقصى عقوبة بهم.
وهل تدرك إسرائيل أن قسوتها بحق الأطفال لا تخدم السلام الذي تتشدق وتتغنى به، وتعمق العداء في قلوبهم، وتحرضهم على استمرار المقاومة لنيل الحرية والاستقلال.؟؟
كفى..كفى.. فقد بلغ السيل الزبى ، وتجاوزالأمر حد القدرة على الاحتمال!! وهنا السكوت جريمة لا تغتفر!!
إن الاستفبال الحافل لملاك الخطيب، والحشود التي احتضنتها ، وباهت بصمودها ووطنيتها وشموخها وتحديها ما يجعلها أنموذجاً عظيما لكل أطفال العالم، ومعلماً مشعاً على مسيرة النضال الفلسطيني التي ستتواصل حتى بلوغ الغاية وهي تحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

ولن ننسى ومعنا كل أحرار العالم ملاك الخطيب، وسيبقى اسمها وصورتها في قلب كل أطفال فلسطين والعرب بل وكل ألعالم، رمزاً للطفولة البريئة العاشقة للحياة والحرية، الرافضة للسجون والقيود…ولا بد للقيد أن ينكسر.
*كاتب ومفكر عربي  *14/2/2015م