التصنيف : القصة (:::)
خليل ناصيف – فلسطين المحتلة (:::)
أنهى الملاك عمله في وقت متأخر من ليلة الميلاد , فقد تبدد الوقت اثناء انهماكه بالعناية بادق تفاصيل العيد الصغيرة التي غفل عنها رفاقه وهاهو الان يجد نفسه وحيدا في مدينة الاجراس …. لايمكنه ان يطرق باب احد المنازل الدافئة حيث تجتمع الاسر حول شجرة العيد , ففي تلك المنازل غالبا تكون المقاعد جميعها محجوزة ولا مكان لزائر اضافي ….حتى سانتا كلوز سوف يعلق الهدايا في اماكنها ويمضي في عربته الباردة ,سانتا الذي لا يفكر احد بتقديم هدية واحدة له …. سوف يقضي ملاكنا الطيب ليلته في شارع ارضي بارد ويتدفأ هذه المرة على الفرح المتسرب من البيوت …. مثل كل سنة سوف تقضي ليلة الميلاد وحدها ايضا, فمنذ سنوات طويلة لم تعرف معنى الدفء في العيد…مدفأة الروح لا تشتعل لوحدها والبرد احساس لا يمكن للمرء ان يعتاد عليه …. الوجود في المنزل يذكرها بالبرد الوقح الذي يسكن مكانا ينبغي ان يكون مملكتها الدافئة , هاهي تهرب الى الشارع حيث يبدو البرد في سياقه الطبيعي ومكانه الطبيعي … – ” سانتا سانتا …. اليس في جعبتك هدايا من نوع اخر ؟..نوع بالامكان ان يشاركني ليلة العيد … سانتا سانتا الا تتنازل وتقضي معي خمس دقائق على سبيل الترضية ؟؟…”..لكن سانت كان مستمرا في مشاغله الكثيرة وهداياه التقليدية التي لم تعد من حق الفقراء في الاونة الاخيرة ….الفقراء بمختلف انواعهم طبعا . بامكاني ان اقول ان صديقتنا التقت الملاك الطيب اثناء تسكعها في المدينة قبيل منتصف الليل وانها دعته لبيتها وقضت معه ليلة جميلة وقعت فيها بالحب وودعته في صباح اليوم التالي وهي غافلة انه كان مجرد ملاك تائه …سوف تكون النهاية جميلة بمقدار ما هي بعيدة عن الحقيقة .. وبامكاني ايضا ان اقول انهم في صباح اليوم التالي عثروا على جثة امرأة تجمدت بردا على احد الارصفة وان الملاك نفض الثلج عن ملابسه وغادر دون ان يلتقيان ..سوف تكون النهاية حزينة جدا وغير واقعية … بما ان صديقتنا كانت موجودة في منزلها في صبيحة اليوم التالي وحيدة بامكاني ان اقول انها التقت الملاك التائه وقبل ان تنبهر كثيرا بالامر وتقع في حبه اخبرها انه يوجد الكثير من الملائكة التائهة في الشوارع كل يوم وانه سيعود الى عمله في الصباح وربما تلتقيه من جديد وربما لا تلتقيه ولكن الامر الوحيد المؤكد ان الحياة سوف تستمر وانه سوف تلتقي ملاكا تائها من وقت لاخر بشرط ان تخرج في ليلة الميلاد للتسكع وحدها في المدينة وقد يقع هذا الملاك في حبها ولكنها اذا بقيت في البيت فلن تلتقي احدا ….عموما ساعتها لن تحتاج للقاء اي ملاك متشرد فلن يبقيها في البيت سوى ملاكها الخاص الذي سوف تكون قد وجدته اخيرا … بعيدا عن الملائكة التائهة وبابا نويل وكل قصص الحب تبقى الحياة عيدا رائعا مستمرا يزداد بهجة وقد يزداد حزنا في ليلة الميلاد …وعندما تمشون في شوارع المدينة ليلة العيد وتشاهدون بعض الملائكة التائهة قدموا لها بعض الحلوى والحب .. وادعو بابا نويل لاستراحة قصيرة وساعدوه قليلا واظنه ان سيرحب بالفكرة سيسره ان نهديه هدية صغيرة …ربما معطفا ازرق مثلا فلعل الرجل يشعر بالملل من معطفه الاحمر من يدري !…
———- خليل ناصيف
رام الله – فلسطين