فن وثقافة (:::)
طلال قديح* (:::)
مع الطفرة الإلكترونية التي استحوذت على كل ما يشهده العالم اليوم من تطورشامل ألقى بظلاله على كل شيء في الحياة، أصبح الأمر يقاس سلباً أو إيجاباً في كل المجالات بما قطعته في مضمار التكنولوجيا الحديثة التي فاقت الممكن إلى الخيال.
وكان للإعلام دور السبق في تسخير الشبكة الإلكترونية خدمة لرسالته، والاستفادة القصوى في إيصال الخبر والمعلومة ، وبأيسر السبل للقارئ حيثما كان, وفي أي زمان.
استُبدلت الصحف الورقية بمواقع إلكترونية تضطلع بمهامها وتخدم نهجها وتوجهاتها على نطاق أوسع وأشمل، تناغماً مع العصر المعاش.
ومع ذلك كله فإن الكتاب الورقي لم يتخل عن دوره المميز الذي ظل يقوم به منذ مئات السنين، وبقي النبع الذي لا غنى عنه، للعلوم والمعارف، ومرجعاً يهرع إليه وقت الحاجة، بلا كلل أو ملل.
وانطلاقاً من أهمية الكتاب، ودوره التاريخي الذي لا يمكن إلا أن يظل ملتصقاً به مهما كانت وسائل المنافسة الحديثة، بدأت فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب،الذي تنافست فيه كثير من دور النشر والمكتبات، بعرض عناوين كثيرة في مختلف المعارف والعلوم، التي ترضي كل القراء على أختلاف مشاربهم واهتماماتهم.
افتُتح الكتاب بالقاهرة التي ظلت عبر تاريخها تحتضن الكتاب وتوفره لكل طالبي المعرفة، وشهد المعرض إقبالاً كبيراً يؤكد أن الكتاب لم يتخل عن رسالته وإن اشتدت المنافسة في هذا العصر.
وتحت شعار “الكتاب هديتك” ، انطلق المعرض ، حاثاً رواده على شراء الكتاب وإهدائه للأصدقاء كأفضل هدية مفيدة وخالدة.. وغصت قاعات المعرض بالرواد الذين توافدوا من كل حدب وصوب، فتمت لقاءات ، ودارت مناقشات تدلل على التفاعل مع هذا المهرجان المعرفي الكبير.
تفاوت الرواد بين الشيوخ الذين أدمنوا حب الكتاب وكان على الدوام الصديق الدائم والرفيق الملازم، ونهلوا منه ثقافاتهم ومعارفهم التي أضاءت لهم الطريق، وصقلت عقولهم، ونمّت إبداعاتهم.- وكان هناك الشباب الذين ترسموا خطا الجيل العظيم من الأدباء والشعراء والعلماء، واتخذوهم مثالاً يًحتذى وبه يُقتدى.
التقى المرتادون الذين امتلأت بهم قاعات المعرض- التقوا جيل العباقرة أمثال طه حسين والعقاد والرافعي والمنفلوطي والزيات وتوفيق الحكيم وشوقي وحافظ وأحمد أبو شادي وإبراهيم ناجي وجبران وإيليا أبو ماضي ونزار قباني وعمر أبو ريشة والجواهري و..و..الذين ماتزال كتبهم ودواوينهم زاداً معرفياً متجدداً لكل الأجيال.
وهكذا لم تخبُ جذوة الاهتمام بالكتاب بل ظلت متأججة، متوهجة، تضيء الطريق أمام عاشقي المعرفة الذين لا شيء لديهم أثمن منها مهما كانت المستجدات..و”قديمك نديمك”.. وخير جليس في الزمان كتاب.
وبهذا ودائماً تبقى مصر وفية لدورها ، مصدر إشعاع، ومنطلق كل إبداع، وهذا من اللزوميات التي لا تحيد عنها وتفخر بها مهما كانت الصعوبات..إنها مصر أم الدنيا ،والأم الرؤوم الحنون ، وفضلها عطيم يتجدد على مر السنين.؟!!
•كاتب ومفكر عربي