مستقبل المنطقة و حزب الله في الأغوار- بقلم : عدنان الروسان – الاردن ..

فلسطين …. دراسات ….
بقلم : عدنان الروسان – الاردن ……
قد لا يختلف اثنان من المحللين السياسيين او المهتمين بالشأن العام على أن السمة السائدة في المشهد السياسي و الإجتماعي العربي في السنوات العشر الأخيرة تحديدا هي الخوف . فالشعوب تخاف من الأنظمة الرسمية خاصة و أن القمع الرسمي وصل حد استعمال السحل و القتل و النشر مع استثناءات قليلة جدا أكتفت بها بعض الأنظمة بالسجن و الإبتزاز الجنسي و المالي و الزعماء العرب يخافون من شعوبهم خاصة بعد أن رؤوا النتائج التي تمخضت عنها ثورات بعض الشعوب العربية في سوريا و ليبيا و مصر و تونسو اليمن و السودان و غيرها و يخافون من حلفائهم الغربيين الذين سيسقطونهم في أي لحظة يتوقفون بها عن الطاعة العمياء للسياسات الأمريكية و البريطانية و الفرنسية و الدول الغربية الثلاث و التي هي وحدها تمسك بزمام سياسات المنطقة تخاف من المد الإسلامي الحقيقي لذلك قاموا بحملات بروباغندا واسعة و مكلفة جدا حتى تم تعهير كل القيم النظيفة للإسلام و وصموا الإسلام بالإرهاب و التطرف و بات الإسلام تهمة في الغرب و الحجاب جريمة تعاقب المرأة التي ترتكبها و صار الغرب يحارب كل محاولة جادة لقيام تيارات اسلامية سواء كانت دعوية او سياسية او مسلحة كما يحارب أي دولة تتبنى الخطاب الإسلامي.
بالمقابل دول الغرب الرأسمالي أخرجوا من عبائتهم السحرية المليئة بالمفاجئات مواضيع حوار الأديان و هو موضوع غير علمي و لا منطقي و لا يمكن أن يكون له قواعد يرتكز عليها ، حوار الأديان بين من و من ، من هم الذين يمثلون الله في الأرض و يفاوضون نيابة عن المؤمنين من كل الأديان و لو افترضنا أن هناك ممثلين فمعنى ذلك أن الأديان قابلة للتفوض و التنازل لبعضها البعض و بالتالي ايضا فإن الأديان ليست من وحي الله العلي العليم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و أن الشيوخ و الكهنة و الحاخامات يمكن ان يصححوا ما أخطا به الوحي ، هذا هو السحر الغربي الذي يخضع كل شيء للعقل رغم معرفتهم أن حدود العقل لا تتسع لكل شيء و هذه قاعدة يرسوننا اياها في الجامعات الغربية .
الغرب يهمه النفط و الثروة و المال و الأسواق إذا تركته يحصل على كل ذلك فهو صديقك و دائم الإبتسام و التودد و إذا ترددت كشر عن انيابه و قد فضح الخلاف الفرنسي الإيطالي في الموضوع الليبي الجشع الإستعماري الفرنسي حيث قال وزير الخارجية الإيطالي أن على فرنسا ان تتذكر اننا نعلم أنها تطبع عملات أربعة عشر دولة افريقية و تستبقي نصف تلك تلك العملات عندها و تحت تصرفها اضافة الى أنها تمتلك المطبعة و الدول الأفريقية لا تمتلك اي سيادة على مقدراتها ، فرنسا تشتري الحديد من موريتانيا و غينيا مجانا و تعيد تصديره الى تلك الدول باسعار خيالية ، هذا مثال واحد و اذا أردنا أن نتحدث عن أمريكا فيكفي ان نستذكر خطابات الرئيس الأمريكي العلنية جدا و على شاشات التلفزة العالمية كيف انه يتصل بملك السعودية و يأمره بالدفع و إلا فإنه سيكون فريسة لإيران ، تهديدات كيف تتقبلها السعودية لا أحد يدري.
كل هذا قد لا نختلف عليه كما قلنا..
السمة الثانية التي يمكن أن نتفق عليها أن بين الأربعمائة مليون عربي هناك أكثر من الثلثين يعيشون تحت خط الفقر و يتسولون الخبز و بعضهم يموت من الجوع ، ثلاثة أرباع مصر و تسعة أعشار اليمن و نصف ليبيا و ربع السودان و الفلسطينيون و الأردن و لبنان و سوريا و حتى بعض دول الخليج رغم أن لدينا من النفط و الغاز و الثروات ما يكفي كي نكون أغنى أمم الأرض على الإطلاق ، هذا الفقر أنتج كراهية و تطرفا و هذا الجوع أنتج ثورات و احتجاجات و التطرف ليس بسبب الدين بل بسبب الفقر و الجوع و بسبب سرقة الغرب لثروات العرب و بسبب حياة الزعماء العرب التي تشبه حياة الأباطرة و البذخ الذي يعيشون فيه يكفي لتغيير حياة شعوبهم لكنهم لا يأبهون لشيء الا لشهواتهم و بقاء عروشهم و حمايتها بالجند و العسكر و العسس.
المنطقة يسودها هدوء نسبي رغم الحرب الليبية و اليمنية لكن الناس يعيشون تعلى صفيح ساخن و الحكام يرقصون على رؤوس الثعابين كما كان يقول علي عبدالله صالح ، التجربة اللبنانية التي قام بها حزب الله و تمكن من فرض ارادة لبنان على اسرائيل و تمكن من الهروب من الضغوط الأمريكية و تمكن من خلق حالة ردع تكاد تكون استثنائية في المنطقة و بات أقوى من الجيوش العربية كلها في مواجهة اسرائيل ، هذه التجربة و إن بصمت باتت موضع نقاش هامس بين النخب و العامة و قد تكون ملهمة للبعض للقيام بتجربتها في أماكن أخرى مما سيكون له أثر كبير في تغيير حتى الجغرافيا السياسية إن نجحت مشاريع من هذا النوع.
نحن لا نستطيع الحديث كثيرا و تفصيلا في الموضوع عن مستقبل غور الأردن و البيئة التي يوفرها في المستقبل لعمل قد يغير شكل المنطقة إن تهيئت الظروف لأن البعض قد يعتبر ذلك تحريضا فالفرق بين التحليل السياسي و التحريض صار يفصله شعرة دقيقة عند البعض غير أنني أرى أن اسرائيل سوف تكون في اضعف حالاتها لو تحققت الحالة اللبناني في الجنوب في غرب الأردن ، و قد تصل الدولة نفسها الى مرحلة تكون فيها مضطرة لإغلاق عينها عن مثل ذلك العمل اذا ما بقيت اسرائيل مستمرة في مشاريع تهويد فلسطين كلها و تهديد الوطن الأردني و الإستثمار في تعاسة الأردنيين و فقرهم و جوعهم و ذلهم أمام الهيمنة الإسرائيلية الوقحة.
ربما صار المقال طويل على القراء الذين لا يحبون القراءة كثيرا لكنني سأعود للموضوع لإستكمال الفكرة و توضيحها ، فحزب الله في غور الأردن سيقلب معادلة التطرف اليهودي الحاخامي الإسرائيلي و سيغير كل المعادلة بالنسبة لفلسطين و الأردن.
adnanrusan@yahoo.com