مراهق صيني يساعد طيور الظلام

 

الرابط : اراء حرة (::::)
بقلم: د. وجيه الجوهري- الولايات المتحدة الأمريكية: (::::)
يبدو أن الصينين أرادوا أن ينتقموا من تدمير تمثال بوذا في أفغانستان الذي دمرته الخبرة الطالبانية-المصرية كما أدعي خبير تدمير تمثال “هبل” المدعو مرجان الجوهري.  ونظرا لصعوبة المخطط قرر المراهق الصيني أن يحفر اسمه على إحدى اللوحات الجدارية البارزة أو ما يعرف بالنحت البارز. عبارة المراهق الصيني التي انتشرت انتشارا عظيما في أرجاء المعمورة ولاسيما في دولة الصين ماهي الا ” دينغ شينهوا كان هنا”  يا فرحة أمك بيك يا دينغ يا ابن أم دينغ. الصورة التي نشرت مؤخرا  وبالتحديد يوم الجمعة المنصرم ما هي الا شهادة وفاة أخرى للدولة المصرية الحديثة وشهادة ميلاد لجهل الجهال في الصين التي تتسابق يوما بعد آخر لتثبت للجميع انهم سياح من الدرجة الثالثة أو “الترسو”.
في مصر الوضع السياحي من سيء الى أسوأ.. فقد سقط السائح المثقف سواء كان أمريكيا أو أوروبيا ليحتل مكانه سياح من فئة الطرشي  والحواوشي.. سياح من الفئة الصينية والروسية والإيرانية! طبعا السائح المحلي لا يغني ولا يشفع  ولا حتى ينفع من جوع.. فالانسان البسيط هناك، أي في مصر، أنهكته الحياة فلم يعرف عن السياحة الا نزهة على ضفاف النيل أو جولة في السيدة والحسين.. وإذا شعللت  وولعت ولعبة في الرأس فلا بأس من رحلة الى سفح الهرم أو حديقة الحيوان. سياسة الدولة وظروف المجتمع لا تساعد الشعب المصري أن يتقرب أو يتصافح مع تاريخه الجميل. أشهد الله وإياكم أني أخجل أن أقول  وأعترف بأني حتى هذه اللحظة لم تسمح الظروف لي زيارة مدينة الأقصر التي تقع في جنوب مصر أو كما تعرف بالانجليزية “أعالى مصر”.  اذا كان هذا الأرعن الصيني ابن الخامسة عشر عاما أو كما يحلو للبعض تسميته بابن ستين “دوج” تمكن من زيارة الأقصر في هذا السن المبكر وهو لا يعي أهمية الآثار المصرية فيجب أن نبكي على حالنا الذي لم يسمح لي شخصيا بالقيام بهذه الزيارة.
الوضع في مصر يذكرني برواية “العمى” للكاتب البرتغالي “جوزيه ساراماغو”، الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 1998..هذا “العمى” نشر في سنة 1995، وهي  رواية تحكي عن استشراء “العمى” في مدينة مجهولة الهوية ولكننا نتحسسها في كل مكان عايشناه في الوطن العربي.. هذا العمى انتشر مثل الطاعون العاصف الذي أصاب المدينة بأكملها. طبعا.. العمي بالنسبة ل”جوزيه ساراماغو” لم يكن الا الجهل! الجهل الصيني- المصري هو جهل عالمي يدعو لصحوة وتنوير. أطالب من خلال هذه النافذة أن تتقدم الصين بتكلفة ترميم العمل الأثري الكائن في مدينة الأقصر.. هذه المدينة التي تمتلك ثلث آثار العالم. أما بالنسبة للحكومة المصرية فعليها أولا تنشيط دور جمعيات أصدقاء السائح، فرض مزيد من الحراسة، وكذلك وضع كاميرات مراقبة.
أتذكر أنه تم توقيفي في روما لأني استخدمت فلاش الكاميرا بدون قصد، وكذلك لمسي لإحدى اللوحات الفنية في متحف الفن في واشنطن، وكذلك وهو الأهم مطالبة مديرة “سوبر ماركت” في مدينة المنصورة المصرية  أن أعطيها هاتفي!! السبب هو تصويري للمتجر أو بعض منتجات المتجر  بدون إذن! الصورة التي أخذتها كانت عبارة عن بطة مصرية.. أقسم بالله أنها لم تكن فرعونية، ولم يكن عمرها 3500 سنة، بل كانت بطة صغيرة ومتوسطة العمر! ربما يكون السبب هو أن البطة كانت عارية  تماما اللهم الا من ورقة السعر والمنشأ.. الحمد لله لم تكن من مزارع الصين! على الرغم من أن مديرة السوبر ماركت كانت تتمتع بقدر كبير من الوقاحة وقلة الزوق الا أنني أطالب بتعينها فورا في مدينة الأقصر كي تواجه هذا الزحف الصيني الغير متحضر.
حادثة الأقصر لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة وخاصة بعد أن عرفنا أن حادثة مشابهة حدثت في تايوان سنة 2009! تسبب الحادثان في حرج كبير لكل الصينيين.. الا أن بعض الصينين أخذوا على عاتقهم ضرورة فضح  وتعقب مرتكب حادث الأقصر الأمر الذي طال الموقع الالكتروني  الخاص بمدرسة المراهق الصيني الذي يبلغ من العمر خمسة عشر خريفا.
أدانت وسائل الاعلام الصينية ما فعله المراهق الذي كان برفقة والديه اثناء تواجدهما في رحلة سياحية في ربوع  مصر المحروسة. وطبعا أفاقت الأم بعد خراب مالطة لتعتذر للشعب المصري ولكل صيني عرف أو أهانه فعل الفتى المدلل. أما الأب، فقد طالب الجميع بالرفق بابنه فهو لا يستحق كل هذا الهجوم!! طبعا الأب على حق! فما الذي سيضير مصر، فمصر تعيش فوق موروث فرعوني كبير! موروث يطالب البعض بتدميرة والتخلص منه لأنه بسبب بسيط موروث آل فرعون وليس آل سعود.. موروث الكفرة الفجرة الذين دعو لعبادة كل أنواع الحيوانات والشمس.. وكذلك  موروث أناس طردوا نبي الله موسى. أخيرا.. أقول لجوزيه ساراماغو إن العمي الذي خرج من روايتك قد أصابنا في مقتل. ولكن..  ليس العمى عمى الأبصار ولكنه عمى القلوب. ألا لنا من أفئدة ترى ؟!  سؤال قد لا يحتاج إلى إجابة وخاصة إذا بقينا على حالنا نصير نسير مثل الطرشان في طريق الكباش.
___________________________
welgohary@capellauniversity.edu