ماكيير مريض

فن وثقافة (:::)
بقلم : خليل ناصيف – فلسطين المحتلة (:::)

(1)

أزاح صديقي رقعة الشطرنج جانبا بينما كنت في (الكريدور ) أراقص أم أربعة وأربعين عملاقة في تانجو لا ينتهي , ولابد أنها كانت رقصة طويلة جدا بحيث توقف عزف الموسيقى , وبدأ العازفون يخرجون من أجهزة التسجيل ويقطَعون جسد الراقصة بسكاكين الفاكهة …..

عبرت (الكريدور ) قبل أن ينهي صديقي نصف ساندويتش النقانق , كنت أظنني نجوت من تلك الرقصة الشيطانية بينما تحولت أرجل الحشرة العملاقة الى أربعة واربعين ساحرة شريرة في ثياب رقصة الفالس يضحكن ساخرات من الشريك المحتمل الوحيد قرب باب الخروج !..

(2)

التقى فرنكشتاين بماكيير مريض , وبما أن الندوب وآثار القُطَب على وجه الوحش كانت عميقة بحيث يعتبر التعامل معها بأدوات المكياج العادية أمرا عديم الجدوى , إستخدم الماكيير فراشِ دهان لتغطية وجه الوحش في عمل يتطلب عمق التغطية أكثر مما يتطلب مهارات خاصة.

بعد سنوات استغنى فرنكشتاين عن خدمات الماكيير الذي فقد مهارته في عمل المكياج ونسي كيفية استخدام الادوات الدقيقة وتحول لمهنة طلاء السفن المثقوبة التي تشبه وجه عميله السابق.

فرنكشتاين لم يجد طريقة لازالة طبقات الطلاء الهائلة عن وجه وحشه المسكين أما أنا فكثيرا ما أشعر بأنني أمشي على وجه ذلك الوحش المطلي وفي أحسن الاحوال التقي بنسخ صغيرة منه , لست حاقدا على الوحش ولكنني كلما زرت ميناء أبدأ بالبحث عن الماكيير الشرير الذي يصنع للوحوش وجوها جميلة !.

(3)

لم تغطَ مصاصة الدماء وجهها ,حتى انها لم تحاول تمويه بشرتها الشاحبة ولو بقليل من المكياج , نظرت الي بعينين من نار , لم أكترث كنتُ أتساءل عن الشيء الذي تغير بحيث صارت الساحرات يخرجن سافرات الناب بدون التفكير بالتنكر بهيئة قطة
أو هيئة إمرأة قطة مثلا …

وعبرنا اللحظة كل في اتجاه
أصفَر لحنا مرحا
ومصاصة الدماء جائعة لخوفي .
(4)

ترِك ترِك ترِك
صرير دفتي الباب يَفُض إشتباك القطتين تحت شجرة الليمون
أعبر بينهما بهدوء قطة فارسية
الى الشباك المكسور حيثُ يجفُّ قلبكِ .

دمّرتُ مساء الاشباح الذين يلعبون البوكر
وأرجعتهم الى قبور حبيباتهم النائمات .
شربتُ الماء الراكد من الهاون النحاسي وحطمت رأس التمثال الذي كان يردد تعويذة الحماية ..

في نصف المنزل الميت تنمو الاشجار المغبرة
وتخترق جذورها البلاط , حيث تمتد الخيوط الى أجساد الناس الذين يسكنون الطابق السفلي .

خيط يمتد الى رأسي .
وقتي قصير
أريد امرأة تنقي عني بذور الاشجار الميته ..

انتهت

خليل ناصيف
رام الله
nasif.khalil@gmail.com