فن وثقافة .,….
بقلم: د. وجيه الجوهري- فلوريدا:
مما لا شك فيه أن اللغات تتطور بتطور الزمان والمكان بارتقاء وشموخ وهيبة، فلغة الجاحظ تختلف جملة وتفصيلا عن لغة البغل أو الجحش (أشهر بائعي فول وطعمية في ربوع مصر) وإن إختلفوا زمانا ومكانا..التغريب قد يثري وقد يفسد اللغة وربما الاثنان في آن واحد. فالسندويتش الذي حير جهابذة اللغة ضاع أمام رغبات العامة، فضاع الشاطر والمشطور وبقي السندويتش لسهولته وبساطته في التواصل، وكذلك الحال بين الانترنت والشبكة العنكبوتية، والكمبيوتر والحاسوب وغيرها من عبارات التكنولوجيا بسبب التغيب العربي في مجال التكنولوجيا. الجهل باللغة جعل دورها غير فعال تحت ظل غياب الاسرة والحكومات العربية التي لا تقارن بدور الصين أو الكيان الصهيوني الذي يثري ويعزز اللغة الصينية أو العبرية من خلال برامج تثقيفية لذويهم في دول المهجر..
في الولايات المتحدة انتشرت برامج اللغة العربية في الجامعات والمعاهد وبعض المدارس في ولايات عدة إلا أن القائمين على هذه البرامج زادوا من الغزل شعرا فتطورت البرامج من العربية الفصحى للغات الدارجة والمحكية بين العوام فانتشرت اللهجات الشامية والمصرية والعراقية.. وقامت بعض الحكومات العربية بانشاء برامج وتطبيقات لإحياء اللغة الأم بين المغتربين في المهجر.
انقسم الدارسون بين تعلم اللغة العربية الفصحي التى تمثل لغة الأصولية والتزمت في كل أشكالها سواء كانت الجهادية والدواعشية واللغة الدارجة المحكية لغة اليسا ونانسي عجرم وحمو بيكا..الدارسون هنا في الولايات المتحدة إما طلاب عجم من أصول غربية أو طلاب متغربون من أصول عربية سواء كانوا من الجيل الأول أو الثاني أو الجيل المنسي..كيف يمكن تشجيع عرب أمريكا أن يتواصلوا مع لغتهم الأم أكثر من تواصلهم مع الفلافل والحمص وبابا غنوج؟ تعلم اللغة العربية أمر مهم ولا يمكن إضعاف شوكتها لما للغة من دور هام من الناحية الدينية والثقافية. فعلينا أن نٰبلغ ولو بآية ونعلم ولو بكلمة.. وكم هو أفضل أن تبلغ ولو بكلمات.. كلمات نزار قباني وشاديته ماجدة الرومي.
هل حان للعصر العباسي أن يعود مرة ثانية؟ لا أقصد داعش من قريب أو بعيد بل أقصد عصر الجاحظ وابن قتيبة والمبرِّد.. ذلك العصر الذي ازدهر فيه الأدب العربي وتناغمت فيه اللغة العربية مع نسمات ربيع الرقة والبلاغة في التعبير من سجع ومرادفات واضداد وتميز نحوي خال من التلحين.
أخيرا.. بلغوا عني ولو كلمة في مجتمع أمريكي تعاني فيه العربية من تغريب ووحدة، بل في مجتمعات عربية سيقت بمرادافات الجوجل والتيك توك والفيس.. وعلى رأي العلامة أبو الليف ” أنا مش خرونج.. أنا كنج كونج”.. رحم الله لغة القرآن ورحمنا من التهميش والتغريب للغتنا الأم والأب معا!