كردستان والتجربة الاسرائيلـــيـــة – بقلم : رئيس التحرير

كلمة رئيس التحرير …
بقلم : وليد رباح
أحدثت الاختراعات العسكرية في عصر التكنلوجيا ثورة  في تعداد الجيوش الحديثة انعكست على الكيف وليس الكم .. بحيث استطاع جيشا تعداده قلة .. ان ينتصر في معاركه على جيش تعداده يفوق اضعافا مضاعفة  من الجيش العدو .. واصبح الصاروخ العابر والقنابل الذكية والعنقودية وسلاح الجو واختراق الاجواء والطائرات المسيرة هو المؤول الوحيد في تحقيق النصر .. ولم تعد الكثرة العددية تؤثر تأثيرا فاعلا ان كانت غير متسلحة باحدث انواع التكنولوجيا ..
ورغم ان تلك الاسلحة لا يمكن ان تحتل الارض الا بالجيوش المؤللة وباعدادها .. فان مهمة التكنولوجيا الحديثة تعتمد على شل قدرة الجيش العدو بتدمير معداته حتى ولو كانت بدائية .. وافراده ان كانوا مؤهلين للقتال .. ومن ثم يأتي دور القوات الراجلة لكي تفتح لها الطريق للتقدم لاحتلال الارض والاستيلاء عليها باسهل الطرق .
ورغم ان تلك التكنولوجيا باهظة التكاليف .. الا انها في هذا العصر توزع بالمجان تحقيقا لسياسة الدول المصدرة .. مع علمنا بان انتاج تلك الاسلحة التكنولوجية في كثير من البلدان المنتجة .. ليست انتاجا عسكريا بل انها شركات مدنية تتعاقد مع الدولة لتسديد النفقات التي توزع فيها الاسلحة على مدار هذا العالم .. اي ان الدولة التي تريد تحقيق سياسة ما في دولة ما .. تدفع نفقات تلك الاسلحة المتقدمة من موازنتها  الخاصة . واكثر ما يتجلى ذلك في التجربة الاسرائيلية .. (التي تنبهت الى هذا الامر منذ بداية احتلالها لفلسطين او ما قبل ذلك عندما كان فيلقها يقاتل الى جانب الحلفاء والذي كان له السبق في التغلب على الجيوش العربية التي كانت اسلحتها بدائية ).. وعزفت عنه الدول العربية مجتمعة .. لعلمها ان الكثرة العددية يمكن ان تحقق النصر مع اسلحة متخلفة . فاصبحت تلك الدول مستوردة لتلك التكنولوجيا بحيث تدفع مئات المليارات من الدولارات للدول المصدرة .. ولكنها في النهاية تحصل على اسلحة قد نزعت منها التكنولوجيا واصبحت اسلحة عادية وكأنها انتجت ايام الحرب العالمية الثانية .
ولم تكن الاسلحة التي تستوردها الدول العربية كلها متخلفة .. بل قامت الدول المصدرة حسب مصلحتها السياسية بتزويد بعض الدول باسلحة متقدمة تكنولوجيا .. ولكن العدد الذي صدر اليها يكفي للدفاع عن نفسها فقط ولم تكن مؤهلة لكي تكسب الحرب .. بحيث يطول امد الصراع ولا يحقق اي طرف نصرا اكيدا لكي تظل مليارات الدولارات تضخ الى موازنات الدول المصدرة .. وهذا ما نراه في اليمن وسوريا وليبيا والدول العربية الاخرى التي لا يحسم فيها الصراع لصالح احد الاطراف المتنازعة .
من هذا المنطلق .. نرى ان الدولة الكردية القادمة .. قد استفادت كثيرا من التجربة الاسرائيلية في نزاعها مع العراق .. وربما مع الدول المجاورة التي قررت ان تمارس الحصار على الدولة الوليدة واهمها العراق و تركيا وايران .. ولم تقتصر التجربة الكردية على الناحية العسكرية .. بل استفادت الدولة التي لم تقم بعد ( ولا تعني نتيجة الاستفتاء قيام الدولة ) استفادت.. من التجربة الاسرائيلية في الحصار .. فقد أقرت الدول العربية جميعها بعد احتلال فلسطين ان تقاطع اسرائيل اقتصاديا .. ولكن اسرائيل استطاعت ان تكسر هذا الحصار بتعاونها مع دول الغرب خاصة وان موانئها تطل على اوربا واجواءها مفتوحة على العالم .. لذا فان كردستان ان قامت .. سوف تعاني مبدئيا من هذا الحصار ولكنها في النهاية بتعاونها مع العديد من الدول .. وخاصة اسرائيل .. سوف تحل المشكلة مستفيدة من التجربة الاسرائيلية . وكلنا يعرف ان اسرائيل لها يد طولى في تحريض الاكراد على قيام دولتهم كي تصبح مسمارا داخل الوطن العربي بكامله .. اذ سيحذو حذوها الكثير من الفئات سواء كانت قومية او طائفية ..
وما يحدث الان من منازعات بسبب استقلال الاقليم الكردي .. ومناهضة الكثير من الدول له .. سوف يتضاءل رويدا رويدا كما تضاءل يوم قامت اسرائيل بحل مشاكلها الاقتصادية والتكنولوجية .. بالانفتاح على العديد من الدول التي كانت علاقاتها تقوم مع اسرائيل ومع الدول العربية الاخرى على حد سواء . وذلك بمساعدة سرية وبعضها علني مع بعض الدول العربية التي رأت ان تستكين للمصالحة خاصة بعد حرب 67
الا انه من الممكن ان يصل الامر الى التدخل العسكري من بعض الدول وخاصة من العراق وتركيا وايران .. وهذا لن يجلب الحل .. لسببين .. اولهما ان البيشمركه الكردية تسلحها دول الغرب وخاصة امريكا باحدث انواع التكنولوجيا العسكرية مع مستشارين عسكريين اسرائيليين كما يشاع ..  وستظل الحرب تراوح مكانها دون ان ينتصر احد على الاخر .. وثانيا : لان ذلك يفتح بابا واسعا للعديد من الدول التي لها مصلحة ان يظل الصراع قائما ان تؤيد هذا مرة وتؤيد ذاك مرات .. لادامة الصراع وكسب الاموال .
نخلص في ذلك الى نتيجة  .. ان الصراع القائم حاليا لا يمكن ان ينتهي الا بان يخلص الطرفان .. اقليم كردستان والعراق .. الى حل مشاكلهما دون ما يسمى بالاستقلال والحلول العسكرية .. ونحن لا نتمنى لاخوتنا الاكراد جوعا ومعاناة اقتصادية .. بقدر ما نتمنى ان تكون قيادته عاقلة لحل مشاكلها ليس بالطريقة التي تقوم الان .. ولكن بالتفاهم رغم ما بينهما من خلافات .. فلا بد ان يجدا حلا يمكن ان يرضي الطرفين .. ونتمنى ان لا يحدث الصراع العسكري الذي سوف يطول حتى يقضى على الاقتصاد لكليهما . ويجذر الكره والعداوة ربما لاجيال عديدة قادمة .