دراسات …
بقلم : نواف الزرو – الاردن …
في الذكرى الخامسة بعد المائة على وعد بلفور الاجرامي، تركز الكتابات والمذكرات والمداخلات المختلفة الى حد كبير على دور بريطانيا في اغتصاب فلسطين، وعلى “مطالبة الحكومة البريطانية بالاعتذار والتعويض للفلسطينيين”، وستستمر مثل المطالبات حتى يتحقق الهدف، فهل يحصل ذلك يا ترى….؟!
في هذه المسألة وهذا المضمون كان أفي شلايم(هو مؤرخ يهودي عراقي يحمل الجنسيتين البريطانية والإسرائيلية، أستاذ علاقات دولية في جامعة أوكسفورد، وأحد المؤرخين الجدد قد فتح” في الغارديان -23/06/2020″، ملف “وعد بلفور” من جديد وفي غير مناسبته وموعده السنوي، ولكن استحضره بمناسبة مخطط “السطو-الضم الصهيوني لمنطقة الاغوار وشمالي البحر الميت وتكتلات المستعمرات…الخ، فقال:”إذا كان هناك وقت لإعادة البحث في الميراث والمسؤوليات الاستعمارية، فالآن هو الوقت المناسب، وسرقة فلسطين من الفلسطينيين جزء من هذا الإرث، في 2 نوفمبر 1917 أطلق وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور إعلانه الشهير بدعم وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”، ويضيف:”لقد مكّن وعد بلفور الحركة الصهيونية من مباشرة الاستيلاء الممنهج على فلسطين، في عملية وصفها الصهاينة أنفسهم في البداية بأنها استعمار استيطاني، وما زالت تلك العملية مستمرة، ففي عام 1917 كان اليهود يمثلون 10% من سكان فلسطين أما البقية فكانوا عربًا، ومع ذلك اعترفت بريطانيا بهذا الحق الوطني لأقلية صغيرة وحرمت الأغلبية منه، وفي عام 1917 كان اليهود يمتلكون 2% فقط من فلسطين، وفي عام 1947 اقترحت الأمم المتحدة تقسيم أراضي الانتداب البريطاني في فلسطين إلى دولتين، واحدة للعرب وأخرى لليهود، وفقًا لهذه الخطة تم تخصيص 55% من الأراضي لليهود رغم أنهم كانوا يملكون 7% فقط، وفي حرب 1948 توسعت دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تأسست حديثًا لتسيطر على 78% من الأراضي الفلسطينية، وتم تأكيد هذا الوضع في اتفاقية الهدنة عام 1949 التي أجرتها “إسرائيل” مع جيرانها العرب، وأصبحت هذه الحدود الوحيدة المعترف بها دوليًا. وفي حرب يونيو عام 1967 استمرت “إسرائيل” في غزو فلسطين باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، وبتوقيع اتفاقية أوسلو مع “إسرائيل” عام 1993 تخلت منظمة التحرير الفلسطينية عن مطالبها بـ78% من أرض فلسطين”.
ويواصل:”بعد تشكيل ائتلاف حكومي جديد في أعقاب انتخابات ثالثة غير حاسمة في عام واحد، أعلن بنيامين نتنياهو زعيم الليكود خطته لضم نحو 30% من أراضي الضفة الغربية رسميًا بما في ذلك الكتل الاستيطانية ووادي الأردن. ووافق غالبية أعضاء الكنيسيت على الضم، وإذا حدث ذلك بالفعل فسيترك للفلسطينيين ما يقارب 15% من فلسطين التاريخية، وبذلك سيدق آخر مسمار في نعش حل الدولتين الذي ما زال المجتمع الدولي متمسكًا به. وحصلت “إسرائيل” على الدعم في هذا القرار من دونالد ترامب صديق نتنياهو المقرب وحليفه السياسي، في يناير 2019 كشف ترامب “صفقة القرن” التي يتباهى بها كثيرًا، إنها ليست خطة سلام بل موافقة أمريكية على قائمة أمنيات نتنياهو”.
وانتقل شلايم الى المسؤولية البريطانية وامكانية التصحيح فقال:” إن الاعتراف بفلسطين كدولة داخل حدود 1967 طريقة أخرى تقوم بها بريطانيا بتصحيح أخطاء وعد بلفور والوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ، لقد انضمت الحكومة البريطانية إلى 10 دول من الاتحاد الأوروبي محذرين “إسرائيل” من الضم، بينما وقع 130 نائبًا في البرلمان على خطاب مفتوح يطالبون فيه جونسون بفرض عقوبات اقتصادية على “إسرائيل” إذا استمرت في تلك الخطوة.إن هؤلاء النواب على حق في ضرورة اتخاذ موقف ما، لكن تعبيرات الاستنكار الفاترة لم تردع الحكومة الإسرائيلة على الإطلاق، إن الاعتراف بفلسطين كدولة داخل حدود 1967 طريقة أخرى تقوم بها بريطانيا بتصحيح أخطاء وعد بلفور والوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ”.
فهل يا ترىمن الممكن ان تلبي الحكومة البريطانية أمنية شلايم وتعترف بفلسطين دولة -حتى-داخل حدود 1967…؟!
وهل من الممكن ان تعتذر بريطانيا عن خطيئتها التاريخية بحق الشعب الفلسطيني بمثل هذا التعويض الجزئي إن حصل….؟!
وما هي المؤشرات الماثلة على احتمال كهذا….؟!
ردا على ذلك وعلى كل المطابات باعتذار بريطاني عن الوعد كانت الحكومة البريطانية “رفضت السبت – 22 أبريل, 2017 الاعتذار عن وعد بلفور المشؤوم الذي منحت من خلاله أرض فلسطين لليهود”، معبرة عن “افتخارها بتأسيس ما تسمى ب”دولة إسرائيل” وقالت الحكومة إن “وعد بلفور هو بيان تاريخي لا تنوي حكومة المملكة المتحدة الاعتذار عنه، نحن فخورون في دورنا بتأسيس دولة إسرائيل، والمهمة الآن هي تشجيع التحركات نحو السلام”.
وأكد آفي شلايم في تحليل حديث له: حول الاستعمار والنفاق البريطاني ومعاداة السامية وحقوق الفلسطينيين “ان بريطانيا دائمًا في معسكر “إسرائيل”=الخميس 04 مارس 2021”.|
ولعلنا هنا في هذا السياق نستحضر ايضا على عجالة بعض المواقف البريطانية الموثقة التي تشرح حقيقة السياسات البريطانية بعد بلفور وحتى اليوم:
نذكر ونثبت ان الحكومات البريطانية المتعاقبة على مدى نحو قرن واثنين وثمانين عاما كاملة-منذ مؤتمر بالمرستون الاوروبي عام 1840- لم تتوقف عن دعم وتعزيز المشروع الصهيوني، في الوقت الذي لم تتوقف فيه ابدا عن حبك المؤامرات وصناعة الاحداث في المنطقة لصالح تلك الدولة وعلى حساب الامة والعروبة…!.
قد يتساءل البعض: ألم يئن الآوان كي تعترف بريطانيا بمسؤوليتها عن النكبة ومنح فلسطين العربية للمشروع الصهيوني…؟، وقد يقول البعض الآخر: لماذا تتمادى بريطانيا في دعمها السافر لكيان الارهاب والاغتصاب والابرتهايد…؟.
ثم هل من الممكن ان تتجاوب الحكومة البريطانية مع آفي شلايم وتعترف ب”فلسطين دولة كاملة”….؟!
وبالاصل والاهم:ما الخيارات المتاحة امام الفلسطينيين والعرب العروبيين في مواجهة هذا التحدي الاستراتيجي والتاريخي…؟!
Nzaro22@hotmail.com