الجالية العربية ….
بقلم : وليد رباح – الجالية العربية ب نيوجرسي
لماذا نظلم الحمار .. فلو تكلم لادركنا انه اذكى من اي انسان على وجه هذه الارض . ولكن بكمه يعطيه صفة الغباء .. فالكثير من الناس في زمن الحمرنة هذا يتحدثون .. لكنك عندما تزن كلامهم تجد صمت الحمار احسن من كلامهم المرذول .
***
قيل في الحمار ما قيل .. ففي قول عن ابن الشمقمق أورثه لابنه وعن ابنه الى احفاده ان الحمار رفاص .. وعن الزنخشري ابن بديعه .. ان الحمار رقاص (لاحظ النقطتين على القاف) وفي قول آخر لا اذكر قائله أن الحمار حيوان .. وفي قول آخر ان الحمار انسان مسخه الله حمارا لأنه حمار .. وفي اقوال اخرى ، أن الحمير في صمتها وتحملها ذاهبة الى الجنه .. وقيل بل الى النار لانها تستسلم لمن يحمل على ظهورها ويضربها ويظلمها ولا تئن او تتوجع او تقاوم .. لكنني ايها السادة والسيدات .. لا اثق بهذا الكلام ودعوني احكي تجربة شخصية عن حمار ربيناه في بيتنا وكان يرفض ما لا يعجبه .
عندما كنت في السابعة من عمري قررت ان اكون (بزنس مان) فاشتريت حمارا دفعت فيه تحويشة عمري وكانت نصف دينار .. وبدأت اذهب الى موارس الحصادين في فصل الصيف لكي احمله باعواد الذرة انقلها من السهل المزروع الى اعالي الجبل في قرية بعيده .. وكنت اتقاضى خمس مليمات في كل مرة .. وكم من المرات احسست بالتعب فنمت على ظهر الحمار فوق اعواد الذره .. وكنت استفيق فاجد الحمار قد وقف على حافة جرف هار ينظر الى قاع الوادي ويفكر ان يرميني من على ظهره مع اعواد الذرة ولكنه يخاف ان يرمي نفسه معي فيعزف عن ذلك ..
وفي مرات اخرى كنت استفرد بالحمار فاضربه على مؤخرته بعود من الخيزران يؤلم .. ويشجعني صمته وعدم اكتراثه على زيادة الضرب فينظر الي بعينين كليلتين طالبا مني التوقف والا .. وكنت لا آبه لذلك حتى جاء يوم طفح فيه كيل الحمار فاذا به يرفسني ويلصقني بالحائط .. وكانت الرفسة على مؤخرتي تماما في المكان الذي كنت اضربه فيه .. ولقد ظننت او خمنت ان الحمار كان انتقامه من جنس العمل الذي اقوم به .. فلم يشأ ان يرفسني في بطني او صدري او اضلعي فتكون القاضية .. لكنه حمار مفكر .. اراد ان يعطيني مؤشرا انه يفهم اكثر مني .. واكثر من المتفلسفين على الفضائيات الذين يحلون مشاكلنا بحرف جر .. وبعد مرور سنوات طويلة جدا على ما كان .. فاني ابصم بالعشرة .. بان الحمار .. او حمارنا كان من النوع ( المفكر الصامت ) الذي لا يخرج علينا في الفضائيات فيعطينا الموعظة الحميرية التي تؤيد اسرائيل مرة ولا تؤيدها اخرى .. تصف ملوك العرب ورؤساءهم بانهم مجرمون ويصفق لهم تارة اخرى .. فقد كان جنابه يعرف ان السياسة تياسه .. ولذا فقد استبعدها من قاموسه الحميري ..
وتحضرني في هذه العجالة كلمة تحدثت بها الي امرأة في الجالية كبيرة السن وكانت صريحة الى ابعد حدود الصراحة فقد قالت :
في شبابي عشقت شابا لم يستطع ان يتزوجني لضيق ذات يده فهاجر الى امريكا .. وكان يتحفني في كل شهر برسالة طويلة .. ولما كنت لا اعرف القراءة فقد كنت اجلس على قارعة الطريق لارى شابا او رجلا يعرف القراءة فيقرأ الرسالة لي .. وكنت ابتعد عن القرية وشبانها حتى لا يفتضح امري .. وفي مرة رأيت شيخا معمما يقطع الطريق بحماره فاوقفته .. وطلبت اليه قراءة رسالتي فنظر اليها طويلا وقلبها رأسا على عقب وقال لي .. يا حرمه .. انا لا اعرف القراءة والكتابه .. فقلت له : أشيخ ولا تستطيع القراءه .. كيف تؤم الناس في الجامع .. قال لي : حسنا .. ساريك ان الامامة ليس شرطها ان تقرأ او تكتب .. ثم خلع عمامته ووضعها على رأس الحمار وقال : ها قد اصبح الحمار شيخا .. دعيه يقرأها لك .. ولكني ضحكت فقال : العمامة لا تدل على ان الشيخ قارىء .. والا لكان الحمار احسن القراء ..
اسوق قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .. اللهم قنا شــــر الحمرنة في زماننا الحميري هذا. فالدنيا قد انقلبت .. فقد اصبح اللص شريفا .. وبائع المخدرات تاجرا .. والعاهرة تحلف بشرف امها .. الخنزير اصبح قائدا .. والقائد الحقيقي يلفونه في بطانية ويرمونه في زبالة المكدانوس .