المتسولون واللصوص بقلم : وليد رباح – نيوجرسي

سخرية كالبكاء …..
لص الكتاكيت
في بلادنا التي تعج بالعتمه .. كان حرامي الغسيل او سارق الكتاكيت  ينقع في مخافر الشرطة بالماء البارد حتى يتحول جسمه الى قطعة من الجليد ..ثم يجلد على قدميه حتى تتقرحا .. ثم يؤتى به في بعض البلدان على ملأ من الناس ويركبونه حمارا بالمقلوب  حتى يراه من في الشوارع والحارات والازقة . ويزفونه زفة عريس لم تأخذ منه زوجته حقها في ليلة الدخله .. يلحق الاطفال حماره وهم( يطقطقون) له بالملاعق والسكاكين واللي ما يشتري يتفرج .. وكانت النساء يزغردن عندما يمر ( موكب ) المسكين من امام بيوتهن ..  نفاقا وتشجيعا لرجال الشرطه .. ولايخلو الامر من ( تشعلق) شاب على ظهر الحمار ويأخذ الحرامي صفعة على قفاه او ركلة على مؤخرته او فركة لاذنه العاريه .. حتى يتعلم كيف يبتعد عن السرقة في مقبل الايام .
وفي بلادنا التي  تعج  بالظلام ايضا ..  كان الملك او الرئيس او الوزير او الامير ( او لم يزل) يسرق قوت الشعب بالجمله .. ويحول  كل ذلك الى العملة الصعبة في بلاد الخواجات  فيستقبل الناس  ايابه ويفرحون في ذهابه ويعلنون الزينات  ويقيمون الافراح والليالي الملاح .. أكثر من هذا يستنفر جهاز المخابرات بفروعه وقضه وقضيضه ويصدرون اوامرهم لرجال الشرطة ان يجبروا المحلات والمخازن والمطاعم ودور اللهو على رفع الاعلام واليافطات التي ترحب بمقدم جلالته او فخامته او سموه .. ومن لم يذعن يصيبه ما يصيب سارق الكتاكيت !!
ومع علمهم في كل ذلك ان حرامي الغسيل او سارق الكتاكيت قد سرقها لكي يأكل .. وأنه لم يجد ثمن عشائه فقام بالسرقة .. ومع علمهم ايضا بان الثاني قد حول النقود الى خارج البلد لانه غير آمن على كرسيه المتهرىء .. وانه سوف يعيش في الخارج بعد طرده في دعة وامان وحرية واشتراكية ووحدة  ووطن ثان يقيم له الزينات لانه يمتلك في البنوك ما لم يمتلكه اهل البلد المرحل اليه .  ومع علمهم للمرة الثالثة ان ما سرقه كل حرامية الوطن العربي طيلة اعوام بما فيهم الزعران والعيارون والسفلة والصعاليك لا يضاهي نقطة في بحر مما سرقه الزعيم في مرة واحده..  ومع كل ذلك لا يجرؤ الامن ولا مراكز الشرطة ولا وزارات الداخلية بان تقول للزعيم انت سارق ..!!

***
المتسولون

قرأت فيما قرأت .. ان احدهم توفي مؤخرا فجمعت ثروته واحصيت فاذا بها حزمة الوف تتجاوز نصف المليون دينار .. فقلت ان ذلك مبرر ربما قد جمعها من عرق جبينه او من ( فهلوته ) في التجارة او التصنيع او حتى النصب والاحتيال .. ولكن ذلك العجب ازداد عندما علمت ان الرجل كسيح يسير على كرسي متحرك .. ويتسول.. نعم يتسول ..
وفي لحظة تأمل عولت على ان اصبح متسولا .. اذ ربما تجاوز المبلغ الذي اجمعه اكبر مما جمعه صاحبنا .. ثم عدلت عن ذلك .. ففي امريكا العظيمة المهترئة .. تستطيع ان تنصب وتحتال على البنوك بملايين الدولارات ثم يعتبرها القاضي ذكاء فيقسطها لمدة خمسمائة عام مثلا .. ولكنك لا تستطيع ان تتسول الا اذا كان الناس لا يعرفونك .. فان عرفوك فانت نصاب ومحتال من النوع الرخيص ..
وطمأنت نفسي بعد ان وصلت الى هذه النتيجه .. فنحن في امريكا ( مضروربون بحجر كبير) يظن الناس في الخارج اننا نعيش في الجنه .. ولكني اطمئنهم باننا قد اصبحنا  او نكاد  جزءا من العالم الثالث .. بفعل ( الهزات ) التي لحقت بالاقتصاد نتيجة الحروب ..و حتما .. سوف يتحول البعض منا في مقبل الايام الى ( لصوص غسيل ) فقط .. لانه لا يوجد في امريكا كلها (قنا) واحدا يمكن ان تسرق منه الكتاكيت .. فالكتكوت محترم هنا ولا يربى الا في المزارع ولا يذبح الا في ( السلخانات ) ..