عملية السلسلة البطولية….. اختراق و تداعي المنظومة الصهيونية – بقلم : سفيان الجنيدي

فلسطين ….
بقلم: سفيان الجنيدي – كاتب فلسطيني
تكمن مدى نجاعة العمل النضالي الثوري التحرري ضد المحتل من خلال القدرة على تكبيد العدو الخسائر العسكرية و الأمنية و النفسية الفادحة بالرغم من المعوقات و الظروف القاهرة و شح الإمكانات و الموارد ، ففي الوقت الذي يتغنى الكيان الصهيوني بقوة ردعه و تفوقه العسكري و الأمني و الاستخباراتي، و يستمرئ الكذب في الترويج لاسطورة الجيش الذي لا يُقهر، تفاجئ المقاومة الفلسطينية العالم أجمع و تحقق المعجزات الواحدة تلو الأخرى، و تكبد الكيان الصهيوني الخسائر الفادحة بادواتها البدائية ذاتية التصنيع، في ظل ظروف حصار و تجويع قاهرة و مؤامرات عربية و دولية دؤوبة لتركيعها و إجتثاثها.
لم يستفق الكيان الصهيوني من ويلات معركة السيف المجيدة و التي غيرت جميع قواعد الاشتباك و أظهرت مدى هشاشة منظومة الكيان الصهيوني العسكرية و الإستخباراتية ، حتى توالت النكبات تباعاً عليه، إبتدءاً بالهبات الفلسطينية المستمرة و التي تزامنت مع عدة عمليات طعن لقطعان المستوطنين و الجنود الصهاينة، و عملية فرار المناضلين الستة الأسطورية من سجن الجلبوع، و الاختراقات السيبرانية و الأمنية المتعاقبة و التي تكللت بالاختراق الجاسوسي لمنزل وزير الدفاع ” الصهيوني غانتس” ، لتأتي عملية السلسلة البطولية لتؤكد على جملة من الحقائق الجليّة الواضحة، و التي يمكن تلخيصها بما يلي:
١- الخيار الوحيد الذي تتبناه معظم الفصائل الفلسطينية بشقيها السياسي و العسكري هو خيار المقاومة بجميع اشكالها، و في خيار المقاومة المسلحة ، تغدو جميع فئات الفصائل، القيادية و الجنود الافراد على حدٍ سواء ، قنابل موقوته قابلة للانفجار في العمق الصهيوني في أي لحظة و دون سابق إنذار.
٢- تكمن الأهمية الاعتبارية لعملية السلسة البطولية انها تمت بسلاح فلسطيني التصنيع و الذي بدوره يعني الاعتماد الذاتي للمقاومة الفلسطينية الباسلة في تصنيع السلاح، و من جهة أخرى التقليل من شأن التنسيق و التعاونات الأمنية بين الكيان الصهيوني و دول الطوق و التي تحاول جاهدة منع عمليات تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية
٣- أهم ما يميز عملية السلسلة المجيدة انها جاءت رداً جلياً و مزلزلا ًعلى جميع منظومة الدول الإقليمية و الدولية المتآمرة على شرعية الجهاد و النضال الفلسطيني، و من جهة أخرى، دقة توقيتها اذ انها جاءت مباشرة بعد إعلان الحكومة البريطانية نيتها في تصنيف حركة حماس بشقيها السياسي و العسكري منظمة إرهابية، إضافة إلى تنفيذها في مدينة القدس المحتلة و التي تعتبر من اكثر المدن المحتلة تحصيناً.
٤- الاختراقات و الضربات العسكرية و النفسية المتلاحقة التي يتلقاها العدو الصهيوني من المقاومة الفلسطينية الباسلة ، في الوقت الذي يتفاوض فيه الطرفان، تُعطي المقاومة الباسلة أفضلية في عدم الإذعان و عدم تقديم التنازلات بل تجعلها قادرة على فرض شروطها و تجريد الدبلوماسية الصهيونية من مكاسبها السياسية و الدعائية على حدٍ سواء.
٥- أهمية تأثير العامل النفسي على الرأي العام الصهيوني في معركة التحرير، إذ ان تداعي و تقهقر الكيان الصهيوني لن يتم بين ليلة و ضحاها، بل سيتم من خلال سلسلة طويلة من النضال الفلسطيني المقاوم و المسلح، و الذي بدوره سيزيد من معاناة الرأي الصهيوني و الذي ترك أراضيه الاصلية من أجل الظفر بمنح و وعود العصابات الصهيونية المعسولة المكذوبة و في مقدمتها الامن و الاستقرار و الرفاه الاقتصادي.
٦- شكلت سلسلة إختراقات المقاومة الفلسطينية المتوالية، بداية بمعركة سيف القدس و عملية فرار المناضلين الفلسطينيين من سجن جلبوع إضافة لعملية السلسلة البطولية، صفعة جديدة للأجهزة العسكرية و الاستخباراتية الصهيونية، إذ أن العمليات و الاختراقات المتتالية أثبتت مدى هشاشة وعقم الأجهزة الامنية ، و من جهة أخرى الفشل الذريع لأجهزة الاستخبارات الصهيونية و التي كانت، لوقت قريب، تروج و تتفاخر بأنها من أفضل و اكثر الأجهزة الإستخباراتية فاعليةً في العالم.
٧- الفشل و الإخفاقات المتعاقبة في المؤسسات الصهيونية الأمنية و العسكرية و الاستخباراتيه ستفتح الباب على مصرعيه على تساؤلات و تحقيقات حثيثة ، و اذا ما تم هذا الامر، قد يتفاجئ الرأي العام بما قد تُسفر عنه التحقيقات من قضايا فساد و رشاوى و عمالات ،منقطعة النظير، في المؤسسات السيادية الصهيونية.
٨- شكلت عملية السلسة المجيدة صفعة جديدة للمطبعين العرب، و أثبتت انهم ما زالوا يراهنون على الحصان الخاسر، إذ أن الكيان الصهيوني بات أعجز من يحمي غيره لانه لم يعد قادر على حماية نفسه.
٩- قرار المقاومة الفلسطينية الباسلة في التصعيد و الرجوع الى العمليات الاستشهادية في العمق الصهيوني او المضي في خيار العمليات و الهجمات النوعية المتفرقة كلاهما يؤكدان على تمسك المقاومة بخيار النضال و الكفاح المسلح حتى يتم دحر الصهاينة الغزاة و تحرير جميع أراضي فلسطين التاريخية.
أخيراً ، لم تُفضِ عملية السلسلة البطولية إلى تحرير ارض الأنبياء و الجبارين، و لم نشهد على الهواء مباشرة رحيل الرتل الأخير من قطعان و عصابات الصهاينة من أراضٍ تنتظرنا و نعشقها، و لم يأتي وعد الآخرة الحق و انه لا محالة نافذ، إلا أن آلية تنفيذ العملية البطولية و توقيتها و السلاح المستخدم فيها و تداعياتها ستؤطر لمرحلة جديدة ملتهبة في الصراع الفلسطيني الصهيوني، أهم ما يميزها استمرار اختراق و تداعي المنظومة الأمنية و العسكرية و الاستخباراتية الصهيونية.