عمر أبو ليلى_ ليس من حُسنه يُهّاب الأسدُ – بقلم : د.محمد مسلم الروسان

ابداعات عربية …..
بقلم : د. محمد مسلم الروسان – الاردن ….
لا تعتب علينا يا عمر، فقد أفرطنا في أكل الدجاج فصارت إنجازاتنا “بقيقاً”
قال ابن القيم:  “كل من ألِفَ ضربا من ضروب الحيوانات اكتسب من طبعه وخُلقه فإن تغذى بلحمه كان الشبه أقوى”. وبحسب إبن خلدون في مقدمته يقول: أكل العرب الإبل فأخذوا منها الغيرة والغلظة، وأكل الأتراك الخيول فأخذوا منها الشراسة والقوة، وأكل الإفرنج الخنزير فأخذوا منه الدياثة، وأكل الزنوج القرود فأخذوا منها حب الطرب.
المشكلة ليست في أكلنا للدجاج، المشكلة فيما يأكله الدجاج ويحوله إلى لحوم نأكلها، فلا شك بأن الدجاج لا يأكل لا لحوم الإبل، ولا لحوم الخيول، ولا لحوم الصقور، أو الأسود. فكم سمعنا عن عن تجار الدجاج في بلادنا، الذي دفعهم الجشع إلى أن يطعموا الدجاج مواداً ومخلفات لا يمكن لنفس بشرية أن تتقبلها، وكل ذلك من أجل أن يصبح وزن الدجاجة ما يقارب الكيلو ونصف الكيلو في أقل من 40 يوماً، في الوقت الذي كنا نربي فيه الدجاج في بيوتنا الريفية ويحتاج الديك إلى ستة أشهر متواصلة من الرعاية وأكل الحبوب الطازجة، ليقترب من الوزن المطلوب الصالح للأكل، أما اليوم فأكاد أجزم بأن الدجاج الذي نأكله يأكل من لحوم الخنازير، والقرود، والأفاعي، والحمير، والجيّف. فبالإضافة إلى طباع الدجاج، فقد تطبعنا بأطباع جميع الحيوانات ذات الصفات السيئة.
القدس تتعرض للإنتهاك صباحاً ومساءً، بمناسبة وبدون مناسبة، وتفتتح الدول الغربية سفاراتها في القدس كعاصمة لإسرائيل، انصياعاً لأوامر الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح أفتتاح السفارات في القدس دعاية إنتخابية لمن ينوون الترشح لرئاسة دولهم، ولا نسمع من العرب إلا شجباً واستنكاراً، وحجباً وإدانة عبر وسائل الإعلام، وفي نشرات الأخبار، “بقيقاً ليس إلا” وفي نهاية النشرة الإخبارية، يشير مقدموا تلك النشرات إلى زيارة قام بها طاقم وزاري أو نيابي أو صفقة تمت مع ذات الدول التي افتتحت سفاراتها في القدس في أول النشرة، ويؤكد الفريق الوزاري على متانة العلاقات الثنائية بين البلدين، ويعربون عن تطلعهم إلى المزيد من التعاون الاقتصادي والأكاديمي والسياحي بين البلدين، وكأن الشجب والاستنكار والإدانة ليست أكثر من “بقيق” أو موسيقى تصويرية وضرورة بروتوكولية.
جميع الدول الغربية دون استثناء، على مستوى القيادات، وعلى مستوى الشعوب، يعرفون حدنا الأقصى وسقف أفعالنا، فهي ليست أكثر من “بقيقاً”، فهم لا ينتظرون مُنتجاً عربياً صباح كل يوم، ولا يستطيعون الاستغناء عنه، اللهم قيمة الحوالات المالية لشراء منتجاتهم كلها، ما يلزمنا وما لا يلزمنا، والتي لا نستطيع مطلقاً الاستغناء عنها، فقد أوجدوا لنا أسلوب معيشة “لايف ستايل” اعتقدنا بأنه الحرية، وندافع عن أسلوب معيشتنا معتقدين بأننا ندافع عن الحرية في ألمع صورها، في الوقت ذاته الذي لم نتعلم فيه بعد، كيف لا نرمي مخلفاتنا من نوافذ السيارات، ولا كيف نضع أكياس “الزبالة” في مكانها الصحيح. ومع ذلك لا نخجل من أنفسنا بأن نتغنى  بالقدس على سبيل “البقيق”.
ليت مربي الدواجن أن يطعموا دجاجهم لحوم الكلاب، فجميعنا نعرف وفاء الكلاب لأصحابها ومساكنها، وهي كثيرة في بلادنا وبلا مقابل،  ولا نطلب منهم أن يطعموا دجاجهم لحوم الأبل، حتى نكتسب منها الغيرة على شرفنا وأرضنا، لأننا لا نقدر نحن على أكل لحوم الأبل، وهي مخصصة فقط للاستعراض في جزيرة العرب، ولا نطالبهم بأن يطعموا دجاجهم لحوم السباع والصقور، فهي غير متوفرة ولا نراها إلا في حدائق الحيوانات، أما الكلاب فجميع الدول العربية تعاني من انتشارها وتطالب بمكافحتها، فيا ليت نأكل من لحومها أو نطعمها للدجاج حتى نستسيغ أكلها بالتدوير وتغيير شكلها، عسى أن نتعلب منها الوفاء.
ما يؤلمني يا #عمر،يا سليل المختار أنت، أن جميع مواقعنا الأخبارية صباح اليوم عجت بالتعازي والنعي، “بقيقاً ليس إلا”، وفي الوقت الذي كنت فيه تقاتل بضراوة الأسود، كنا على صفحات مارك الزرقاء في عالمنا الافتراضي ننتظر أخبارك، فلا حول لنا ولا قوة، لأننا شبعنا من لحوم الدجاج، ولكنني أجزم أنك شبعت من لحوم طائر العقاب، الذي لا يأكل إلا من صيده، ولا يأكل الجيفة، أما نحن فنأكل لحوم بعضنا البعض صباحاً ومساءاً، وأجزم أيضاً بأنك حي عند ربك تتمتع بما لا نعرفه، ولست بحاجة إلى تعازينا، بل نحن من يحتاج تعازيك. فالعرب قد ماتوا وأما البقية الباقية فهي طوابير على مطاعم الشاورما لتأكل من لحوم الدجاج الفاسد، لننام ونستيقظ صباحاً نرتب شعرنا وشعر أبنائنا على هيئة ريش الدجاج وأعراف الديك، لنعتقد بأن تسامحنا ووجوهنا الحسنة هي من ستحقق لنا العزة، ونعتقد بأن ما قاله الشاعر:
ملكنا فكان العفو منا سجيةٌ   فلما ملكتم سال بالدم أبطحُ
فحسبكم هذا التفاوت فيما بيننا   فكل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ
نعتقد بأن هذه الأبيات هي للعرب اليوم، ولكنا لعرب بادوا وملكوا وعفوا، لنأتي نتغنى بما حققوا ونحن عار عليهم، وهم مناء براء، وإنائنا لا ينضح إلا خيبةً.
Spss_r1@hotmail.com