الشعر ….
شعر : بكر السباتين – الاردن …
أخرج الشقي نصلَ الفريةِ
من غمد قصيدة ليس قائلها..
أوقد النار في حطام قلبه المصفد بالأحقاد..
شتائمٌ تخرج من فمه المزموم كالدخان..
كأنه سلطانُ اللظى..
ليصدرَ الأحكامَ على الطرائدِ في الخلاء..
يحرقُ الهشيمَ..
من هول ما يجري
تغادر الأفكارُ مفزوعةً أعشاشَهَا..
يسودُ ظلامُ الخوفِ
وعلى الأنفاسِ تجثمً قصيدةُ الواوي
فتنطلي الغوايةُ على كلِّ متخاذل رميم..
تعربد الأبوامُ فوقَ الخُرُوبِ..
يقترب الوحشُ الآدميُّ أكثر..
يستظل بجدار بيت هجرته الطيور
وأمست ملاذاً للغربان..
وبقايا حجارة توسَّطها جمرٌ أبكمٌ
أخمد بريقه الرمادٌ..
وكسرةِ خبزٍ مقضومةٍ
وعلاماتِ انتظار ثم هلعٍ وارتياب..
وفي الجوار بدت علاماتُ هروبٍ
دمغتها أقدامُ جياعٍ
تخاطفت بقيتهم منافي الأمكنة والروح
فلا ملاذَ ولا غناء..
ومَنْ تسمَّر في مكانه
تحجَّرَ في وحل الخوف والرياء..
فبدا كصخرة أتعبتها فصولُ الانتظار..
ورغم ذاك تبرعمت في شقوقها الزهور..
وتوارى خلفها عشٌّ المغني
بعد أن أدمن الهروبَ مع اللقطاءِ في العراء..
وبقايا لحن يلهج بالدعاء
كأنه هديل قادم من السماء..
وهذا الشقي
في عيونه جشعٌ أوسعَ من حدقة الأفق
حيث تنداحُ به دوائرُ الشهوةِ والرياء….
أتعب الشقي اللهاث خلف طريدة
كانت ترسل إلى قلبه المتحجر
بقايا غناء..
السنونو أبْكَرَ في المجيء
فلم يعثر بين الخرائبِ
على أحبةٍ له ولا سّمار..
غافل حزنه ذاك الشقي
فأخرج نصلَ الفريةِ
من غمد قصيدة ليس قائلها..
وأعمل في حنجرةِ السنونو تقطيعاً
كي يعزفَ على أوتاره الصوتية..
فتلوى الطائر ألماً
على اغتيال اللحن
وموت المغني..
إلى أن باتت بقاياه
طعاماً للديدان في اليباب..
واستوى الشقي جالساً على الركام
يتلمظ طعم العهر وحيداً دون خلّان..