منوعات…..
بقلم بكر السباتين …..
جيل فلسطيني شاب يفلق الصخر، وجوع موروث عن طائر الفينيق الكنعاني يربك العدو.. إنه صراع الأمعاء الخاوية كنهج انتفاضي اتخذ مكانته في المشهد الفلسطيني بمحدداته النضالية الجديدة التي وضع أسسها الجيل الفلسطيني الجديد؛ وقد بات يقض مضجع الاحتلال الإسرائيلي وهو يربض كالذئب المتربص على أنفاس الشعب الفلسطيني الرازح تحت نيره، والمكبل بقيوده الصدئة.
ولعل من أهم هذه المحددات، هو اعتبار أن القبول بأية انتهاكات إسرائيلية، يعتبر صفعة قوية في وجه النضال الفلسطيني في إطار الانتفاضة الثالثة التي أشعلها الشباب الرافض للذل والهوان.. وهم يمثلون جيل الصحوة والكرامة.
وقياساً على ذلك؛ ينبغي أن ندرج ما جرى للأسير الفلسطيني الصحفي محمد القيق ابن الثالثة والثلاثين عاماً، في سياق الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، العامرة بالتنوع والعطاء.. هذه الانتفاضة التي باركها كل الأحرار في العالم إلا قادة السلطة الفلسطينية الذين ما لبثوا ينعتونها تحقيراً ب”الهبة الشبابية”.
إذْ يواصل هذا المناضل الأسير لدى الكيان الإسرائيلي إضرابه عن الطعام منذ أربعة وسبعين يوما ، رغم قرار المحكمة الإسرائيلية بتعليق اعتقاله الإداري يوم الخميس الموافق (5 فبراير2016) ، دون السماح له بمغادرة المستشفى.
وكانت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قد حذرت من أن الأسير القيق المضرب عن الطعام؛ بات في صراع مع الموت.
وكان محمد القيق الذي يعمل مراسلاً صحافيا لقناة المجد السعودية قد اعتقل في نوفمبر الماضي، وبعد أيام من ذلك تم تحويله إلى الاعتقال الإداري ليعلنَ بدء إضرابه عن الطعام؛ حتى يعود إلى بيته في بلدة دورا في منطقة الخليل بالضفة الغربية المحتلة.
ونوه المحامي جواد بولس، تعقيباً على المناورة الإسرائيلية بتجميد المحكمة لقرار اعتقال محمد القيق الإداري، ” إلى أنه إفراج منقوص، وخاصة أنه أبقى على القيق محبوساً في المستشفى ولا يحق له مغادرته إلا بإذن رسمي”.
ويبدو أن المناشدات الجماهيرية في الأراضي المحتلة حركت الضمير العالمي الخجول ليضغط على الجاني المحتل بنعومة لم تتجاوز التنديد والاستنكار فيقابلها الأخير باستهتار، إذْ أعرب كلٌّ من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي واللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلق شديد إزاء تدهور حالة القيق الصحية، فيما أكد الصليب الأحمر على أنه يواجه خطر الموت. أما المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة فقد أعربت عن قلقها العميق في بيان صرحت به يوم الجمعة الموافق (6 فبراير 2016) ، منوهة إلى أن الأطباء تحدثوا عن احتمال إصابته “بأضرار دائمة”.
وأخيراً.. يرفض الأسير محمد القيق عرضاً إسرائيلياً بإطلاق سراحه في يناير القادم مقابل إنهاء إضرابه.. فبرغم أنه بات مشرفاً على الهلاك، إلا أنه يرفض بشدة مقايضة صموده البطولي، بوعود هذا الجلاد الظالم المحتل البغيض، للضحية التي علمتها التحديات أن لا تنام على ضيم، خلافاً لنهج قادة السلطة الخانعين، فيطالب هذا الأسير القابض على الجمر، سجّانه بإطلاق سراحه الفوري.
إنه تحدي الأمعاء الخاوية في مواجهة القلوب الخالية من الرحمة والعقول العمياء المشلولة. ذات التحدي الذي لا يقبل إلا خيار الموت المشرف أو التحرر من قبضة السجّان.. فنتائج هذه الصلابة في وجه الريح العاتية، بلا أدنى شك، ستصب في خانة الانتفاضة الثالثة، المستمرة حتى النصر الأكيد.. صبراً أسيرنا البطل.. فالصمود سلاح قوي يزود إرادتنا بطاقة البقاء من أجل نيل حقوقنا المشروعة.. لا بل ويعبر عن إيمان الفلسطيني بحقه في الحياة بكرامة، في زمن الوضاعة والأفول..