التصنيف : آراء حرة (:::)
بقلم : علاء الدين حمدي شوالي – مصر (:::)
ــ اخترنا الصمت .. كان قرارنا وخيارنا .. الصمت ولا شىء الا الصمت .. نتحدث فى صمت .. نصرخ فى صمت .. نعترض فى صمت .. نتألم فى صمت .. نبكى فى صمت.. نشمت فى صمت .. رضينا الصمت بمحض ارادتنا دون ضجيج .. عن خوف ؟ ربما ! .. عن حرص ؟ احتمال ! .. إدخار لما هو أهم وأجدى من مصائرنا ومقدساتنا ؟ أكيد ! ..
حتى مساجد الأمة التى كانت تلتهب بالدعاء على العدو من باب أضعف الإيمان .. صمتت هى الأخرى، وكأن الأمر كله تغييب فى تغييب، وكأن الجميع يتشارك لفصل ذلك الجزء من الوجدان الجمعى للأمة !!
ولم لا ولدينا الأهم الذى يشغلنا عن وطن يستباح وأرض تستلب وعقيدة تنتهك ومقدسات تدنس بنعال غاشمة همجية .. هناك صراعنا الدائم المستعر .. سلفى وإخوانى .. وهابى ومجدد .. الجماعة وغير الجماعة .. سنى وشيعى .. مسلم ومسيحى .. فتح وحماس .. ثورة أم إنقلاب، هناك اختلافنا “المصيرى” حول طول الثوب وحرمة ربطة العنق .. تهذيب اللحية بالموسى أم بالمقص .. السواك أم معجون الأسنان .. “الزلابيا” التى أفتى البعض بتحريمها أم “لقمة القاضى”.
ــ إخترنا الإعراب كمفعول به، بينما على القرب إخوة لنا مرابطون يتحملون وحدهم وطأة ذلك الخلاف مرغمين لا يملكون من أمرهم شيئا، يدفعون ثمنه من دموع الثكالى ولحوم الأطفال المحترقة بعد أن غمرهم رصاص الغدر والخيانة، غدر العدو وخيانة الأهل والعشيرة ، بينما نستعد نحن لكعك العيد وملابسه الجديدة، ونتمطع بإسترخاء وإمتلاء نتخيل الثواب الذى سنرفل فيه بعد صيام الشهر الكريم، مؤملين أن يدخر الله تعالى لنا شيئاً من الحور العين ! ولا مانع من إطلاق تصريح “غُرَّيِّبه” يتماشى مع فرحة العيد، نطالب فيه اسرائيل بتحمل مسئوليتها وضبط النفس !!!
ـ جلسنا نتسلى بمتابعة حوار بين أضداد لم يعد أحدهم يصلح لحمل راية الكفاح بعد أن شغلتهم السلطة بينما ينفرط ما بقى من عقد الوطن حبة بحبة ! حوار ليس له نتيجة الا المزيد من الانقسام ! وانقسام باق الا اذا إختفى أحد الطرفين ! واذا بقى الاخر فلن يجد أرضا ولا وطنا ولا شعبا يحكمه بعد أن تكون اسرائيل قد تحملت مسئوليتها “التاريخية” وقامت بها خير قيام ! وإذا لم تكن “الخيانة” هى ما نراه الآن فترى ماذا تكون ؟! شهداء يتسابقون للقاء الله .. وآخرون يتقاتلون من منهم سيفوز بنصيب أكبر من كعكة الوطن رغم أنهم جميعاً على الرصيف .. بلا وطن !!
ــ صمتت مصر الأم .. الكبيرة .. العظيمة .. إلا من أطنان طعام لا أدرى كيف تصور صاحب القرار أنها هى حقيقة ما يحتاجه أهلنا هناك فى غزة !
الأمهات فى غزة لسن فى حاجة لطعامك يا صاحب القرار ولا لجنودك ولا لرصاصك ولا لمعونتك، وإنما حاجتهن لقرار منك يعبر عن مصر الكبيرة، سيرضيهم تصريح عين حمراء يحمل بين أنيابه معانى وأهدافاً ونوايا، كفيلاً بإنهاء الأزمة وحقن دماء الأطفال ولو بثلاث كلمات جادة “مصر لن تسمح”.
قرار يعى جيداً أنه قد أكلت يوم أكل الثور الأبيض وأن غزة هى أول حدود أمن مصر القومى بقيت حماس أو ذهبت الى حيث ألقت، وأنها هى الأولى بشعار “مسافة السكة” الذى يجب ان يعلم الصهاينة جديته، وهناك أكثر من طريقة لفرضه دون حروب، لن تفوتك إحداها بالتأكيد، حتى لا نغضب حمائم السلام الذين شكر بعضهم ذلك القذر سفاح الأطفال، ورأى بعضهم الآخر أن الوقوف مع أهل غزة حرام شرعاً لأن بين مصر وبين الدولة اللقيطة عهد ومعاهدة سلام !!!
ــ أما أن تصمت مصر، كما صمت الأعراب إلا عن بترولهم الذى تحلق به الطائرات الإسرائيلية، إنتقاماً من حماس كذراع للإخوان، مع ما يردده الصهاينة عن تنسيق مشترك تناقلته وكالات أنباء الكوكب كله، فذلك هو الخطأ والخطر عينه.
فلو أرادت مصر، وأقولها صراحة أياً كانت العواقب، لأزاحت حماس عن سلطتها المزعومة بسهولة ونعومة، لا أن تنتظر ضربات الغدر الصهيونى التى تطال المدنيين بينما يختبىء البعض تحت الأرض لتظهر على الساحة من جديد بعد توقف العمليات، بعد أن خانت أهلها وقبضت الثمن وأدت دورها المرسوم لحساب إيران والغرب فى استدراج الصهاينة لضرب المدنيين إلهاءً للمنطقة عما تفعله “داعش” وعن تقسيم العراق وسوريا واليمن، وعن السعودية التى تتجاذب أوصالها الأخطار شرقا وشمالا وجنوبا، وعما يرتب لسيناء.
سيادة الرئيس .. ليست هذه مصر الكبيرة التى حلمنا كثيرا أن تستعيد مكانتها وأمَّلنا أن يكون ذلك على يديك كما وعدت، فتدارك لأجل مصر، وتذكر لأجل أمتك، فالتاريخ لا ينسى.
ضمير مستتر :
يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } المائدة 8
علاء الدين حمدى شوَّالى
aladdinhamdy@yahoo.com