خلاصة النقاش والحوار، مع أحد الإرهابيين الأشرار- بقلم : محمد حسام الدين العوادي

سخرية كالبكاء …
بقلم : محمد حسام الدين العوادي ..- العراق …
حدثني أبو دويعش السفّاحْ، في بعض ليالي السمر الملاحْ، وكنت في سهرة سمر، في معقل أبي دويعش الذي يشبه الجُحر، وكان هو يحتسي اللبن وأنا أحتسي الشاي الأخضر، فقال أبو دويعش معتدا بنفسه، محركا يمينا وشمالا كأسه:
– لقد فتحنا بحمد الله، أرض العراق ومن الشام أقصاه وأدناهْ، فإذا دخلنا قرية أفسدناها، وذبحنا أهلها وأحرقناها، وجعلنا أعزة أهلها أذلّة، وسبينا نساءهم كثرة كنّ أو قلّة، وأكثرنا في الأرض الفسادْ، وطغينا في البلادْ، وصببنا على أهلها سوط عذابْ.
فعجبت لأمر أبي دويعشْ، وصرت من خشيته أرتجف وأرتعشْ، فقلت له:
– سيدي أبا دويعش الجليلْ، أعزك الله وحشرك مع المصطفى والخليلْ، وجعل لصوارمكم صليلْ، ولخيلكم أجمل الصهيلْ، شيخي الجليلْ، – قلت هذا وأنا أرتعش من خوفِي، وأخشى أن يحشر كلاشينكوفه في جوفِي- قلت :
– أيا شيخِي، وقاهر المجوس والسّيخِ، ألم ينهى المصطفَى ، وصحابته ومن آثارهم اقتفىَ، عن قتل الهررة وتجويع الكلاب، فما بالك بقتل الأبرياء، من رجال ونساء، وإحراق بعض الناس أحياء، وإلقاء الشباب من شاهق البناء. وقد بلَغَنَا أنكم كفّرتم جل المسلمين، وأخرجتموهم من الدين، وقاتلتم كل من لم يؤمن بدعواكم، ومن يتبع أثركم وخطاكم.
فأرغد أبو دويعش وأزبدْ، واستشاط غيضا واتّقدْ، ولطمني لطمة رأيت منها المشتري و زحَلاً، ورأيت منها ملك الموت يأتي مرتجِلاً. ثم تظاهر بالهدوء والوقارْ، وإخفاء ما بغيضه من نارْ، وقال :
– ألا اعلم لا أبا لكْ،  هداك الله إلى طريقنا وسدّدكْ، أننا على صراط مستقيمْ، وعلى الدّين القويمْ، وأن غيرنا على ضلالْ، واعلم اننا في زمن الفتن والوبالْ، وقد أرسلنا الله هداة إلى سبيلِه، ندعوا بمعروف القول وجميلِه، فنحن ندعو الناس الى الانضمام لدولتِنا، والدخول تحت رايتِنا، فإن رفضوا فَضَرب الرقابْ، فلا نفرّق بين عجوز وشابْ، فنحن الموتُ يمشي على الأرضْ، ندعو لأداء السنّة والفرضْ، وإلا سقينا بدمائهم الأرضْ، ولم نتردد في هتك العرضْ، وإنما نحن سيف الله على الكفارْ، أتيناهم بالموت والدمارْ.
فأجبته أسألْ، وأنا من خوفي أكاد أتبوّلْ :
فهمت يا صديقي الحميم، فليذهب أعداؤكم إلى الجحيم، بما أنهم ضلوا عن الطريق القويم، لكن بلغني أعزك الله، ورحم أباك وجعل الجنة مثواه، بلغني أنكم نكلتم بالمسيحيين، وفجرتم كنائسهم، وسبيتم نساءهم، وغلمانهم وولدانهم، ولم تسلم منكم حتى دجاجهم وأنعامهم، ونحن نظن أنهم أهل كتاب، لا يجوز معاملتهم مثل الكلاب،
فضربني بعصاه على مؤخرتي، حتى ظننت من الألم أني سأموت وتأتي آخرتي، وكاد دبري من الوجع أن ينقصم، لكني أظهرت البسمة وكتمت ما بي دُبُري من ألم،  وأجاب أبو الدويعش بخيلاء، تملؤه القسوة والجفاء:
– أما أولئك لا أب لك، ما أسذجك وأجهلك، فهم كافرون كفرا مبينا، بل كانوا شياطينا، لذلك وجب أن نجزيهم في نحورهم سكاكينا، ونعذبهم عذابا مهينا، وهم عبدوا الصليب، من دون الواحد المجيب، وجعلوا لله ولدا، وجعلوا المسيح لله ندّا، فقد جاؤوا شيئا إدّا، وما ينبغي لله أن يتخذ ولدا،  فسنجعل الأرض تنشق من تحتهم ونجعل الجبال تخر عليهم هدّا، فيجب قتالهم أينما ثقفوا، وقطع أرجلهم وأيديهم من خلاف حتّى أمامنا لا يقفوا.
فقلت مستغربا مستنكرا، حائرا مستفسرا، والرعب غلبني على أمري، إذ أخشى أن يحشر بندقيته في دبري:
– فهمت يا صديقي الحميم، فليذهب المسيحيون للجحيم،  لكن شيخي الجليل ، تقول الشائعات والأقاويل، أنكم تمارسون على المسلمين الإبادة، وهم مثلكم ينطقون بالشهادة،
فقال مداعبا لحيته، ومسوّيا عمامته، ولحيته يخيل إليك من طولها أنها غابة، تتخيل أنه يسكنها ألف صرصور وذبابة:
أغبى بك من رجل وأجهلْ، ويحك يا مغفّل، أوَلَسْتَ تعقل ، عن أي مسلمين تتكلم، فإنا لنعلم ما لا تعلم، أما الشيعة فرؤوس الكفر والإلحاد، والصوفية فإنهم يعبدون القبور والألحاد، والدروز فهم في غيهم يعمهون، وشيوخ السّلفية والوهابية شيوخ بلاط ، والإخوان المسلمون في خزي وانحطاط ، وبقية الطوائف في ضلالهم تائهون، فنحن ندعوهم إلى الطريق القويم، والصراط المستقيم، فإن اهتدوا حقنّا دمائهم، وإلا فسيوفنا ومسدساتنا أولى بهم، لذلك ترانا نقتل أبناءهم، ونستحيي نساءهم، أفهمت ما قلت لك، تبا ولا أبا لك، مالك لاترى في دعوتنا الأنوار، أساذج أنت أم حمار.
فقلت وأنا من خوفي يكاد يصيبني الشلل، ويصيب سروالي من بولٍ بَلَلْ:
– فهمت يا صديقي الحميم، فليذهب المسلمون للجحيم، لكن أيا شيخي المغوار، حامي الحمى والديار، لماذا لا توجهون سلاحكم إلى إسرائيل، وأنتم حماة الدين وهداة السبيل، فقد أخذوا أولى قبلتيكم، وثاني حرميكم، واحتلوا أرض فلسطين، ومرغوا كرامة العرب والمسلمين في الطين؟
فضحك حتى بدت نواجذه المتسوّسة، وضرب رأسي بعصاه المقوّسة، حتى كاد يشج رأسي، ويكسر لي ضرسي، وقال باسما:
اعلم يا أخا العرب، ويا صاحب الجهل والعطب، ألم تعلم لا أبا لك، ويحك ما أسذجك، أن قتال الروافض الشيعة أولى، وقتال حكام المسلمين هو الأحلى، أما إسرائيل فأهل كتاب ، وربما لا يضر أن يكونوا لنا أصحاب، ونحن الآن معهم في هدنة، وهكذا يفعل الأذكياء ذوو الفطنة، وسنترك قتالهم لحلقة قادمة، بعد أن نحرر أرض المسلمين عامة..
ثم أنشد:
صليلُ الصوارم نشيدُ الأباة
ودربَ القتال طريق الحياة
فبين اقتحام يبيد الطغاة
وكاتمُ صوتِ جميلِ صداه
وما أن ذهبَ إلى الخلاء، ليقضي حاجته في العراء، حتى ولّيت الأدبار، ولذت بالفرار، مخافة أن يفجّرني، أو يغتصبني ثمّ يحرقني، ولم ألتفت للخلف، خوفا من أشرب منه كأس الحتف.