خلاصة المشهد الفلسطيني-المقدسي مع نهاية العام 2021 – بقلم : نواف الزرو

دراسات …
بقلم : نواف الزرو – ان الاردن …
نتوقف مع نهاية العام 2021 لنوثق: ان من اهم وابرز نتائج وتداعيات الهبة-الانتفاضة المواجهة الفلسطينية الصهيونية الاخيرة في نيسان/ايار الماضي، انها أحيت القضية الفلسطينية وأعادتها الى قمة الاجندات السياسية والاعلامية والشعبية العربية والدولية، كما انه من اهم وابرز نتائجها وتداعياتها إعادة الاعتبار للصراع الاستراتيجي الوجودي الشامل مع المشروع الصهيوني، واصبح لدينا فلسطينيا وعربيا شعبيا (ورسميا في الخفاء-اعتراف الامر الواقع) شبه إجماع اذا لم يكن اجماعا كاملا على ان المشهد الفلسطيني اليوم، وكأننا في مناخات النكبة والمربع الاول للصراع، الامر الذي يمكن اعتباره هزيمة كبيرة من الوزن الثيقل للكيان وقياداته التاريخية التي عملت على مدى العقود الماضية على تهميش القضية وتدجين الاجيال، فلا القضية همشت بل عادت الى قمة حضورها وحيويتها، ولا الاجيال دجنت، بل شاهدنا أجيالا فلسطينية ناضجة واعية سياسيا ووطنيا وانتمائيا على نحو إذهل العدو ومؤسساته الاستخبارية …!
ووفق مجسات الرأي العام الفلسطيني والعربي فقد أحيت هذه الهبة -الانتفاضة- الجولة القضية الفلسطينية وأعادت الاعتبار للصراع الاستراتيجي مع المشروع الصهيوني….!
ففي فلسطين الحالة مختلفة عن باقي دول وشعوب العالم، ففي فلسطين يعاني اهلنا بالاساس من وطأة واعباء”الاحتلال”، والعالم عمليا يقف متفرجاً على هذا “الاحتلال” وفيروساته المتفشية على نحو كارثي مزمن، وما سياسات التمييز العنصري الصهيونية الشاملة سوى احدى تجلياتها، والاحتلال الصهيوني يضاعف الاعباء والاثقال والتداعيات على الشعب الفلسطيني، فالحكاية هناك اصبحت”اعباء وحقائق الامر الواقع الاحتلالي التي تحتاج الى جهود وامكانات وطاقات هائلة لتزيلها عن كاهل أهل البلاد”، والاحتلال بطبيعة الحال لا يكترث ابدا بهؤلاء البشر حتى لو تعرضوا الى الأوبئة الفتاكة، وحتى لو تعرضوا الى هجوم وبائي واسع النطاق ومرعب ويهدد بالابادة الجماعية، بل يمكن القول ان الاحتلال قد يعزز ذلك ويوفر المناخات لذلك، فالهدف الكبير الاساسي على اجندته هو” القمع الشامل والاقتلاع الشامل لأهل البلاد من جذورهم…وانهاء حضورهم العربي في فلسطين..
وفي المشهد المقدسي تحديدا، وفي ضوء التصعيد الاحتلالي المسعور في مختلف الاحياء والاماكن المقدسية وخاصة في الشيخ جراح وسلوان نعود مرة ثانية لنؤكد: القصة في المدينة المقدسة ، ليست في الحقيقة الصراع على المسجد الاقصى أو الصلاة فيه، وليست كذلك قصة البوابات الالكترونية التي اجبرت هبة الاقصى حكومة نتنياهو على ازالتها، أو قصة انتهاكات واقتحامات يومية للحرم والاقصى، وليست كذلك قصة حي الشيخ جراح وسلوان والبستان وبطن الهوى وعين الحلوة على اهمية المعارك الراهنة المحتدمة في الحيين، وانما هي قصة صراع شامل وجذري ووجودي على الرواية والتاريخ والهوية والسيادة والمستقبل، فهم-اي بني صهيون- يسعون منذ بدايات مشروعهم من اجل اختطاف القدس وتسويقها “مدينة يهودية عاصمة لاسرائيل الى الابد”، وكان نبيهم مؤسس الحركة الصهيونية ثيودورهرتزل قد عبر عن هذا الجوهر في إحدى خطبه في المؤتمر الصهيوني الأول [ 29 – 31/ أغسطس – آب/ 1897 ] حيث قال: ” إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شيء .. فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسأحرق الآثار-ويقصد العربية الاسلامية طبعا- التي مرت عليها قرون”.
ولم تتوقف الحكاية عند هرتزل، وانما تواصلت عبر العقود وعبر الساسة والحاخامات اليهود، ومن هرتزل الى بن غوريون، الى بيغن، الى بيريز، الى شامير، الى رابين، فشارون فباراك فاولمرت فنتنياهو-بينيت، ثم جاء الرئيس الامريكي ترامب ليتوج المشروع الصهيوني التهويدي للقدس باعترافه ومنحه”القدس عاصمة لاسرائيل”، وهم يؤدلجون هجومهم التهويدي بنصوص توراتية مزيفة….؟!
واليوم، وما بين زمن هرتزل وبعد نحو قرن واربعة وعشرين عاما، فان العنوان الذي يسود المشهد المقدسي هو:
ان الصراع على القدس والمقدسات بات واضحا تماما انه صراع على الرواية والهوية والسيادة والمستقبل في ظل موجات متلاحقة من الهجمات الاحتلالية التهويدية التزييفية التي تهدف الى تغيير معالمها التاريخية والحضارية والدينية والتراثية…ألخ.
وفي هذا السياق الصراعي نوثق ما يلي: في المشهد الفلسطيني الراهن: الاحتلال يبقى احتلالا، والارهاب الصهيوني هو هو لا يتغير، وهو متواصل منذ قرن من الزمن في فلسطين، ولذلك نتابع في المشهد الفلسطيني الراهن على امتداد الضفة الغربية والمدينة المقدسة: كيف تقوم عصابات المستعمرين المستوطنين الارهابيين بموجات متلاحقة من الهجمات على القدس والحرم الشريف، بل على كل بيت من بيوت القدس، بل على كل عائلة وعلى كل طفل من عائلات واطفال القدس، وفي انحاء الضفة الغربية، وكيف تقوم قوات الاحتلال بعملياتها العسكرية الميدانية الاقتحامية الارهابية على مدار الساعة، فتقوم بتفجير ألابواب وإلقاء قنابل صوت داخل المنازل، وتواصل حملات الرعب والاعتقال في كل مكان..وحتى الآن يبدو ان الجولة الحربية التي وقعت والهبة والانتفاضة الشاملة في عموم فلسطين لم تضع حدا لاعتداءاتهم وعربداتهم، فهذه ايضا معركة كبيرة تحتاج الى نفس طويل والى البقاء في حالة يقظة واستنفار.
وفي ضوء هذه المعطيات وهناك غيرها الكثير الكثير مما لا تتسع له المساحة هنا، يقتضي السؤال المزمن ايضا:
الى متى يبقى الاحتلال جاثما على صدر الفلسطينيين…؟!
الى متى تستمر انتهاكات وجرائم الاحتلال في التفشي الفتاك في الجسم الفلسطيني…؟
لماذا لا يهرع العالم معلنا حالة الاستنفار لعلاج ملف”الاحتلال الصهيوني” بكامله، كما يستنفر لمواجهة ملفات اخرى….؟!
ولماذ لا تتحرك المؤسسة الاممية على نحو جاد ومسؤول في الحالة الفلسطينية…؟!
اسئلة كبيرة انسانية واخلاقية وضميرية وقانونية على اجندة العرب والعالم…!
ثم اليس من المنطق والحكمة والعقل والعدل وفقا للمواثيق الاممية ان يتم وضع “اسرائيل” الارهابية الخارجة على كافة القوانين والمواثيق الدولية في الحجر الصحي فورا…..؟!
وفلسطينيا نوثق في الخاتمة: لم يبق أمام الفلسطينيين حتى بعد الجولة -الهبة-الانتفاضة الاخيرة سوى الخيار الاستراتيجي الجذري والتمسك بالبوصلة الجذرية: إعادة الاعتبار للصراع الاستراتيجي الشامل مع الاحتلال والمشروع الصهيوني، والعمل على اقتلاع الاحتلال من جذوره..
ولعل الزمن يكون في صالح النضال والكفاح الوطني التحرري الفلسطيني ….!
Nzaro22@hotmail.com