حكاية حب للشام : شعر : د . احمد محمد كنعان

الشعر …..
شعر / د.أحمد محمد كنعان – شاعر سوري يقيم في الولايات المتحدة ….
بيني وبينَ الشَّـامِ حُبٌّ قد بَدا
( بَرَدى ) .. تُراكَ تَغارُ من حُبٍّ بَدا ؟
( بَرَدى ) .. هوايَ منَ الشَّـآمِ غناؤهُ
وهَـوايَ .. إنْ غنَّتْ .. فَتَرْجيـعُ الصَّـدى
في ( قاسيونَ ) عرفتُ أسرارَ الهَوى
وضَرَبـتُ للعِشْـقِ الكبيرِ المَوْعِـدا
قلبي استفـاقَ على الغَرامِ بـ ( رَبْوةٍ )
وعلى التِّـلالِ الخُضْـرِ طـارَ وَغَرَّدا
وعلى ضفـافِ ( النَّهْـرِ ) كُلَّ عشـيَّـةٍ
كانت لنا الأنسامُ دوماً مَقْعَدا
فكأننـا بـدرانِ نسبـحُ بالفَضَــا
أو بلبـلانِ تعانَقا فتوحَّدا
وإذا تغنَّينــا وطـــابَ نشيـدُنــا
نَشَـرَ الربيـعُ عبيرَهُ وتَنَـهَّـدا
يا شــامُ .. إنَّ العِشْـقَ فيــكِ عبـادةٌ
كَـمْ ضَـمَّ صدرُكِ عاشقاً مُتَعَبِّدا
سَلَكَ الأنامُ إلى رُبوعِكِ دَربَهُمْ
فربوعكِ الفردوسُ طابَـتْ مـَـوْرِدا
واللهُ حَبَّـبَ للأنــامِ شــآمَهُـمْ
واللهُ صـاغَـكِ للهِـدايـةِ مُرْشِـدا
يا شـامُ .. قومي مـن صَلاتـكِ واسْكُبي
للخَلْقِ إيمــانـاً تَعَطََّـرَ بالهُدى
أُمَـويَّــةَ الرِّمْـشِ الخَجُـولِ تَدَلَّلي
وتـألَّقـي كالزَّهْـرِ كَلَّلـَـهُ النـَّـدى
جُرِّي ذُيـولَ المَكْرُمـاتِ وتـابعـي
خَطْـواً على رِمْشـي المَشُـوقِ ليَسْـعَـدا
مـا ناظَرَتْ عيناكِ شيئـاً في الدُّنى
إلا رأيتُ جَمــالَـهُ مُتَفَرِّدا
وَلَكَمْ سَباني في ( العُيونِ ) حكايةٌ
ذابَ الفُــؤادُ لِهَمْسِـــها وتَـشَـهَّـدا
يا لَهْفَ قلبي للعيـونِ وهَمْسِـهـا
من همسِـهـا المِغنـاجِ بِتُّ مُسَـهَّـدا
***
رَعَشَـتْ أناملُهـا وغَضَّـتْ طَرْفَـهـا
قالتْ : أتكتبُ في الحبيبةِ مُنْشِـدا
وتَـوَرَّدَ الخَـدُّ الـذي عَشِـقَ الحَيـا
أفْـديــهِ ذاكَ الخـَـدُّ كيــفَ تـَـوَرَّدا
قلتُ : الكـلامُ العـَـذْبُ هـذي صَنْعَتي
أهوى البيــانَ مُحَـرَّراً ومُنَضِّــدا
ينسابُ من ثَغْري البيانُ مُعَتَّقاً
والحَرْفُ أُطلقُهُ فيرحَلُ في المَدى
نَسَجَ الهوى من أحرفي أحلامَهُ
وَشَــدا البيـانُ بأحرفـي فَتَوَقَّــدا
فأنـا الدمشقيُّ الـذي احتَرَفَ الهَـوى
وأقامَ صَرْحَـاً للبيانِ مُمَرَّدا
وقصـائـدي من ( غوطَتَيْكِ ) حروفُهـا
كَمْ صُغْتُ منـها في هَـواكِ قلائـدا
فامضي بقلبي حيثُ شـاءَ لكِ الهَوى
ما كانَ قلبي في الهَـوى مُتَرَدِّدا
واسْتَعْذبي ما شئتِ تجريحاً لهُ
تجديهِ قلباً للجِراحِ مُمَهَّدا
وتوَسَّدي روحي وذوبي مثلَما
ذابـتْ على النِّسْـرينِ حبَّـاتُ النَّـدى
يا شـامُ .. إنِّي فـي سمائِـكِ طـائـرٌ
حُرِمَ الوِصالَ فصَـبَّ دمعـاً أسْوَدا
كَتَبَ الزَّمانُ عليَّ رحلةَ عاشقٍ
أقضـي الليــالي شـارداً مُتَشَــرِّدا
لا قلـبَ يحنـو إذ تفيضُ مدامعـي
لا طَيْفَ .. إنْ أكبو .. يمدُّ ليَ اليَدا
فَلِمَنْ أبـُـثُّ اليــومَ بعضَ مواجعـي
ولمنْ .. تُرى .. أحكي حكاياتي غَـدا
يا شـامُ .. قـد شـابَ الصَّبيُّ على النَّوى
ولطـالـمـا كـانَ الصَّبيَّ الأغْيـَـدا
مَـلأَ اللَّيــالي ضِحْكُــهُ وَعَبيـرُهُ
واليَوْمَ .. يا أمَّاهُ .. باتَ مُنَكَّدا
يَنْـدَهْ عليـكِ فلا يَـرُدُّ سِـوى الصَّـدى :
( لا تندهوا .. مـا في حَـدا .. مـا في حَدا )
يـا شـــامُ .. رُدِّي للصَّبيِّ نـِـــداءَهُ
يـا شـــامُ .. ضُمِّيني إليـكِ مُجَــدَّدا
مُدِّي ذراعَيْكِ الحنونَةَ واحضُني
قلبي الذي بهواكِ كانَ تَعَمَّدا
يا حُزْنَهُ قلبي إذا طالَ الزَّمانُ
وقَدَّرَ الرَّحمـنُ بُعْدَكِ سَــرْمَـدا
ومشى بأخباري الوُشاةُ ، وحُسَّـدي
قالوا : سَلاكِ وَهَامَ في حُبِّ العِدا
كَـذَبَ الوشـاةُ .. شـآمُ .. مهما أرْجَفوا
كَـذَبَ الحَسُـودُ .. شـآمُ .. مهما عَرْبَدا
يـا شــامُ .. أنتِ الرُّوحُ .. أنتِ رَحيقُـها
يا شامُ .. أنتِ نهايتي والمُبتدا
وأنا على عهدي القديمِ أصونُـهُ
ما كنتُ يوماً للعُهودِ مُبَدِّدا
سـنعـودُ رغـمَ العـاذِلِـينَ إلـى الرُّبى
ويعودُ طيرُ الحُبِّ فيـكِ مُغَرِّدا
ونُطِلُّ من بَعْدِ الغيابِ ونلتقي
لن يتركَ الرَّحمـنُ بابَـكِ موصَـدا

***