اراء حرة ….
بقلم : جيمس زغبي – واشنطن ….
على مدار عقود، عانى الشعب اليمني من سوء الحكم وضعف التنمية والصراع الأهلي الطويل. وعلى رغم تحمل تلك الصعوبات الكثيرة، تعرض اليمنيون بشكل كبير إلى تجاهل كثير من دول العالم خلال العقود الماضية.
وخلال العام الماضي، زاد التمرد الحوثي من آلام اليمن وهو ما أدى لتدخل التحالف العربي لوقف التغول الحوثي عند حده، وفي بداية الأسبوع الماضي، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» افتتاحية تحت عنوان واعد: «دلالات نهاية القتال في اليمن». وكانت الدلالات التي تحدثت عنها: الاجتماعات الأخيرة بين مسؤولين سعوديين وعناصر من قيادة مليشيات الحوثي المتمردة، والتي توصلت إلى إعلان: تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار بداية من اليوم، والتمهيد لبدء محادثات سلام في وقت لاحق من الأسبوع في الكويت. وكان تقدير بعض المحللين أن «التايمز» أبدت تفاؤلاً كبيراً، ولكن كان هناك على الأقل بعض الأمل في أن يتخطى اليمن هذه المرحلة الحرجة وأن يذعن المتمردون الحوثيون للشرعية ويوقفوا تغولهم وتمردهم.
وفي حين كانت هناك فترات أخرى من الاضطراب في ماضي اليمن، بدأ الفصل الأخير في أعقاب الاضطرابات التي ضربت البلاد إبان ما سُمي بـ«الربيع العربي». ولطالما كان اليمن دولة فقيرة، وحتى في الأزمنة الماضية، كان غير مستقر سياسياً أيضاً. وكانت هناك صراعات قبلية، أحدها صراع بين الثقافات السياسية المختلفة في الشمال والجنوب ترجع جذوره إلى العهد الاستعماري، كما أن اليمن يعاني أيضاً من تحدي فرع تنظيم «القاعدة». وإلى ذلك، تصلبت إدارة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وأضحت أكثر فساداً.
وبعد أن زعزعت الاضطرابات الاستقرار في البلاد، تدخلت دول مجلس التعاون الخليجي، بتنسيق مع الأمم المتحدة، بغية إعادة الاستقرار ووقف الوضع المتردي من خلال إجراء إصلاحات على الحكم في اليمن. وأفضى الاتفاق الذي تم التوصل إليه إلى «خلع عبدالله صالح مدى الحياة»، ليخلفه الرئيس عبدربه منصور هادي، مع تشكيل حكومة تكنوقراط.
وعند استبدال صالح، وضع هادي أجندة إصلاحية، اعترض عليها الرئيس المخلوع، الذي لم يغادر البلاد، وعمل على عرقلتها. ومن دون دعم دولي، وقبل حصوله على الفرصة والموارد اللازمة لإجراء تغيير حقيقي، تعطلت جهود الإصلاح.
وفي هذه المرحلة، تم استهداف حكومة هادي بسبب اجتياح نفذته عصابة من المتمردين، عاونتهم بعض العناصر المنتمية للجيش اليمني السابق، ممن أبقوا على ولائهم للرئيس المخلوع. وتحرك المتمردون من العاصمة صنعاء جنوباً، ومن ثم شعرت المملكة العربية السعودية وشركاؤها في مجلس التعاون الخليجي بالقلق على مستقبل اليمن، وخاصة أن التسوية التي عملت دول مجلس التعاون على إنجازها قد نُقضت من طرف المخلوع والمتمردين الحوثيين. ولأن السعودية حاربت في الماضي توغلات المتمردين الحوثيين، كان لزاماً عليها مواجهة تحدي نظام يراد أن يهيمن عليه الحوثيون وصالح في جنوبها. وزاد من استياء الدول العربية تبجح البعض في إيران بأنه قد أصبح لهم الآن وُجد في أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
وعلى رغم أنه كانت هناك بعض المؤشرات القوية بشأن مدى الدعم الذي تقدمه إيران لانقلاب الحوثيين، أوجدت مزاعم طهران وتقارير عن شحنات وإمدادات الأسلحة الإيرانية إلى المتمردين، واقعاً لم يمكن للسعودية أن تتجاهله أو تسمح به.
وقبل نحو عام مضى، بدأ التحالف الذي تقوده السعودية ضربات جوية بهدف صد التمرد الحوثي ودعم الحكومة الشرعية برئاسة الرئيس هادي. وهكذا نأمل أن تكون الدلالات في الحقيقة أكثر من مجرد «دلالات»، وأن يتوصل الجانبان إلى تسوية تنهي التمرد الحوثي وتعيد الشرعية، وأن تتمخض المفاوضات عن تسوية سياسية ومصالحة وطنية، وعودة الاستقرار لليمن بقيادة حكومة الرئيس هادي.
وعندئذ، لن تتضمن الأجندة الحقيقية لليمن الإصلاح السياسي وتوحيد القوى اليمنية والإقليمية لهزيمة تنظيم «القاعدة» فحسب، ولكن أيضاً إعادة الإعمار، وجهوداً دولية تقودها دول مجلس التعاون الخليجي لمعالجة الاحتياجات الأساسية للشعب اليمني الذي عانى كثير
جيمس زغبي