آراء حرة ….
إن الطريق إلى أي لقاء عربي أو مؤتمر عربي مصغّر أو موسّع هو مليء بالحفر والمطبّات السياسية ، رغم إزالة بعضها ومحاولة تسويتها ، لأن الذي تراكم عبر سنوات طوال تحت العباءة العربية كان كثيراً ، بل ومخيفاً للواقع
العربي . فأي لقاء عربي متوخّى منه جمع العرب وتوحيد صفوفهم ، ولكن المنظور لهذه القمم أنها فرّقت الكثير من المصالح العربية . ففي مفترق الطرق المعقّدة ، حيث يعمّ الظلام والضباب وتتداخل الألوان
بأكثر من طيف الذي يضيّع الواهمين والسياسيين والمفكرين في هذه الغياهب ، في طرقات مشبوهة إبتلعت شعوباً بكاملها ، لذا يقف القادة من بعض المفكرين والساسيين العرب في حيرة من أمرهم ما بين التقدم والتخلف ، وقد يراجعون مواقفهم ولكن بعد فوات الأوان ، حيث سقطت الكثير من الأحلام العربية ، ويصبحون في هذا المفترق الصعب نخبتين ، نخبة تلوذ بالأفكارالنبيلة الصادقة للعدل والمساواة والحرية والتطور والديمقراطية ، وفرقة أخرى تتعثر وتصطدم خطاها بأسوار شائكة تلف القديم والحديث .
فإذا كان العالم يريد أن يقدّم مساعدات للعالم العربي ولواقعه الأليم وخاصّة بعد أحداث متفرقة إن كان في اليمن أو ليبيا أو سورية والعراق ولبنان وغزة ، فلماذا تضيّع بعض الأطراف العربية والفلسطينية
هذه الفرصة عبر مماحكات عقيمة وإبقاء معاناة أهالي غزة على حالها ، على أساس القول المعروف \\\ لا برحمك ولا بخلّي رحمة الله تنزل عليك \\\ .
فبعض الأطراف العربية والاقليمية تريد أن تسيّس حتّى المساعدات وتضع يدها وعجلات العرقلة في كل أمر . وخاصّة بعد أن إنكشف موضوع الموقف الاقليمي البشع والخبيث في المنطقة العربية ومصالحها ، حيث هددت إيران البحرين أكثر من مرّة ، وأفسدت إمكانية الإستقرار في العراق ، ومن ثم إستمرارية تعنتها وإحتلالها للجزر العربية الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى ، إضافة إلى دورها في لبنان وسورية عبر حزب الله ،إضافة أيضاً إلى تدخلاتها المشبوهة في الواقع الفلسطيني .
إضافة إلى التدخّل التركي القذر في الشؤون العربية بهدف تحقيق مصالحها وأطماعها في الأ{ض العربية المترامية الأطراف . إننا نحتاج إلى تأمل طريقنا الصحيح بعيداً عن أوهام النخب التي تطرح نفسها على الساحة العربية وهي فاشلة لا محالة ، لأن مايبنى على أساس
خاطىء ستكون نتيجته خاطئة . وعلينا أن نفهم الطريق العربية الوطنية والقومية بشكل سليم وسط عجاج وعواصف النهضة العربية ، ونستطيع أن نفهم هذا الدرب إذا تساءلنا : *هل يعيش الوطن العربي والمؤسسات العربية والمواطن العربي في وضع صحي وحيوي وسليم نوافق أن نندمج في أعماق طرقاته ؟ .
فإذا كانت الإجابة معروفة سلفاً لكل مفكر وسياسي وعاقل فإن الإختيار لكل عاقل ومفكر وسياسي معروف وواضح سلفاً أيضاً . فنحن نرفض أن نقف موقف المتفرج أو المطمئن ، أو موقف المحايد السلبي ، أو موقف المصفق والمبجل المنافق .
ونحن لا ننكر أن الساحة العربية شهدت في المرحلة الأخيرة إندماج الكثير من المثقفين والمفكرين في المناخ العام الذي يفرزه بعض الإعلام العربي الذي يشوّه ويموّه الحقائق الصغيرة والكبيرة على مجمل الخارطة العربية ،
وكأنهم يقولون \ إن خير ما نفعله هو الإنغماس في هذا الواقع ! والجري مع التيار ! وبالتالي يحصدون فرصة ما من الاستراحة المؤقتة والتي قد تكون دائمة ! .
وكأن لسان حالهم يقول أيضاً ، يتعذّر علينا إنقاذ وإصلاح الوطن في هذه الظروف ،، ولكن هناك رجال بمعنى الكلمة ومفكرون وكتّاب ومثقفون معنيّون بالنهضة الشاملة للوطن العربي وإصلاحه بديمقراطية سليمة تحت شعار واضح وسليم هو العدل والمساواة والحرية . نعم هكذا نهضت أوروبا من خلال مثقفين إكتشفوا عيوب التاريخ أمثال \\
فولتير – جان جاك روسو – ديكارت – كانت – جاليلو -والعديد من المثقفين الآخرين الذين هاجموا كل أشكال الظلمات والتخلف ومصادرة حرية الانسان ، فأطلقوا حرية النقد ورفعوا الوصاية والهيمنة على المؤسسات الفعّالة في
المجتمع لتنطلق إلى أفق رحب وحضاري وديمقراطي تسوده المحبة والحرية . أمّا نحن بعض العرب فإننا نركن بصمت إلى اللا نقد ونساير التيّار العام وننافق ونموّه الحقائق ونشوّهها .
نعم نحن المفكرين والمثقفين إستبدت بنا وحشة الطريق الطويلة ، وفي النهاية لا نقطف الاّ طريق فارغة باهتة ، حيث ناءت أصوات عديدة للمهادنة والتملق بإسم العقلانية والواقعية والتمّسح بعباءة بعض الأنظمة الفاسدة .
أمّا نحن فإننا نعلنها بوضوح لا لبس فيه :
* لم ينته إستغلال الوطن والمواطن من أقسام كثيرة في العالم العربي
* وفي نفس الوقت لم تبدأ حرية المواطن بعد .
* ولم تتحقق أبسط مبادىء حقوق الإنسان والحرية الاجتماعية وعدالتها .
* ولم تتحرر العقول العربية بعد ، ولم تنهض بعد بعض الهمم والعزائم لنجدة الواقع العربي .
* ولا زال نصف الأمة العربية أمي .
* وشئنا أم أبينا لا تزال الأمة أيضاً ممزقة .
* وإذا فكّرنا ملياً فإننا لا نزال في مؤخرة الأمم .
* والمرأة عندنا لم تتحرر بعد .
* ولا يزال الأطفال العرب مشردون ، ولا يزال الفقر العام مسيطراً علىالعالم العربي ، مع الثراء الفاحش لأزلام الأنظمة القائمة في العالم العربي .
* وهذا إضافة إلى الفساد المتفشي ، والطائفية المشرئبة برأسها ،
والأصولية المتكاثرة ، إضافة إلى تفشي ظاهرة النفاق ، إضافة إلى الرشوى
التي تعم مناطق كثيرة من العالم العربي التي تسودها أنظمة القمع
والاستبداد ومصادرة الحريات .
* فكم نحن نحتاج لإصلاح هذا الوطن ؟ ولكي نتقدم ؟ .
مع الأخذ بعين الإعتبار أن هناك الكثير من المثقفين والمفكرين السياسيينأصبحوا جمالاً نافذة تلقى حتفها من العطش والفراغ والتصحر الفكري ، ومع ذلك فإنها تشعر وهي تغوص في الصحارى بسعادة لا توصف من خلال نعومة الرمل . فالحركة العربية تجاه الإصلاح بطيئة جداً ، والعمل العربي الجماعي ما زال في نشاطه أشبه بمن يعالج السرطان المتفشي بحبة لازكس مدرّة للبول . علينا أن نعي جميعاً أن هناك عواصف عاتية قادمة إلى الأمة ، وتغييرات مفجعة ، فالذي أصاب بعض المفكرين العرب هو تماماً كمن يحلم أن يربح
الجائزة الكبرى من ورقة يانصيب دون أن يشتريها !. فهناك إستحقاقات لا بد من أن تسدد ، رغم قناعتنا أن العرب وصلوا من خلال تفرقهم إلى قعر البئر ، لكن على من يعنيهم أمر الأمة أن يتنازلوا من خلال
مصالحة صادقة ويبحثوا بإيمان وطني وقومي عن أفكار ومواقف تحفظ حقوق الأمة بعد أن أضاعوا كل وقتهم وهم يحلمون بأفكار سلام خلقوها هم أنفسهم وتوهموا بها ولم يصدقها أحد غيرهم .
فقليلاً من الحياء يابعض المفكرين والمثقفين العرب ، ولنعمل جميعاً من أجل مصلحة الوطن والأمة والانسان وحقوقه ، مع كامل الولاء والانتماء الوطني والقومي في ظل قيم العدل والمساواة والحرية .