تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا – بقلم : ادوارد جرجس

آراء حرة …
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك …
معرض للكتاب في بلادنا ، شيء جميل ، ذهبت العام الماضي بعد انقطاع فترة طويلة بسبب الظروف التي لم تسمح بأن أكون متواجدا في مصر في ذلك الوقت ، ذهبت وكل الأماني تصحبني وخاصة أنه يوجد به أكثر من مطبوعة لي ، ذهبت وفي رأسي الكثير من الذكرى  عن آخر مرة منذ فترة ليست بالقصيرة ، خرجت وأنا مرفوع الرأس بأن يكون في بلدي وهي بلد عظماء الكتاب والشعراء هذا الصرح الدولي الذي يكرم الموجود ويخلد ذكرى من رحلوا . ذهبت ومعي آلة التصوير لأعود بصور تكون فخراً لي ولمن يراها بأن بلدنا بها هذا الصرح الأدبي ” معرض القاهرة الدولي للكتاب ” ، نعم لم أحرم آلة التصوير من ممارسة عملها ، لكن ما صورته أحتفظ به داخلها للآن ولم أشأ أن أعرضه ، صعب علىِّ أن أعرض لقطات تقول بأننا ابتعدنا كثيرا عن الشكل والغرض لمعرض اسمه يقول انه للكتب وليس باعة لمأكولات على أرصفته وما يتخلف عنهم من قمامة ، صعب علىَّ أن أعرض أكياس القمامة الضخمة الموجودة على جانب طرقاته ، صعب علىَّ أن أقول أنه تحول من معرض للكتاب إلى مكان عام للتنزه والطعام وما يصطحبه الزوار الذين اعتادوا أن يتعاملوا معه على أنه حديقة مثل حديقة الحيوان فاصطحبوا معهم أطعمة تحتاج إلى فرش وجلسة ولم ينقص سوى السوداني والموز يلقونه إلى جبلاية الكتب إسوة بقرود الجبلاية . وزراء للثقافة إعتادوا على افتتاحه في اليوم الأول ثم تنتهي مهمتهم ، عادي كأي موظف حكومي يذهب في الصباح لمجرد التوقيع في كشف الحضور ثم ينظر يمنة ويسرة ويهرب من نفس الباب الذي دخل منه لتتعطل مصالح الناس ، لكن للأسف في معرض الكتاب تتعطل اللوحة الجمالية والثقافية لصرح الأدب والأدباء ، وزراء ثقافة اعتادوا أن يتعاملوا مع المعرض بإسلوب ” خلي الناس تتفسح وتاكل وتتبسط ونقول أن الألاف من الزواريزخر بهم المعرض كل يوم ، وإراهن على عدد الذين يخرجون من المعرض وفي صحبتهم كتاب ، أو حتى الذين يلقون نظرة من بعيد على الكتب وهي فوق الأرفف ، وحتى أخرج من هذه الغصة وحتى أجد أرضية محددة للحوار والجدل الخلاق حول ما يشوب معرض الكتاب من ملاحظات تنظيمية ، علينا أن نسأل أنفسنا ونسأل المنظمين للمعرض ومسؤولي وزارة الثقافة ، هل معرض القاهرة للكتاب الآن كما كان في السنوات الأولى لانطلاقه ؟! وهل يمكن العودة للسنة التي سننها الناقد الراحل سمير سرحان بتحويل المعرض إلى مهرجان ثقافي وسوق ثقافي ومولد ثقافي فولكلوري يزخر بالبهجة ويحضره أغلبية من المثقفين والباحثين عن المتعة الثقافية حتى لو كانوا من العامة ، لست أعلم لماذا في بلدنا يتحول كل شيء عن اتجاهه والغرض منه ؟! ، ليس العبرة في الأعداد التي تزور المعرض ونتشدق بأن الثقافة أصبحت في جميع العقول ، بينما الأغلبية الموجودة بداخله جذبها ثمن تذكرة الدخول البسيط فذهبت والثقافة في حلل المحشي كيوم للنزهة ، والملاحظة التي لا تغيب عن طفل لو أسند إليه تنظيم المعرض ، لماذا لا تُسند نظافة المعرض لشركة نظافة محترفة ، تستطيع أن تحافظ على الصورة العامة للحدث الثقافي والجماهيري الأبرز في حدها الأدني ، هل هي مشكلة عويصة ؟! ، أعتقد أنها كذلك أمام العقول العويصة . نأمل في وزيرة الثقافة الجديدة ، نقول يارب .
edwardgirges@yahoo.com