فن وثقافة ……
إبقلم : دوارد فيلبس جرجس – نيويورك ….
يسوقني موضوع الحديث عن الإبداع الأدبي إلى قضية الكاتب أحمد ناجي الذي ذهبت به روايته ” استخدام الحياة ” إلى الوقوع بين يدي قاضي حكم عليه بعامين خلف قضبان الزنزانة ، بتهمة خدش الحياء العام الذي ورد في فصل من فصول روايته ، قابلت أحمد ناجي منذ عدة سنوات في مكتب الراحل الأديب ” جمال غيطاني ” حيث كانوا يجرون معي حواراً نشر في مجلة ” أخبار الأدب ” التي كان يرأس تحريرها الأديب جمال الغيطاني أنذاك ، كان أحمد ناجي يكتب في أخبار الأدب وتحدثت معه واستمعت إلى بعض الأراء الفائرة التي تتناسب مع سنوات عمره القليلة وكان ذلك قبل أحداث يناير 2011 ولم أسمع عنه بعد ذلك سوى منذ فترة مع قضيته ، كسرد أو كحديث عن هذه القضية أقول أنها تتفرع إلى شقين ، الشق الأول وهو الخاص بالرواية والشق الثاني هو الخاص بالحكم . بالنسبة لرواية ” استخدام الحياة ” لا شك أن بها أشياء تستحق الاهتمام وهي ما عرضه الكاتب عن مأساة الشباب في وقتنا الحالي ، لكن لو سأُلت عن الإبداع الأدبي بها أقولها وقولي يحمل بعض التشكك ، قد يكون يكون بها بعض الإبداع ضاع ضحية إسفاف الكاتب في استخدام اللفظ في أحد فصول الرواية ، قرأت هذا الفصل وحقيقة أصابني بالتقزز الفكري ، ألفاظ فجة لا تخدش الحياء فقط لكن يمكن أن نقول أنها تدنت إلى حضيض السفاهة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تدنو من الإبداع أو حرية التعبير أو تفيد في إظهار فكرة ما ، أي قصصي أو روائي قد تسوقه الأحداث إلى وضع بعض الإيحاءات الجنسية كمكمل للمشهد وأنا شخصياً استخدمتها كثيراً لكن من المستحيل أن نسمح بهبوط الاستخدام اللفظي ، ما كتبه أحمد ناجي كان يمكن أن يبرزه بصورة تقبل القراءة من الجميع دون الشعور بتفاهة الاستخدام اللفظي الذي بالفعل يثير التقزز ، لم أكن أتوقع قبل القراءة أن يكون الكاتب تدنى إلى هذه الدرجة وقتل أي فرصة لنقول أنه أبدع فالإبداع الأدبي له أناقته التي تُجبر أي قاريء حتى القارئ العادي أن يشعر ويتمتع به ، أعتقد أن الحديث عن رواية ” استخدام الحياة ” لا يستحق أكثر من ذلك ولكن يجرنا إلى الشق الثاني وهو حكم المحكمة ، في الحقيقة أنا لا أعرف كيف أو على أي أساس حكمت بسجنه وعلى أي أساس وصلت المدة إلى عامين ، بالرغم من أن الدستور على ما أتذكر به المادة 8 التي تحمي الكُتاب والروائيين ، حكم جائر حقيقي ، أعتقد أن الأمر يجب ألا يزيد عن غرامة مالية أو حذف الفصل أو الفصول التي بها الألفاظ المخلة أدبياً أو بالأكثر سحب الرواية وعدم نشرها بالرغم من أن الرواية حصلت على موافقة من الرقابة . منذ فترة أراقب الأحكام في قضايا الإعلام والكتاب وأستشعر التربص بهم ، فهل القضاء أصبح يسير في اتجاه لا نعرف اتجاهه ، أم هذه عصا التأديب ضد حرية الرأي والتعبير والإبداع ، البعض الآن يأله القضاء وأحكامه وكأنها آتية من السماء ، كل البشر فوق الأرض لا عصمة عليهم من الخطأ ، الله وحده الذي يأخذ درجة الكمال !!!!! .
edwardgirges@yahoo.com