فن وثقافة ….
بقلم : خليل ناصيف – فلسطين المحتلة …
-“أريد بدلة “.
كرر الكائن الذي يقف امامي طلبه للمرة السادسة
تأملت الزبون جيدا ثم أمسكت كوب الشاي وتفحّصته عدة مرات كي اتأكد من خلوه من المخدرات .
انه يوم مجنون .
-” أريد بدلة “.
– حسنا ولكن بالنسبة لمنطقة الارجل كما تعلم لا يمكننا استعمال بنطلون عادي نحتاج لبعض التعديلات او للكثير من التعديلات او بصراحة طلبك مستحيل .
مستحيل !
تبا ها أنا افكر بتفاصيل بدلة يرتديها تمساح بدلا من التفكير بكون تمساح يقف امامي ويطلب تفصيل بدلة .
– “أريد بدلة ”
– لماذا تريد بدلة ؟
هز التمساح رأسه فسقطت عنه قبعة الطاهي الطويلة التي يرتديها ثم لف جسده فسقطت عنه العباءة ويا الهي وقف امامي كائن برمائي جلده مثقوب بعشرات الثقوب المستطيلة مثل امرأة حمراء البشرة ترتدي شبكة صيد ممزقة . فهمت انت تريد بدلة لتغطي كل تلك الثقوب .
-” أريد بدلة ”
– أي نوع من البدلات ؟
-“عليك ان تقوم بخياطتها فحسب وسوف آتيك باللوازم ” .
في صباح اليوم التالي جاء التمساح مجددا الى المحل وقدم لي جلدا غريبا يبدو وكأنه جلد بشري تناولته بدون تعليق . بدأت بالعمل حوالي التاسعة صباحا واستغرقت الخياطة عدة ساعات وعندما انتهيت تناول التمساح بدلته ووضع بيدي ساعة ثمينة وغادر فجأة كما جاء .
كانت الساعة تشير للتاسعة وخمس دقائق . فكَّرت ان اذهب في نهاية اليوم الى متجر الساعات في الشارع المجاور كي يقوم باصلاحها .
دخلت المتجر في حدود الساعة الخامسة , كانت الساعات المعروضة في الفاترينه تشير الى الخامسة وعشر دقائق . نظرت الى ساعة يدي كانت تشير الى الخامسة وعشر دقائق .
لابد انها عادت للعمل بشكل صحيح
كنت على وشك مغادرة المحل عندما شاهدت امامي الساعاتي ممددا على الارض جثة هامدة منزوعة الجلد .
,
,
ثم
بدأ الناس يستعملون ساعات يد بسيور معدني ليس مجاراة لموضة المعدن ولكن لأن صانع الساعات بسيور فاخر من جلد التماسيح مات بصورة مأساوية يقولون انه تعرض لهجوم كلب مسعور أو ربما وقع ضحية جراح منحرف .
أعلم ان تمساح الساعات قد قتله ولكن لن يصدقني أحد في مدينة جبلية بعيدة عن النهر وعن التماسيح .
ربما ليست بعيدة بما يكفي .
خليل ناصيف
nasif.khalil@gmail.com