بلدة الجـش بين الآرامية والأسلمة! – بقلم : فؤاد عبد النور – المانيا

فلسطين …
بقلم : فؤاد عبد النور – المانيا ….
مجلس محلي الجش.
يقدر عدد السكان بثلاثة آلاف وخمس مئة نسمة. وقد تضاعف عددهم من ورود المهجرين في داخل البلاد منها، من دلاتة  وقدّيتا، وبشكلٍ  خاصٍ من كفر برعم القريبة.
يقدر أن الاسم أخذته لشهرتها في إنتاج الحليب والأجبان. وهناك قول ٌ آخر أنه مشتق من صخورها البيضاء كالحليب.
لليهود ذكريات كثيرة فيها. آخر قرية سقطت في أيدي الرومان بعد ثورة اليهود كانت الجش. كتب عنها يوسيفوس، المؤرخ اليهودي، الذي اعتنق المسيحية، وانضم لجيش الرومان. فيها الكثير من الآثار التاريخية، لكونها سكنت حوالي 3000 سنة قبل المسيح.  وكانت تدعى أيام الرومان ” جسكالا ” .
مر بها، واستراح صلاح الدين، وذكرها روبنسون في كتاب ذكرياته.
في السنة 1837 دمرها زلزالٌ شديد، أحدث شقاً في الأرض، فأعيد بناؤها.
دُفن النبي يوئيل( من العهد القديم) في أرضها. وله مقامٌ محافظٌ عليه. ويقال حسب التقليد المسيحي أن بولس الرسول قد ولد فيها.
سكانها 35% مسلمون، 10% كاثوليك، و55% موارنة. أخذت تظهر بين الأخيرين ميولٌ  لدراسة الآرامية،  لغة المسيحية الأولى،  وأُدخلت في منهاج المدارس الابتدائية في الجش. لا ضيرَ في ذلك.  في بيت جالا الفلسطينية،  أيضاً، أُخذ في دراسة الآرامية، وبين المسيحيين السريان في سوريا، خاصة معلول،  تقدموا في هذه الدراسة كثيراً. ولكن،  في الجش بدأت تبرز انحرافات كبيرةً مع دراسة هذه اللغة، ستأتي على شرحها أدناه.
الدكتور مصطفى العباسي أرّخ  الجش بكتابه ” الجش، تاريخ  قريةٍ جبلية “. وذكر فيه الكثير من الحقائق التاريخية المهمة، عن قصف الطائرات الصهيونية الجش بستة عشرة قنبلة، وزن الواحدة منها 100 كلغم. فــقُـــتل الكثير من السكان، في القرية، وفي الحقول التي هربوا إليها، أسماءهم مذكورة  في كتاب الدكتور عباسي. أما  د. عرّاف  فقد نقل شهادات عدة ٍمن الجش، وعن 120 جثةٍ  لقتلى في الحرب ( 48 )، 16 من الجش، والبقية من الغرباء عنها. وعن قتل خمسةٍ  من الجنود المتطوعين المغاربة مع جيش الإنقاذ. وان احد الجنود الإسرائيليين تعرف على أحدهم، وقال له : كنت أعرفك من المغرب حين كنت تعمل عند الخاخام الفلاني في المغرب. وقدم للجنود المغاربة الطعام والشراب، ورغم هذا لم يستطع حمايتهم، إذ وجدوا قتلى بعد ذلك.
خليل عثمان خلايلة  نشر كتاباً آخر عن الجش، صدر في دمشق ” جسكالا . 2008″ ووجدت له عبارةً  جميلةً، تظهر كم  كان  حساساً ودقيق الملاحظة أثناء النكبة:
” أمنيتي وأنا بهذا العمر أن أرى قريتي ( الجش)، وأن أدفن في مقبرتها، مقابل جبل الجرمق. لقد نفينا، وتعذبنا كثيرا، ولكن حين نشاهد بلدنا محرراً سيزول كل هذا العناء، وكل هذا التعب. رافــقنا في رحلة العذاب كلبنا. عندما اجتزنا الحدود مع لبنان، وقف ذلك الكلب على الحدود، ثم أدار وجهه نحو الجش، وعاد إلى القرية، ولم يتجاوز الحدود بمترٍ واحد!!
—————
قرأت البيان التالي لأبناء قرية الجش في المهجر:
” نحن أبنا قرية الجش في محافظة حلب، نعاهد الله ونعاهدكم في تجمع العودة الفلسطيني – واجب – أن  نظل أوفياء لقضية فلسطين، متمسّكين بالثوابت الفلسطينية، وبحقنا في العودة إلى أرضنا وبيوتنا التي اقتلعنا منها، رافضين كل أشكال المساومة أو التنازل،  أو التفريط بذرة  تراب واحدة من أرضنا الحبيبة. والله على ما نقول شهيد. ”
————-
ونأتي الآن إلى مقال للصحفي المخضرم، ابن الجش، عطا لله منصور، المطلوبة خدماته في الصحف الإسرائيلية والعربية، الذي شرح أسباب نجاة  قرية الجش من الدمار، أسوة بجاراتها الأخرى، فلم تُدمّر، ولم يُهجّر أهلها. المقال من موقع ” يافيتة. كوم yafitah.com ” ، بتاريخ  25 \ 4 \ 2012.
يقول عطا الله أن نجاة الجش،  وإرجاع أهالي كفر برعم فيها، يعود إلى علاقة صداقة خاصة كانت تربط الشماس ” إنتاسيوس ” ابن الخوري يوسف عقل، مع ” إسحق بن زفي، ” آخر زعماء حزب مباي،  والذي تبوأ  في مرحلةٍ لاحقة منصب رئيس الدولة بعد موت ” حاييم وايزمن ” سنة 1952، وهي علاقةٌ أساسها ثقافيٌّ صرف.
وقد تناقش هذا الشماس مع الضابط المسؤول الذي طالب القرية بالرحيل، وأثناء النقاش  ذكر  هذا الشماس علاقـتـه  ببن زفي،  وأنه يود مكالمته. فقال الضابط أنه لا يتمتع بوسيلة اتصالٍ، فرجا الشماس أن يتم ذلك من مدينة صفد، وأنه على استعداد لتأمين وسيلة سفر. فذهب الاثنان إلى صفد، ورجع الشماس في العصر، مبشراً القرية بالبقاء.
هذا وقد ذكر أكثر من مصدر أن مسيحيي الجش أرسلوا إلى أهل بلدتهم المسلمين الذين سبق أن هاجروا إلى لبنان، يطلبون منهم الرجوع، مع ضمان أنهم لن يرحّلو ثانية ، فرفضوا!
لهذا السبب  يقول الصحفي عطا لله احتفظت الجش بأراضيها الخصبة، وازدهرت فيها الفواكه التي تُصدرها إلى جميع أنحاء البلاد.
————
أخبار جميلة أخرى:
الشاعر جورج عقل يؤكد: لو أعطوني قصر فرساي، ما ببدله بالجش.
البروفسور حنا جبران، الذي يدرس الفنون الجميلة في جامعات كارولينا الشمالية، عاد لقريته لينظم مهرجاناً للنحت في الجش، و ما ينتج عن هذا المهرجان ينصب في ساحات القرية.
كتاب:
الجش..  تاريخ قرية جبلية. د. مصطفى عباسي.
تاريخ جسكالا ( الجش ). خليل عثمان خلايلي.
—————————————
النزعة الآرامية والتمسح بالصهيونية !
تتكرر الأخبار الواردة عن موارنة الجش، وغيرها، عن الرغبة في تعلم اللغة الآرامية، وفي نفس الوقت الرغبة في الانفصال؛ الانفصال ليس عن الدولة، ولكن انفصال عن المجتمع العربي المحيط بهم. إذ تقدم  مئتا  شابٍ  من الطائفة المارونية، الذين يعتبرون أنفسهم آراميون،  تقدموا بطلبٍ إلى الدولة أن تسجلهم في هويـّاتهم كآراميين وليس كعرب، أو مسيحيين عموماً، متنكرين بهذا الطلب إلى المحيط العربي القومي الذي احتضنهم كل هذه العقود، لا بل القرون.
ولا يستطيع المرء إلا أن يتساءل:  كيف يستطيعون التأكد أنهم آراميون، وليسوا عرباً؟  في هذا الشرق الأوسط الذي تقلبت عليه كل تلك الإمبراطوريات، والممالك، والمذاهب، والأديان، فاختلط النسل، واختلط الولاء. كم من عائلات وحمائل كانت مسيحية، أو يهودية، واعتنقت الإسلام، إما طمعا في فوائد ماديةً، أو خوفاً من البطش والتعصب. لقد انصهر الجميع في بوتقة العروبة،  ووحدتهم اللغة، أكثر مما وحدهم الدم أو الدين.
ولكني أقول  هنا أنه يجب التحلي بالحكمة في التعامل معهم، وفتح عيونهم بدلاً من نبذهم أو اضطهادهم، فهم ليسوا أول من نبذ العروبة، ولا آخرهم. سبقهم الكثيرون ممن تحالفوا مع الحملات الصليبية، مسيحيين أم مسلمين، أو تعاونوا مع الاتراك العثمانيين عندما احتلوا الشرق، ومن ضمنها البلدان العربية، أو تعاون مع الاحتلالين الفرنسي و البريطاني.
وأنصح مدعي الآرامية  بوقف التذبذب والتمسّح بالمحتل الصهيوني، والتوقف عن التصريحات  الهوجاء مثل: ” لقد ساعدنا اليهود قبل قيام الدولة، وهرّبنا لهم السلاح! ” ولن يفيدهم قول أحد مؤسسي ” جمعية الآراميين في إسرائيل ” لوسائل عبرية: ” نحن لسنا عرباً.. ونحن نريد أن يخدم شبابنا في جيش الدفاع الإسرائيلي، ونريد الاعتراف بنا في بطاقات الهوية  كآراميين من الطائفة المارونية” ( ملحق فلسطين للسفير، 24 \ 8 \ 2013) .
لن تُــقربهم هذه التصريحات من المجتمع الصهيوني، الذي سيستمر في اعتبارهم عرباً، ويستغلهم،  مثلما هو يستغل المجتمع البدوي أو الدرزي! وأمامهم نموذج مجموعة ” سعد حداد” التي لجأت إلى إسرائيل بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان، ولم ترحب بهم لا المدن الإسرائيلية، ولا مستوطناتها، ويعضّون أصابعهم ندماً الآن.
————

أيها الآراميون تعلموا من درس أمين الحاج !
إن كان ما ذكرنا عن استغلال الصهياينة للعرب المتعاونين معهم لا يكفي،  فلنستعرض مثالاً آخر. أذكر أني سمعت هذا المثل من عاطف الفاهوم من الناصرة: إسرائيل بتعاملك مثل الليمونة، بعد ما تعصرها، بترميها في الزباالة !
كتب ” رونين بيرغمان ” في ملحق صحيفة ” يحيدوت أحرونوت ” بتاريخ 14 \ 11 \ 2014، عن لبناني شيعي، يُدعى ” أمين الحاج “، خدم أكثر من ثلاثة عقود الاستخبارات الإسرائيلية. دعي بالاسم الحركي ” رومينيغا “، وكشف عن نفسه لأول مرة، في حديث خاص لمراسل الصحيفة.
أمين الحاج كان عميلاً رئيساً للموساد في لبنان. نشأ  مع عماد مغنية في الضاحية الجنوبية في بيروت. أعضاء من عائلته يتقلدون مناصب مهمة وكثيرة في حزب الله. وتنتظره ليس أقل من 9  قرارات بالإعدام في بيروت، إن أمسكوا به بالطبع. عمل أكثر من ثلاثين سنة في خدمة الاستخبارات الإسرائيلية، وساعدها في أكثر العمليات جرأةً وتعقيداً في الشرق الأوسط.  إذاً لماذا يتهم إسرائيل في أول تصريحٍ علنيٍّ  لصحيفةٍ،  بأنها قد رمته للكلاب؟!
في أواسط الثمانيات من القرن الماضي أخذ موظفون كبار في مصالح الاستخبارات المختلفة يراقبون في قلقٍ تزايد ظاهرة رجوع  نشطاء فلسطينيين طردوا من بيروت  تحت النار الإسرائيلية، راقبوهم  في قلقٍ يعودون ببطء، وبأعداد متزايدة، إلى لبنان.  وهذا لم يكن يعني إلا أن منظمة التحرير قد أخذت تعيد ترتيب  نفسها، وتقترب من إزالة آثار الحرب اللبنانية الأولى.
لاحظوا أن المحاربين الفلسطينيين قد أخذوا في مغادرة معسكراتهم في تونس وليبيا، ويتسللون إلى لبنان عبر قبرص في قوارب صغيرة، ويخوتٍ خاصة. ولم تكن هناك إمكانية لمراقبة التدفق الحاصل في الحركة البحرية هذه، ولا في اعتراضها.
بحث الخبراء عن حلٍّ، ثم اقترح أحدهم: اتصلوا بروينيغا!
رومينيغا هو الاسم الحركي لأمين الحاج، العميل الرئيس لنا في الشرق الأوسط. وهو عميلٌ  قديم، من عائلةٍ شيعية، ذات مركزٍ كبيرٍ في لبنان، ذكي، عديم الضمير، يزيـّن وجهه شاربٌ  مميّز بين مجتمع الجواسيس. وقد استمع بعنايةٍ  للمشكلة، وبعد تفكير عميقٍ، خرج بالحل: البغايا!
” ذهبت إلى ليماسول ” قال لمراسل هذه الصحيفة في مقابلةٍ حصرية، ” وتعاقدت مع بغايا بارزات في المدينة، يسهرن في حانات ليماسول، يلتقطن زبائنهن،  وإلى هذه الحانات يتردد نشطاء المنظمة. وهكذا استطاعت البغايا تحت تأثير الكحول، والخدمات الجنسية، استطعن انتزاع الكثير من المعلومات عن حركة الفلسطينيين هذه.”
جمع رومينيغا هذه المعلومات من غرف الفنادق، من ليماسول وما حولها، وأضاف إليها معلومات من سائقي التكسيات، ورجال الجمارك القبرصيين، وغيرهم، وزود الإسرائيليين بها.
الباقي كانت تقوم  به سفن الصواريخ الإسرائيلية، مع أفرادٍ من وحدة الاستخبارات  504 التابعة للجيش الإسرائيلي. فكانوا  يتربصون بهذه القوارب التي يشير إليها العميل اللبناني هذا.
” هدفنا كان الإمساك بهم،  وليس قتلهم “، قال أحد ضباط المخابرات،  ” لأننا كنا ندرك أن التحقيق معهم يجلب نتائج أفضل كثيراً من جثثٍ  تطوف على سطح الماء. لم يكن من الصعب دفعهم للحديث. ولكن المشكلة كانت في الواقع الاهتداء لهذه القوارب التي تنقل الفلسطينيين، من بين الآلاف من القوارب العادية التي تمخر عباب الماء. وقد حل لنا رومنينغا هذه المشكلة “.
” استمر أمين الحاج في الخدمة لأكثر من ثلاثة عقود. كان وراء قائمةٍ طويلةٍ  من العمليات التي توقف شعر الرأس، وأغلبها لا يزال سريا في الأرشيفات، لا يُسمح بنشره، أو الاطلاع عليه. لقد ساهمت جهوده  في إنقاذ العديد من الأرواح في إسرائيل، وفي القبض على المئات من الإرهابيين الفلسطينيين، وساعدت في مصادرة أطنانٍ من الأسلحة، وعرضت حياته للخطر في أكثر من حادث.
” أن تستمع إلى أمين الحاج، مسترسلاً في الحديث، يعني أن تستمع إلى قصص العالم السفلي المظلم، المشبع بالدسائس،  لدرجةٍ يخــيّل إليك  فيها أنها قصصٌ خيالية. ولكن مقابلاتي مع ضباط الاستخبارات الإسرائيلية على مدى بضعة أشهر، كشفت لي أن رومينيغا قد ساهم فعلاً في حل الكثير من المشاكل والعمليات الاستخبارية المهمة. ورغم أن الكثير من ضباط استخباراتنا يتذكرونه كرجلٍ  فوضوي، ميالٍ للإسراف، والتباهي بالمسلك، ولكنهم لا يشككون بأنه كان عظيم الفائدة في إنقاذ حيوات الكثير من الإسرائيليين، وساهم بقوة في أمن البلاد.
” والآن،  إنه يعلن الحرب ليس على الفلسطينيين الذين حاولوا أكثر من مرة قتله، وليس ضد عائلته اللبنانية التي انضم الكثيرون منها إلى صفوف حزب الله،  ونبذته، وليس ضد أصدقائه في الضاحية الجنوبية الذين قضوا بعدة أحكام إعدامٍ ضده،  ولكنه أعلن الحرب عل رؤسائه السابقين في الاستخبارات، والذين عملوا معه  كل هذه السنوات.
” لقد رمتني الاستخبارات إلى الكلاب ” يصرخ بغضب، ” أعيش في إسرائيل بإذن  إقامةٍ انتهت مدته، دون حقوقٍ، دون تأمينٍ صحي،  ولولا بعض الأصدقاء الذين يهبون لمساعدتي  بين حينٍ وأخر لانتهيت  من  زمن. لقد جرى امتصاص كل ما يمكن أن أزودهم به من معلومات، والآن يلقون بي جانبا مثل سجادةٍ مهترئة! ”
المقالة طولية كثيراً. يصعب علي إدراجها كلها. المستزيد بإمكانه أن يطلبها من الصحيفة. يتهرب المسؤولون من التعليق على قضيته، وعلى اتهاماته. ووعد مكتب رئاسة الحكومة بدراسة قضيته ومتابعتها.
لم يأخذ فلساً واحداً مقابل أتعابه. ولكنه استغل علاقاته في البلاد لبناء مصالح اقتصادية قوية، مكنته من الإسراف بسخاء. الضربة الكبرى أتته من الاستخبارات المصرية، التي صادرت  له سفينة صيدٍ حديثة وكبيرة، ولما اشتكي للمحاكم المصرية ضد هذا الاستيلاء غير المشروع،  جرى لغم السفينة وإغراقها،  وتبع ذلك سجنه في مصر، لولا أن هبت الاستخبارات الإسرائيلية لإنقاذه  من السجن،  لكان أمضى بقية حياته هناك.”
—————-
أسلمة القضية الفلسطينية !
هذا وقد وجدت مقالاً  في موقع ” جدلية ” لابتسام عازم، المحررة الرئيسة  في الموقع باللغة العربية،  العائشة الآن في الولايات المتحدة الأمريكية، والقادمة من ” طيرة المثلث” بتاريخ  12 \ 7 \ 2013:
” بثت القناة العاشرة الإسرائيلية الأسبوع الماضي تقريراً تلفزيونياً عن تجنيد الفلسطينيتين ” نادين توما ” من قرية الجش في الجليل، و” رغدة جرايسة ” من مدينة الناصرة،  في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
” تتزايد الأصوات في إسرائيل المنادية بتجنيد الفلسطينيين في جيش الاحتلال. وفي السنة الماضية تشكل ” منتدى تجنيد الطائفة المسيحية، ” بالرغم من معارضة الكنيسة الشديدة. ويبدو أن هناك محاولات لتشكيل منتدىً آخر لتجنيد الطائفة الإسلامية.
وتصرح نادين من الجش بكل وقاحة:  أي شخصٍ متطرف ٍيعيش في إسرائيل، ويعتقد أنه فلسطيني، غير مجبرٍ على البقاء هنا. عليه المغادرة!  هذا الشخص صفر. . عليه أن يذهب إلى غزة،  مثلما ذهبت حنين الزعبي. سوف يستقبلونهم ( هناك ) بفرحٍ وابتهاج.”
” هذا وقد شارك الخوري ” جبرائيل نداف ” في مؤتمرٍ للترويج للخدمة  في الجيش الإسرائيلي، فطرده مجلس الطائفة،  ومنعه  من مزاولة الكهنوت داخل الكنيسة.
” لا شك أن الحكومة الإسرائيلية تستغل التوتّر الطائفي، وتُصعّد الخطاب الطائفي  الذي تشهده المنطقة عموماً، والذي تُـروّج له الكثير من القنوات الفضائية، والمنابر الإعلامية، وتعيد إنتاجه الحركات الإسلامية المتطرفة، التي تتبنى هذا الخطاب، وتحرّض ضد المسيحيين، إضافة إلى استغلال الأنظمة الدكتاتورية العربية لذلك، وتغذية النعرات الطائفية والمذهبية. كما شهدت دول عديدة في المنطقة هجوم وقتل مسيحيين عرب في دول كمصر والعراق. ( وسوريا- الإضافة مني ).
” بالإضافة إلى ذلك أسلمة  قوىً  فلسطينيةً  رئيسيةً  كحركة حماس للقضية الفلسطينية ، مما يؤثر على الخطاب العام. فعلى سبيل المثال، الحديث عن تهويد المقدسات الإسلامية، دون ذكر أيٍ من تلك المسيحية،  لن تكون نتيجته إلا شعور المسيحيين بالغربة في وطنهم، ليس فقط على الصعيد السياسي لكل الفلسطينيين، ودفعهم للاحتماء بهويةٍ ثانوية، وتحويلهم إلى طائفةٍ بغض النظر عن مدى تدينهم، أو حتى إيمانهم، بحيث تصبح راية الإسلام والخلافة الإسلامية هي الراية التي من المفترض أن نتوحد جميعنا تحتها!  ليصبح شعار المرحلة ” الوطن لله،  والدين الإسلامي للجميع”، بدلا من أن يكون الدين لله،  والوطن للجميع. أضف إلى ذلك أن أسلمة النضال يؤدي – عن قصد أو دون قصد- إلى تبنّي الخطاب الصهيوني حول فلسطين، أي أن الصراع هو صراع ٌ يهوديٌ – إسلامي،  وليس صراع شعبٍ على أرضه، ضد استعمارٍ استيطاني يأخذ ( الدين) اليهودي كذريعةٍ  ليبرر ما يريد.  إن قضية فلسطين وصراعها لم تكن أبداً  ضد اليهودية كدينٍ، أو ” قوميةٍ “، بل ضد الاحتلال والصهيونية الاستعمارية. ولذلك علينا أن لا نستغرب أن يؤدي هذا كله إلى تجذّر الخطاب الطائفي الذي تحصد ثماره الصهيونية ودولتها.
هذا وقد أعلنت شرطة إسرائيل في 4 \ 7 \ 2013 أنها فتحت تحقيقاً مع عضوي الكنيست باسيل غطاس وحنين الزعبي، لمعارضتهما التجنيد في الجيش، بناء على ادعاء رئيسة الكنيست أن هناك تهديداً لحياة الخوري نداف. وصرحت: ” أريد تعزيز مكانة الكاهن جبرائيل تكريماً له واعترافاً بجرأته في السنوات الأخيرة. ثمة أهمية لدعمه داخل الطائفة المسيحية، وتشجيعه للتجند في الجيش الإسرائيلي، وتقوية الأصوات المعتدلة “. ( بالمناسبة الخوري نداف أصلا من إقرت! فؤاد. )
وامتد تحقيق الشرطة إلى العديد من الشخصيات الوطنية، وفي مقدمتهم رئيس مجلس الطائفة “عزمي حكيم.” ( انتهى الاستشهاد.)
وفي الجهة المقابلة، أكتب  لمصلحة أولئك الذين يقولون عن أنفسهم أنهم آراميون، يريدون أن يخدموا في الجيش الصهيوني، أقول لهم إقرأوا ما ورد في مقالةٍ  نشرت في ” القدس العربي : بتاريخ 9 \ 3 \ 2014 بعنوان:
عشرات الشبان اليهود  يعلنون رفضهم الخدمة  بالجيش.
” وقّع قرابة 50 يهوديا من أنحاء إسرائيل على عريضةٍ  بعثوها إلى رئيس الوزراء نتنياهو، أعلنوا خلالها رفضهم إداء الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، بسبب استمرار احتلال الضفة الغربية. ”
وقالت صحيفة هاآرتس أن الموقعين على العريضة أوضحوا أن رفضهم إداء الخدمة العسكرية  هو بسبب استمرار الاحتلال. وأيضا ” بسبب تغلغل الجيش في الحياة المدنية الأمر الذي يعمق الشوفينية وعسكرة المجتمع، وانتشار العنف، وانعدام المساواة، والعنصرية.”
ومن جهتها أعلنت حركة ” يوجد حد ” التي تشجع رفض الخدمة لأسباب ضميرية، أنها ” تدعم كل رافضٍ أو رافضة جعلتهم قيمهم الديمقراطية يرفضون المشاركة في احتلال وقمع الشعب الفلسطيني، وأنها تعتز بالشباب الذين يرفضون المشاركة في القمع، وتدعو حكومة إسرائيل إلى الاجتماع مع حكومة فلسطين، وإنهاء الاحتلال. ”
——————————————