المقاومة الفلسطينية الباسلة ترفض الهدنة و تمضي قُدُماً بقرار الحرب – بقلم : سفيان الجنيدي

دراسات ….
بقلم : سفيان الجنيدي – كاتب فلسطيني …
أن يرفض القائدان المناضلان إسماعيل هنية مدير المكتب السياسي لحركة حماس و زياد النخّالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الوساطة المصرية في إنهاء الحرب و هجمات المقاومة الفلسطينية الباسلة على العمق الصهيوني له دلالة واحدة واضحة مفادها أن المقاومة الفلسطينية الابية و المؤيدة و المدعومة بإرادة و مناصرة الجماهير الفلسطينية واثقة من نفسها و تعلم مدى قدراتها العسكرية و تعرف نقاط ضعف الكيان المحتل و هي برفضها الهدنة تريد المضي قُدماً إلى بعد حد في الحرب التي فُرضت عليها والتي كانت تنتظرها بفارغ الصبر حتى يتسنى لها كسر و دحر الإسطورة المكذوبة للجيش الذي لا يُهزم و تلقين العدو الصهيوني درساً لا ينساه أبداً.
و لم تقتصر إرادة المقاومة الباسلة على رفض الهدنة في إنهاء الحرب بل أن تصريحات القائد المناضل زياد النخّالة الواثق من القوة العسكرية التي يملكها في جعبته أكدت، في تحدٍ سافر للكيان الصهيوني ،على ان الأيام القادمة تحمل الكثير من المفاجأت ليزيد بذلك التكهنات حول الأهداف المستقبلية التي ستكون في مرمى صواريخ المقاومة ، و هذه التصريحات و التي لا بد أن القيادة الصهيونية تأخذها على محمل الجد ستضع إدارة الكيان الصهيوني في مآزق عدة ، في بدايتها زيادة ردات فعل الرأي الصهيوني شراسةً ضد إدارته السياسية و الذي بدأ بالفعل تحميلها المسؤولية عن مغبات قرارتها الاعتباطية في الشروع في حرب لم تستطع حمايته فيها من وابل صواريخ المقاومة ناهيك عن الصدمة وحالة التخبط التي تعيشها القيادة الصهيونية من جراء دقة صواريخ المقاومة والتي أصابت العديد من الأهداف الصهيونية والتي بالأمس كانت تعتبر أهداف محصنة ولا يمكن الوصول إليها.
تغيرت قواعد اللعبة و المعادلات في الحروب المفروضة على الشعب الفلسطيني ولم تعد الحرب من جهة واحدة تستعرض فيها القوات الصهيونية عضلاتها وتفعل ما يحلو لها من إراقة الدماء و إزهاق وإبادة الأرواح و إحراق الأخضر واليابس و لكنها أضحت الان حرباً مفتوحة على جميع الأصعدة، الكلمة العليا واليد الطولى فيها للمقاومة الفلسطينية الابية، يعاني فيها سكان الكيان الصهيوني أضعاف ما يعانيه الشعب الفلسطيني، و بذلك لم يعد الكيان الصهيوني المتحكم بمفردات حروبه ضد الشعب الفلسطيني حيث أن المقاومة الفلسطينية الباسلة إنتقلت إلى مرحلة جديدة و فاجئت العدو بإعتمادها سياسة العين بالعين و السن بالسن و رد الصاع صاعين وبناية مقابل بناية ومنشأة مقابل منشأة و المدنيين الصهاينة مقابل المدنيين الأبرياء من أبناء شعبنا الفلسطيني والقادم أعنف و أخطر على الكيان الصهيوني المتغطرس.
و مما لا شك فيه أن إدارة الصهيوني نتنياهو تعيش الان اسوء أيامها حيث أنها لم تكن تتوقع ردة فعل المقاومة الفلسطينية الشرسة و هبّة جميع أطياف الشعب الفلسطيني في القدس و الداخل المحتل و في غزة و الضفة الغربية إضافة إلى انها راهنت على السلطة الفلسطينية المتهالكة في قمع إرادة الشعب الفلسطيني في حالة حدوث أي إنتفاضة ضدها ولذلك حاولت المضي بسياستها المتغطرسة في إرتكاب المزيد من حماقتها بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في مدينة القدس، ولم تأخذ إدارة الكيان الصهيوني في الحسبان حالات الحنق و الغضب و الاحتقان لدى جميع مكونات الشعب الفلسطيني في كل فلسطين التاريخية والتي هبّت دفاعاً عن كرامتها و أرضها و مقدساتها و رفضها القاطع للإحتلال الصهيوني الغاصب.
إنقلب السحر على الساحر، و الحرب التي أرادها و سعى لها الصهيوني نتنياهو بالفعل لم تحرق مستقبله السياسي و أستطاع الافلات لبعض الوقت من شبح السجن الذي ينتظره من جراء تهم الفساد و الرشاوى و سوء إستخدام السلطات و استطاع خلط الأوراق في الكيان الصهيوني و تفويت الفرصة على خصومه السياسيين في تشكيل الحكومة، ولكنه بمقامرته و تصعيده العسكري وحد الصف الفلسطيني وبعث المقاومة الفلسطينية إلى الحياة مرة أخرى بعد طول إنتظار، والتي طالت صواريخها العمق الصهيوني و أحرقته و قضت أمنه و سكينته و دبت الهلع و الرعب بين سكانه و مستوطنيه و شرطته و جنوده و سياسييه على حدٍ سواء.
ختاماً:
الشعب الفلسطيني بجميع مكوناته في كل فلسطين التاريخية وفي الشتات و اذرعه المقاومة وضح رفضه القاطع للكيان الصهيوني المحتل الغاصب، و الهبّة الفلسطينية المباركة لا يمكن إعتبارها زوبعة في فنجان و إنما هي مرحلة متصلة بمراحل النضال الفلسطيني و الممتد لاكثر من سبعة عقود ضد المحتل الغاشم والذي سيتسمر حتى يتم دحر العدو الغاصب و تحرير جميع أراضي فلسطين التاريخية.
و جاءت هذه الهبة بعدة معطيات و التي يمكن تلخيصها بما يلي:
أولا: الكيان الصهيوني اوهن من بيت العنكبوت و انكسرت اسطورة الجيش الذي لا يقهر و أمسى الكيان الصهيوني غير قادر على حماية نفسه و رعاياه.

ثانياً: توجيه المقاومة الفلسطينية مئات الصواريخ و التي طالت العمق الصهيوني اثبتت فشل و عدم نجاعة نظام الدفاع الصهيوني و أفشلت بذلك اسطورة القبة الحديدية و أظهرت تفوق الاذرع المقاومة الباسلة و مدى قدرتها على تطوير الأسلحة العسكرية.
ثالثا: لم يعد الكيان الصهيوني هو الذي يحدد بداية الحرب و مسارها و مالاتها و نهايتها بل أصبحت المقاومة الإسلامية بقدراتها العسكرية و تضحياتها موازية للكيان الصهيوني و هذا ما يفسر رفضها للهدنة التي طرحتها عليها الوساطة المصرية.
رابعاً: المقاومة الفلسطينية ارادت ان تضع قواعد للإشتباك مع العدو الصهيوني مع علمها المسبق بقوته و آلته العسكرية الجبارة و ردات فعله الوحشية و الهمجية.

خامساً: لم يعد هنالك مجال للحديث عن صفقة القرن والتي تم وائدها و إجتثثاثها في مهدها و من جذورها و دخلت ، و مؤيديها و جميع الايادي التي كانت تعمل في الخفاء لانجاحها ، إلى مزبلة التاريخ من أوسع ابوابها.
سادسًا : لم نتطرق بمقالنا و تحليلنا إلى الأنظمة العربية حيث أن هذه الأنظمة ماتت اكلينيكيا منذ سقوط فلسطين التاريخية بأيد الغزاة، و صدق الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيّاً
ولكن لا حياة لمن تنادي