المساعدة الأمريكية لإسرائيل، حِمية قبلية وليست مساعدة – بقلم :د الطيب بيتي

دراسات …..
د. الطيب بيتي – – باريس …
تحت هذا العنوان كتب المحامي جون ويتبيك مقالا نشره على الموقع الأمريكي اليساري punch Counter بتاريخ 21 ماي من هذا العام، والكاتب محامٍ دولي عمل مستشارًا لفريق التفاوض الفلسطيني في المفاوضات مع إسرائيل.
وهذه هي الترجمة الحرفية للمقال -بمنظور خارجي على هدي *وشهد شاهد من أهلها- ثم سنعقب عليها من وجهة نظرنا بمنظور داخلي كما نراها نحن .
يقول الكاتب:
*في أعقاب تقرير هيومن رايتس ووتش الأخير عن الفصل العنصري والاضطهاد الإسرائيلي وكذلك الوحشية الإسرائيلية المستمرة في القدس ، تجرأ حفنة من السياسيين الأمريكيين الشجعان – التي تتزايد تدريجياً – على التشكيك في تصريح الرئيس بايدن العلني بأنه سيكون “فاضحًا تمامًا” لربط “المساعدة” الأمريكية لإسرائيل بالسلوك الإسرائيلي ، يجرؤ على التأكيد على أن مثل هذه “المساعدة” يجب أن تكون بالفعل مشروطة ، على الأقل إلى حد ما ، بانتهاكات حقوق الإنسان الإسرائيلية والقانون الدولي والقوانين الأمريكية نفسها فيما يتعلق باستخدام الأسلحة المسلمة لهم !.
في حين أن هذا الاتجاه المتواضع نحو الدعم المبدئي لحقوق الإنسان والقانون الدولي من قبل حفنة صغيرة من السياسيين الأمريكيين يجب أن يُنظر إليه على أنه مشجع ، واصفًا المبالغ التي دفعتها حكومة الولايات المتحدة لإسرائيل بأنها “مساعدة” – حاليًا لا يقل عن 3.8 مليار دولار سنويًا ، على مدى السنوات العشر المقبلة ، يجب أيضًا التشكيك في مبلغ تم التفاوض عليه وقبوله من قبل الرئيس أوباما وتكميله حتماً بالعديد من الإضافات.
إسرائيل ليست دولة فقيرة. ففي أحدث تصنيف للأمم المتحدة ،يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي السنوي البالغ 46376 دولارًا في المرتبة 19 من بين 193 دولة عضو في الأمم المتحدة ، قبل ألمانيا (20) والمملكة المتحدة (24) وفرنسا (26) والمملكة العربية السعودية (41).
المبالغ التي تتفاوض عليها الحكومات الأمريكية مع الحكومات الإسرائيلية وتتعهد بدفعها لإسرائيل لا تُدفع لأية ولاية أمريكية ، لأن إسرائيل بحاجة دائم إلى المزيد من المال- بالرغم من أنها في حجم ضاحية كبيرة من ضواحي باريس مساحة وسكانا- المترجم- حيث يتم التفاوض عليها ودفع ثمنها كمظاهر عامة للقهر والاستعباد الأمريكي..
الكلمة الدقيقة والصحيحة لمثل هذه المدفوعات هي “الجزية” ، وتعريف القاموس لها هو “دفعة تُدفع بشكل دوري من قبل دولة أو حاكم إلى دولة أخرى ، لا سيما كدليل على التبعية”.
منذ أن هاجمت إسرائيل السفينة* يو إس إس ليبرتي* التي تحمل اسمًا مناسبًا في عام 1967 ، مما أسفر عن مقتل 34 أمريكيًا ، وإصابة 171 آخرين ، وإلحاق 821 صاروخًا ومدفع رشاش بالسفينة ، منذ أن أمر الرئيس جونسون بالتستر على الحدث ، وكان هذا في حد ذاته استسلامًا فعليًا بأن حكومة الولايات المتحدة لا تزال تحت أوامر إسرائيل و وتحت رحمتها ، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على سمعة أمريكا ودورها في العالم أكثر تكلفة بكثير من مجرد الأموال المدفوعة..
والواقع أن العلاقة الأمريكية مع إسرائيل تسلب الولايات المتحدة كل مصداقية عندما تتهم دولاً لا تحبها ، لأسباب أخرى ، بانتهاك حقوق الإنسان أو القانون الدولي..
إذا كان من الممكن تغيير التصور والخطاب الشائعين في الولايات المتحدة ، للاعتراف بأن إلتزامات الدفع التي تقدمها حكومة الولايات المتحدة لإسرائيل هي تكريم مدفوع لقوة مهيمنة وليس “مساعدة” تُدفع إلى دولة محتاجة ، فقد يأمل المرء في أن يكون قد فات موعد استحقاقه لفترة طويلة إعلان الاستقلال الأمريكي ، ودور أكثر إيجابية ومشرفة لأمريكا في العالم*
انتهى المقال
وبناء على هذا ، فإن إن الأكثر إثارة في الدراما الفلسطينية ، بالطبع ، هي وحشية العدو الصهيوني ، وعنجهيته الاستعمارية ، وتعاليه العرقي ووحشيته الإحلالية والإستيطانية ، وإزدرائه لأرواح الآخرين ، وإيمانه *العقدي* ب القتل والتنكيل منذ 48 ، وغطرسته منتشيا بإنتصاراته الوهمية منذ 2006 ، 2008 و 2010 و2014حتي اليوم ، وإطمئنان قلبه عندما يضغط على الزناد/ أحد الطيارين الإسرائيللين ،و جبنه عندما يقتل المدنيين العزل والنساء والشيوخ والأطفال، ومرضه الباطلوجي لعشق الجريمة ، وزهوه بممارسة الإبادات التي تكون شبه يومية.
و هناك أيضا إلى جانب كل هذه، ذلكم التلبيس الفظيع لدي الغرب، عبر مساعداته الفعلية المادية والمعنوية ، والتدليس بتصويره في إعلامه لإسرائيل كمعتدي عليه.
هذا الغرب * الأنواري- التنويري- الديموقراطي* حتى النخاع لا يحرجه أن ينشر الأكاذيب اليومية عن الفلسطينيين ، وعن العوالم الدنيا المفقرة والمنهوبة ، في زمن أصبحت فيه المعلومة متوفرة وميسورة
فعمليا، منذ القرن الثامن عشر،كلما تحرك الغرب إلا وإرتكب أخطاء قاتلة.
فحدثوني عن أي شيء لم يكذب فيه الغرب؟:
كتابة تاريخ الشعوب؟ الحروب الأوروبية والصليبية ؟ حملات التنصير القسري؟ الحربان الكبريان الهمجيتان ؟ حروب الفيتنام وكوريا وحروب جنوب شرق آسيا؟ حروب أفغانستان والهجمتين على العراق؟ تدمير ليبيا وسوريا ؟ الديموقراطية؟ الإرهاب ؟ 11سيبتمبر؟ حقوق الإنسان؟ العرقيات؟ المذاهب ؟ الإستعمار؟ حروب التحرير وما بعد الإستعمار؟ الأزمات؟ الثورات؟ الجائحات؟
صدقوني، لايوجد أي تفسيرعقلاني لهذا السلوك الغربي المرضي / السيكوبائي– الشيزوفريني/:
الغرب يكذب ملايين الأكاذيب اليومية عندما يدافع عن إسرائيل ،عندما يدين *الإرهاب الإسلامي و الفلسطيني* ـ عندما يؤرخ لليهودية والترويج لمزعمة شعب الله المختار كمزعم ديني تسبب في تعمية وتضليل أنثروبولوجيات الأديان وعلماء الآثار، و لمع أطروحات والصهيونية، وشوه نظريات مناهضة الصهيونية، وللسامية ولمعاداة السامية .
لنتذكر أنه في حرب المقاومة الفرنسية ضد النازية في عام1942/ خطب أبو الأمة الفرنسية المعاصرة الجنرال دوغول من منفاه بلندن، قائلا :* لقد ذهبانا أول الأمر في عام 1941 للتفاوض مع النازيين في شأن الهدنة والسلام ، فكان نصيبنا الحرب ، وعندما رجحنا عاملي المقاومة والحرب كان نصيبنا الإنتصار*
كل الراسخين في العلم حتي من داخل الغرب نفسه يعلمون جميعا ، أن الغرب قد مستوعب لنهايته ، عند ترويجه في تسعينات القرن الماضي للأطروحات الجديدة لفهم العالم الجديد المروجة لنهاية التاريخ وصدام الحضارات والفوضى العالمية الجديدة .لأن عالم ما بعد الحرب الباردة يعاني من ظاهرة غريبة جديدة وهي ظاهرة تلاشي وغياب المرجعيات والمصادر المؤدية للمعنى مع تزايد ظاهرة عدم اليقين بالنسبة لكل الرهانات الأساسية للإنسان
الراسخون في العلم و الغرب يعلم ، أنه لم تعد للغرب أية مرجعيات جديدة تؤمن بقاءه وتدعم إستمراريته، بعد أن وصل إلى مرحلة اللاإستقرارواللايقين و اللاعودة واللامعنى واللاغاية،
ومع أن الغرب إنكشفت عوراته ، وهو مههد من داخله بالإنفجار في أية لحظة، إلا أنه مع ذلك يعامل الدول والأمم الخارجة عن *السور الغربي* كحشرات المزابل ،و لأن فينا من لا يزال يؤمن- فكريا وحضاريا- بالتفوقية الغربية ، ولأن فينا أقوام تفتقت أذهانهم – على هدي أرخميدس-في أحد أمسيات اللقاءات مع ترامب وصهره كوشنير ،عن إكتشاف سرالطلسم العربي الكاشف لطريق *العصرنة* والتقدم والرفاهية ووجد أنها تكمن كلها في الأمركة والأسرلة .
يعلم الجميع- خاصة أولائك السماسرة الذين إرتضوا ممارسة الوساطة * التجارية* لإيقاف خطر المقاومة وكسر شوكة الإنتفاضة – أن المشكلة ليست فقط في المقاومة الفلسطينية.،ليست في حماس أو الجهاد الإسلامي أو حزب الله أو غزة أو القدس أو الضفة الغربية. بل المشكلة في فرضية وضع الحد الأخير للإحتلال الصهيوني الذي-كما قلت آنفا- ما كان له أن يستمرو لو لشهر واحد، لولا خيانات الأنظمة العربية في الماضي وإستغفال شعوبها ، وقراءة التاريخ من آخره بقراءات الجهل والإختزال
بل أن الأزمة الوجودية الحقيقية للغرب تكمن اليوم ، في الفرضية المرعبة للغرب في إحتمال تمكن المقاومة من تخليص المنطقة والعالم بأسره من الهيمنة الصهيونية التي هي *روح الوجود والخلود* كما صرحت أنجيللا ميركيل لصحيفة يهودية ألمانية
وأخيرا وليس آخرا، وتعقيبا على ملاحظة الكاتب الأمريكي جون ويتبيك أن *المعضلة ليست في أن الغرب يقدم لإسرائيل كل المساعدات الممكنة كونه *واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط*بل الحقيقة هي أن الغرب يتصرف مع إسرائيل بدافع * الحمية القبلية والنعرة الرومانية- التوراتية*
خاطب ناتانبياهو لل، إبان إسبوع المقاومة الباسلة الفلسطينية ،بأن* إنتصار غزة معناه إنتصار إرهاب حماس على * الديموقراطية الغربية
حسني مبارك وضع في جيبه بالأمس500 ألف دولار في جيبه ،مقابل بنائه للسور الفولاذي عام 2010- الذي كلف ملايين الدولارات- *حماية للأمن القومي المصري ضد إرهابية حماس والجهاد الإسلامي؛ حسب تعبيره-
وهاهو السيسي يتلقى نفس المبلغ لإيقاف ما أطلق عليه الإعلام الغربي وخاصة الفرنسي ب* بعربدة الإنتفاضة بالقدس وإرهاب الصواريخ الغزية
للأبرياء الإسرائيليين المساكين*