العصفور الاعمى

فن وثقافة (:)
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي (:)
عجائب خلق الله لا تنتهي .. وما هي الا للوعظ ان الله اذا خلق مخلوقا ايا كان وصفه فقد سخر له من يسانده في ضرائه قبل سرائه ..
بالامس كنت اتوجه لمكتبي في الصباح الباكر .. عندما توقفت فجأة لارى رف عصافير من نوع الدوري قد اجتمعت امام بيت قد رمى بعض قطع الخبز على الرصيف .. وقد رأيت العجب فلم املك الا ان اقول .. سبحان الله .. سبحان ربي العظيم .. وبقيت اكثر من نصف ساعة اتابع العصافير وهي تنقر الحب وتأكل ..
ولفت نظري ان هنالك عصفورا تأتيه بعض العصافير ببعض الحب وفتات الخبز فيفتح فمه فتلقمه اياها مع انه يضاهي في حجمه العصافير الاخرى .. كانت حركته بطيئة .. وتأكد لي انه لا ينقر الحب ويعتمد في طعامه على العصافير الاخرى .. حدقت فيه عن بعد .. لكن حركته البطيئة وميلانه نحو اليمين والشمال أكد لي انه لا يرى .. سبحان رب الكون .. عصفور اعمى كيف نما .. كيف كبر .. كيف يطير .. كيف يستدل على عشه .. كيف يبيض ان كان انثى .. وكيف يراعي فراخه ان كان ذكرا بمساعدة انثاه ..
طافت في رأسي كل تلك الافكار .. وقلت لنفسي ربما كان هذا الامر وهما .. ترجلت من سيارتي واتجهت الى رف العصافير فطارت كلها برفقة العصفور الاعمى .. عدت الى سيارتي مسرعا لارى ما يمكن ان يحدث .. عادت العصافير مرة اخرى .. ويا للعجب ..
كان رف من العصافير يتجاوز عدده الخمسة يقودون الاعمى الى مقر الطعام .. كيف .. والله انه كان مثل طائرة مقاتلة ثقيلة تحرسها بعض الطائرات المقاتلة الخفيفه .. وكأنهم اعطوه الايعاز بانه قد وصل الى مكان الطعام وظلت ترفرف وتنتظر هبوطه حتى هبط الى الارض بسلام .. ومن ثم هبطت بالقرب منه يا لها من اعجوبه .. فقامت مرة اخرى باطعامه والقامه بفمه ..
ظلت العصافير تلقمه حتى توقف عن الطعام فكان اذا ما اراد عصفور اطعامه نحى بمنقاره جانبا بمعنى ان حوصلته قد امتلأت ولا مجال للمزيد .. ومن ثم عزفت العصافير الاخرى عن اطعامه وانتبهت لنفسها فاخذت تنقر الحب وترفرف باجنحتها فرحة وكأنما ادت واجبها تجاه العصفو الاعمى ..
بعد لأي طارت العصافير كلها دفعة واحده .. ما الذي اوعز اليها بالطيران هكذا دون سابق انذار .. لم يأت احد الناس الى رف العصافير لكي يزعجها فتطير دفعة واحده .. من الذي اوعز لها بالطيران .. من قال لتلك العصافير ان الوقت قد حان لترك المكان .. يأتون مجموعات ويطيرون كمجموع .. لاحظت ان العصفور الاعمى قد طار مع المجموعة تقوده ثلة العصافير التي اتت به الى موقع الطعام ..
ادركت انني احلم .. لكني تذكرت الاية الكريمة التي تقول ما معناه بان كل شىء في هذا الكون له لغة لا نعرفها .. وبه احساس لا نعرفه .. ومجساته ربما كانت اقوى من مجسات الانسان عندما يكون فاقد البصر .. فلم املك الا ان اقول مرة اخرى .. سبحان الله .. سبحان مدبر هذا الكون .. سبحان من يعطي الرزق لمن يشاء ويبعده عمن يشاء .. ولنا في رف العصافير عبرة .