اراء حرة ….
بقلم : جيمس زغبي – واشنطن …
خلال العديد من السنوات، لم يكن الناخبون العرب الأميركيون ميالين للحزب الديمقراطي إلا قليلاً، شأنهم في ذلك شأن بقية المجتمعات الإثنية في الولايات المتحدة. وكانوا ناخبين متأرجحي التوجّه في الانتخابات الوطنية والولائية. وهذه هي الشريحة التي كنا نواظب على استطلاع آرائها عبر الاستبيانات التي نجريها كل سنتين منذ أكثر من عقدين حول سلوك تلك الجماعات في التصويت. والآن، تغير هذا الموقف مع تزايد توجه العرب الأميركيين للتعريف بأنفسهم على أنهم ديمقراطيون ويصوتون للمرشحين الديمقراطيين.وفي كتاب نشرته عام 2001 حول حجم وأنماط التصويت لعدد من المجتمعات الإثنية الأميركية تحت عنوان «ما الذي يفكر فيه الإثنيون الأميركيون بالفعل؟»، وهو يستند في معلوماته إلى استطلاعات رأي أنجزتها مجموعة «زغبي إنترناشونال» التي يديرها أخي، ووجدنا أن معظم الإثنيات تميل إلى الديمقراطيين، إلا أنهم يتشاركون نظام القيم المناقض للأفكار السياسية التي يتبعها رهط من السياسيين الذين أصبحوا يُعرفون فيما بعد باسم «الجمهوريين المعتدلين» و«الديمقراطيين الجدد». وكان ميل الفئتين يتجلى في الجمع بين المحافظة المالية والتحرر الاجتماعي، وفي مقابل ذلك، اعتنق العديد من الناخبين الإثنيين معتقدات مناقضة تماماً. فقد كانوا «تقدميين ماليين» و«محافظين اجتماعيين». وكانت هذه الفئة تعتقد أيضاً أن الحكومة لعبت دوراً بنّاءً في دعم البرامج الاجتماعية مثل الأمن الاجتماعي والرعاية الطبية والاستثمار في التربية والتعليم وتوسيع تغطية نظام الرعاية الصحية. وفي الوقت ذاته، كانوا من صغار التجار، وينتمون لعائلات ممتدة ومتشعبة تشكل فيما بينها مجتمعات قوية ومتماسكة. ولهذا السبب، أصبحت تحتكم إلى نظام من المعتقدات يعكس تلك القيم التي تؤمن بها.
ومنذ عام 2002، وخلال العقد الذي تلاه، ابتعدت تلك المجتمعات عن الحزب الجمهوري. وكان هناك عدد من العوامل التي دعمت هذا الابتعاد. وفي النهاية، تزايد الابتعاد من الجمهوريين بعد ردة الفعل التي أظهرتها إدارة بوش الابن بعد 11 سبتمبر الإرهابية التي حدّت من الحريات المدنية للمهاجرين الجدد، وأُتبعت بحرب العراق، ثم بالخطاب المتشدد الذي تبناه معظم أعضاء الحزب الجمهوري. وكان أول من تضرر منه هم العرب الأميركيون الذين كانوا من المهاجرين الجدد ممن يدينون بالإسلام.
وفي الوقت الذي كان فيه العرب الأميركيون المولودون في الولايات المتحدة ذوي انتماءات حزبية قوية، كان المهاجرون العرب ناخبين متأرجحي الميول. إلا أن استطلاعنا بيّن أن أطياف المجتمع كافة عبرت عن إحباطها من العداء القوي للعرب. وفي أحدث استطلاع أجريناه في أوساط العرب الأميركيين، قال 50 في المئة منهم إنهم تعرضوا للتفرقة العنصرية بسبب انتمائهم الإثني، وأعرب 53 في المئة منهم عن خوفهم من التعرض للتمييز العنصري في المستقبل.
وفي استطلاع رأي أجريناه في شهر أكتوبر الجاري في أوساط الناخبين العرب الأميركيين، تفوقت هيلاري كلينتون على دونالد ترامب بنسبة 60 إلى 26 في المئة. وبيّن الاستطلاع أن ابتعاد العرب الأميركيين عن الحزب الجمهوري متواصل. وقد أصبح العرب الأميركيون الآن يفضلون الحزب الديمقراطي على الحزب الجمهوري بنسبة اثنين إلى واحد، وقال 52 في المئة من المشاركين في الاستطلاع إنهم ديمقراطيو الانتماء مقابل 26 في المئة قالوا إنهم «جمهوريون». وعندما سئلوا عن الحزب الذي يفضلونه للسيطرة على الكونجرس، قال 54 في المئة مقابل 27 في المئة من العرب الأميركيين إنهم يفضلون الحزب الديمقراطي.
وعندما سئلوا عن السبب الذي يدفعهم للتصويت لهيلاري أو ترامب، قدم العرب الأميركيون إجابات متطابقة إلى حد يثير الدهشة. وأكثر من 40% من مؤيدي كلينتون قالوا إنهم يدعمونها إما بسبب ولاءاتهم الحزبية أو لأنهم معجبون بسياساتها الوطنية.
وقالت فئة ثالثة إنها اختارت في الحقيقة التصويت ضد ترامب. ومجرد ناخب واحد فقط من كل عشرة هو من قال إن السياسة الخارجية هي السبب الذي دفعه لتأييد هيلاري!
وقال مؤيدو كلينتون وترامب على حد سواء، إن «تأمين وظائف العمل وتقوية الاقتصاد» هما العاملان الأكثر أهمية اللذان يحددان توجههم أثناء التصويت. إلا أن هذه النقطة بالذات هي التي انتهى عندها تطابق الآراء. وفي الوقت الذي رأى فيه مؤيدو الحزب الديمقراطي أن معالجة العنف الناتج عن حمل الأسلحة الفردية، وتأمين الرعاية الصحية والأمن الاجتماعي، هي قضايا تحتل المرتبة الثانية من اهتماماتهم، فإن مؤيدي الحزب الجمهوري يرون أن الحرب ضد الإرهاب ومعالجة مشكلة عجز الميزانية والتحكم في الإنفاق الحكومي هي القضايا التي تثير اهتمامهم أكثر من غيرها. وعندما سئلت شريحة الذين استطلعت آراؤهم عن القضايا التي يعتقدون أن كلينتون أكثر قدرة على معالجتها، قال العرب الأميركيون إن من أهمها تطوير التعليم وإدماج العلاقات بين الأعراق