الطريق إلى البيت الأبيض! بقلم : جيمس زغبي

اراءحرة …
بقلم : جيمس زغبي – واشنطن ….
بعد المؤتمرين «الجمهوري» و«الديمقراطي» المتعاقبين، أضحت الطريق ممهدة على مدار مئة يوم متسارعة أمام المنافسة الرئاسية في نوفمبر المقبل. بيد أن هناك اختلافات جوهرية بين المؤتمرين. ولنبدأ بما كشفه المؤتمران عما يحدث داخل كل حزب، فكل من «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» واجهوا حالات تمرد بنتائج دراماتيكية مختلفة. وعلى الصعيد «الجمهوري»، هزم دونالد ترامب، وهو أحد المرشحين المتمردين، «المؤسسة» تاركاً الحزب في حالة من الفوضى. وقاطع كثير من قادة «الجمهوريين» الوطنيين المؤتمر، ورفضوا مباركة ترشيح ترامب. وأولئك الذين أيدوا المرشح المنتصر فعلوا ذلك إما لأنهم شعروا بأنه لا مناص منه، أو لأن لديهم أملاً غامضاً في أنه إذا فاز، فإن قادتهم في الكونجرس سيتمكنون من تقليص الضرر الذين يمكن أن يحدث في ظل رئاسة ترامب المستهترة. وعزز انقسام وضعف الحزب «الجمهوري»، وجود فئة أخرى متمردة، بقيادة زعماء اليمين الديني البارزين، الذين رفضوا تأييد مرشح الحزب، وتسببوا في ضغوط سلبية بمغادرتهم المؤتمر في اليوم الأول، وما أعقب ذلك من رفض «تيد كروز» تأييد ترامب في اليوم الثالث.
وأما أداء «الديمقراطيين» فكان أفضل، بسبب فوز مرشحة «مؤسسة الحزب» هيلاري كلينتون. وبالنظر إلى أن كلينتون قبلت عدداً لا بأس من المقترحات التقدمية لخصمها، شعر «بيرني ساندرز» بارتياح كافٍ دفعه إلى تأييدها تأييداً كاملاً في ليلة افتتاح المؤتمر. ومن الواضح أن هذا الإظهار للوحدة كان كافياً لتهدئة كثير من أنصار «ساندرز»، وإن كان أيضاً عدد من نشطاء الحركة الذين اعتنقوا قضية «ساندرز» غادروا المؤتمر من دون أن يشعروا بالرضا. بيد أن «الديمقراطيين» اختتموا فاعليات مؤتمرهم الذي استمر أربعة أيام بمظهر وحدة أكبر مما تمخض عنه مؤتمر «الحزب الجمهوري».
وكان هناك اختلاف جوهري آخر بين المؤتمرين اللذين يعقدهما الحزبان كل أربع سنوات، فقد تم تجريد المؤتمرات المعاصرة من المهام السياسية المحورية، وتم تقليصها لتصبح بمثابة فاعليات إعلانية بطريقة مبالغ فيها. وعلى رغم أن ترامب تعهد بأن يكون مؤتمر الحزب «الجمهوري» بمثابة «مفاجأة مدوية»، بدا الحدث «مفتقراً للحماسة»، ولم يحضره سوى مجموعة من صغار «المشاهير»، ولم يجذب عناوين الصحف إلا بأخطاء عفوية.
وفي اليوم الأول، كانت هناك معركة بشأن القواعد المثيرة للجدل أدت إلى خروج جماعي من المؤتمر. بيد أن المتابعة المبدئية لخطاب زوجة ترامب التي كشفت عن وجود اقتباسات من خطاب ميشيل أوباما قبل 8 سنوات، حولت الانتباه عن ذلك الافتتاح الباهت. وفي ظل غياب معظم نجوم الحزب «الجمهوري»، أدلى ابنه وابنته بخطابي التأييد الرئيسيين.
وعلى النقيض، تم إخراج مؤتمر الحزب «الديمقراطي» بشكل جيد، وعلى رغم لحظات التوتر والجدل، إلا أنه كان خالياً من الأخطاء تقريباً. وتمكنت كلينتون من الحصول على مساندة وتأييد الرئيس أوباما، والسيدة الأولى ميشيل أوباما ونائب الرئيس «جو بايدن»، وخصمها الأساسي «ساندرز»، وعضوة مجلس الشيوخ التقدمية «إليزابيث وارين» ومعظم أعضاء مجلس الشيوخ التابعين للحزب «الديمقراطي» وأعضاء الكونجرس. وعلاوة على ذلك، حضر أيضاً لفيف من كبار المشاهير الذين قدموا فقرات وأدلوا بخطابات ضمن فاعليات الحدث.
وتمكن «الديمقراطيون» من تفادي مظاهر الغضب الناتج عن وحود المخاوف بين أنصار «ساندرز» من أن «مؤسسة الحزب» قد قلبت موازين الانتخابات لصالح «كلينتون» بطريقة غير عادلة. وتمكن فريق كلينتون من فعل ذلك عن طريق الاتفاق مع «ساندرز» على تشكيل لجنة لصياغة القواعد الجديدة لأنشطة الحزب وللانتخابات المقبلة، ومن خلال إجبار رئيسة الحزب المثيرة للجدل على الاستقالة قبيل المؤتمر.
وتوصّلت حملتا «ساندرز» و«كلينتون» إلى أرضية مشتركة بشأن برنامج الحزب، مع قبول كلينتون مواقف تقدمية بدرجة أكبر قدمها «ساندرز». بيد أن بعض النشطاء في حملة «ساندرز» لا تزال لديهم مخاوف من غياب معارضة قوية وواضحة للاتفاقيات التجارية غير العادلة، والالتزام بعدم خوض مزيد من الحروب، وبرنامج الرعاية الصحية الشاملة للجميع، وموقف أقوى تجاه الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
وكان من بين الاختلافات الأخرى الجوهرية بين المؤتمرَين أيضاً طبيعة الموضوعات التي تم تناولها. فقد تمحورت حملة ترامب حول شخصيته، وكراهية كل شيء يمت بصلة لكلينتون، والإحباط والخوف والغضب من قبل أولئك الذين يشعرون بأنهم يخسرون مكانهم في الاقتصاد والعالم المتغير، ومن يشعرون بالاستياء من الآخر، ولاسيما من ذوي الأصول المكسيكية والمسلمين وغيرهم، ومن يخشون الجريمة والإرهاب وفقدان القوة والهيبة الأميركية.
وأما حملة كلينتون فقد وجهت رسالة أكثر إيجابية، إذ أقرت المرشحة بالمشكلات القائمة، ولكنها اقترحت أيضاً حلولاً محددة تضمنت توافقاً حزبياً وتعاوناً مجتمعياً مع الحكومة لتوفير فرص أوسع وتحسين مستوى المعيشة للجميع