سخرية كالبكاء …
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي ….
والتلفزه ايها السادة ، وايتها السيدات مأخوذة من جهاز التلفزيون .. فلا عجب ان افردنا في اللغة لحية متلفزة .. او جلبابا او صباغ حناء أو كحلا متلفزا .. فكلها يندرج تحت قائمة بوس الواوا
ونحن (والله العظيم) نجل ونحترم الشيوخ غير المتلفزين .. والذين لا يتقاضون الشيىء الفلاني من مليونيرات المحطات الفضائية التي تدفع بسخاء لشيخ لكي يدلنا ان كان الخل حراما او حلالا .. او ان كان بول الرسول (ص) مباركا .. ثم يأتي من بعد برنامجه راقصة لولبية وكليب ( متلفز ) يعرض المفاتن الجهنمية التي تجعلني انا الشيخ الذي تجاوزت السبعين اقفز عن الكرسي وريالتي تنفرد على صدري مثل خيط ممغنط
ولقد تعرفت الى شيوخ في الفضائيات ينفرد الكحل على عيونهم مثلما ينفرد على عيني مطربات الفيديو كليب .. ورأيتهم وهم يمسدون لحاهم امام الكاميرات بشىء من عطر الموتى .. وكثير من ( الزباد) الذي يجعلها طويلة القامة لا تنفلش شعراتها على الوجه العريض . وانما تنظيمها يأتي من المشط الذي يضعه الشيخ في جيب جلبابه لكي يسرحها في كل دقيقة من خلف الكواليس لكي تتقبلها العامة .. ولكي تظهر صورته في التلفزيون (فوتوجينيك) ولائقـــــــة
ليس ذلك فحسب .. بل ان ( عفشكة) اللباس يجب ان تدرج في قائمة جينيس .. فالجلباب قصير والجاكيت طويله .. والسروال الابيض ( المتوسط) يجب ان تبين عقدته على الوسط كأنما هي ترس يدافع به عن نفسه .. والخلاصة انه مخلوق آت من فضاء آخر
وليس فيما نقول ( تريقة) او هزءا لا سمح الله .. مع انه لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة لباسا معينا يرتديه الشيخ .. واللفات التي نراها والقفاطين التي نلمحها ما هي الا من اختراع الشيوخ انفسهم على مدى الزمان لكي تعطي للشيخ رهبة وخوفا
ورغم ان تكشيرة الشيخ في عرف الشيخ تعطيه بعضا من المهابة .. فان ( ابو الهول ) في تكشيرته المعهودة اقل وطأة مما نرى .. مع ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان سنه ضاحكا مستبشرا دائما بالخير .. اما الشيخ المتلفز فانك ان استمعت الى نكتة لطيفة يقول لك على الفور .. اتق الله يا رجل وتذكر القبر . !! وكأنما خلق الانسان فقط لكي يسحسل من بطن امه ذاهبا للقبر مباشرة
ومن عجب العجاب اننا كمستمعين او مشاهدين .. نعطي للشيخ فرصة لكي يتحفنا بفتاواه التي يعرفها حتى الاطفال .. وكأنما قد انهينا كل مشاكلنا وتحرر الوطن العربي من الاحتلال .. ليقولوا لنا ان المراة يجب ان يكنس فستانها رصيف الشارع والا اعتبرت مستهتره .. ويجب ان تخفي صوتها عن الناس لانه عوره .. كما يتحفوننا ببول الرسول (ص) وبركاته .. ووجوب ارضاع زميل العمل حتى تحدث ( الاخوة) فلا يبصبص لها .. ومن غير دينه يقطع رأسه الا اذا استتاب فان رأسه يظل على جسده بعد الغسيل فارغا من المخ في تجاويفه .. وان الجهاد ان تنتحر وتنحر معك الاخرين والا اعتبرت مارقا .. وان الذبابة اذا وقعت في الطعام فاغمسها فان في احد جناحيها داء وفي الاخر دواء .. وان الموسيقى التي تهذب الذوق والروح حرام .. وان العين تزني مع ان شروط الزنى كما نعرف هو الايلاج .. كما يذكرونك دوما بالقبر والحيات والعقارب التي تقرصك وتؤذي جسدك الرمة .. ووجوب ضرب الزوجة اذا ما اذنبت ولا يحددون لك ماهية الضرب مع انه وارد في القرآن الكريم دون تفاصيل .. هذا اضافة الى جملة من الهلوسات التي تؤذي الاسماع والعقل معا .. كأن لا تشرب الماء على الريق لأن الشياطين تشاركك فيه .. وان لا تزور المقابر في المساء لأن ابليس يستعد لدخولها لاغواء الموتى
قد نعدد الكثير .. ولكن البعض قد يعتبر هذه الكلمة هجوما لاذعا على الشيوخ .. مع اننا قلنا في المقدمة اننا نحترم الشيوخ .. لكنهم الشيوخ الذين يعرفون دينهم حق المعرفة .. ولا يقودوننا الى متاهات كالتي ذكرنا .. انما هي الالاف المؤلفة من الدولارات التي تدخل الى جيب الشيخ المتلفز لكي يظل البرنامج حيا ومستمرا لمزيد من القبض والصرف على حساب الانسان المسلم الفقير الذي لا يجد قوت يومه .. ومن ثم يحرضونه على ان يدفع ويدفع من جيبه خيفة العقاب والحساب
الشيخ المتلفز يا سادتي انسان مريض حقا .. حتى وان كانت شهادته الازهرية طولها متران .. ومن يدري .. ربما رأينا في المستقبل القريب .. الشيخ السينمائي .. والشيخ الفضائي .. والشيخ الكمبيوتري وقد حدث .. والشيخ الذي يقول لك .. ادفع دولارا فنعطيك فتوى حسب رغبتك .. فالحاكم العربي ليس احسن منك .. فالشيخ المتلفز يعطيه فتوى حسب مقاسه .. وانا لله وانا اليه راجعون .