كلمة رئيس التحرير
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي
أولا : يجب ان نعترف .. بان الولايات المتحدة الامريكية .. هل اقل الدول في هذا العالم اهتماما بشئون اللاجئين القادمين من سوريا .. وان (هوبرة) الاعلام الأمريكي الذي يحسن وجه الإدارة الامريكية كدولة راعية لحقوق الانسان .. لا تغني عن الحقيقة شيئا .. فالسوريون القادمون الى أمريكا سواء عن طريق الأمم المتحدة او عن طريق اللجوء السياسي اجمالا .. هم اكثر الناس عذابا بالعيش في هذا البلد .. الذي نسمع فيه جعجعة ولكن لا نرى طحنا .. ولا ننكر أيضا ان الولايات المتحدة او جهازها الأمني .. يقوم بغربلة القادمين حتى لا تكتشف أمريكا ان إرهابيا قد تسلل رفقة هذه العائلة .. بمعنى ان القادمين قبل ان توافق أمريكا على دخولهم البلد .. تبحث في امورهم امنيا ولا يمكن ان يتسرب احدهم اليها ان كان فيه حتى تأييدا للإرهابيين الذين تزعم أمريكا انهم يندسون بين العائلات المهاجرة .. وهذا يعني ان كافة الذين قدموا من سوريا الى أمريكا .. مضمونة سياسيا او فكريا ان لا يكون لهم ارتباط ولو كان تأييدا لما يسمى بالإرهاب ..
فان قبلت أمريكا لجوء عائلة سورية اليها .. فهذا يعني مزيدا من العذاب لتلك العائلة .. وسنشرح فيما بعد .. لماذا كل هذا الاجحاف لاناس تركوا بلدهم هربا من جحيمها ..
تأتي العائلة السورية مهاجرة الى هذا البلد بعد تقديمها الطلب .. ثم تبحث الأجهزة عن إمكانية قبولهم .. بحيث يستغرق الطلب شهورا طويلة قبل قبولهم .. وهم يعانون في أماكن سكنهم قبل مجيئهم الامرين بحيث لا طعام ولا خدمات صحية ولا حتى إمكانية ان يكون السوري المهاجر انسانا .. وهي مثلبة نستنكرها بحيث نسمع الدوائر الإعلامية او حتى الأمنية يمتلىء اعلامها وتسريباتها الى أمر يظن الناس فيها خارج أمريكا ان هذا البلد فعلا هو البلد الامن لهم .. مع انهم يعيشون هنا عيشة اقل ما يقال فيها ان الحيوانات فيها تعيش افضل منهم .. وعذرا لاستخدام هذا اللفظ لانها الحقيقة الناصعة .
بدءا تخصص أمريكا للعائلة القادمة مسكنا .. ولكن هذا المسكن لا يحوي متطلبات السكن الامريكية .. فلا أجهزة تدفئة فيه ولاوسائل الحياة الأخرى .. إضافة الى ان مكان سكنهم موئلا دائما للمشاكل والمخالفات والمخدرات .. بحيث يغلقون ابواهم عليهم خيفة وجزعا مما يجري في الشارع الذي يقيمون فيه .. وفي الغالب .. لا تستمع الإدارة الامريكية الى شكواهم .. والكثير من أولئك المهاجرين يتمنون ان يعودوا حتى الى البحر لكي يغرقوا خيرا من هذه الحياة المجحفة .. ولا نريد ثانيا ان نلقي اللوم على الإدارة نفسها .. ولكن سوء الإدارة التي تهتبلها دوائر الأمم المتحدة تجعلنا نصرخ باعلى اصواتنا .. ان هؤلاء القادمين من البشر وليسوا من صنف آخر .
ثم نأتي ثالثا الى المسئولين عن تلك العائلات وتيسير امورهم في امكنة سكنهم .. تتصل بهم ان كان في الامر سوءا سواء كان امنيا او حياتنا .. ولكن لا جواب .. تعجز العائلة القادمة من الاتصال بأحد المسئولين عن سكنهم وايوائهم .. ثم في النهاية يرضون بالامر الواقع لانهم لا يجدون منفذا يلجأون اليه بعد العسر الذي اصابهم ..
ثم رابعا .. فان الأماكن التي يسكنونها هي مناطق موبوءة بالجريمة .. ولا ننسى أيضا .. ولنأخذ مدينة باترسون او ولاية نيوجرسي التي يلجأ اليها المهاجرون لانهم (أي العائلات المهاجرة) تريد السكن في امكنة يتواجد فيها العرب بشكل مكثف .. بحيث ( في ظنهم ) ان المواطنين العرب الأمريكيين قادرون على حمايتهم من الغبن الذي اصابهم .. ولكنهم في النهاية يكتشفون ان العرب هنا لا منظمات إنسانية لهم .. ولا من يرعاهم فيرضون بنصيبهم خوفا من الموت الذي يلاحقهم ..
لقد قامت ( صوت العروبة ) بالاتصال بالجهات التي ترعاهم ولكن أيضا .. لا جواب .. ثم تبرع الأخ الكريم وليد بجدوغ الذي يعمل في دائرة ( السوشل سيرفس) لكي يتصل بهذه العائلات لنستطيع كتابة شكواهم وايصالها الى آذان المسئولين الأمريكيين الذي وافقوا منذ البدء على لجوئهم الى أمريكا . فقام بجولة مع مصورنا (سعيد الاتب ) بتفقد تلك العائلات .. فاذا بها تعيش عيشة يأباها كل انسان في هذا الكون ..
ثم نأتي خامسا : الى عمل السوريين والمساعدات التي تقدم لهم انا كنا نسميها مساعدات .. فقد فرض عليهم ان يقوموا بالعمل في المؤسسات والدوائر الحكومية او غير الحكومية مقابل سكنهم .. بحيث تعمل الفتاة او الشاب مثلا طيلة النهار في العمل الذي يراد لهم ثم تكون اجرتهم اليومية (ستة دولارات فقط طيلة اليوم ) تجاهد العائلة السورية ان تعيش منها فاذا بها هباء .. ولا بأس في نظرهم ان السورية الحرة التي تجاهد لاطعام اطفالها .. تأكل مرة واحدة في اليوم لا غير .. فكيف تكون احوالهم مع هذه الحياة التي لا تعطيهم شيئا في أمريكا .. مع العلم بان المرأة السورية حتى تحت القصف في سوريا .. كانت تجد من الأمور الحياتية اكثر مما هي في أمريكا حاضنتهم بالاسم فقط .. ثم نأتي أيضا الى المساعدات الحكومية التي تقدم لهم من خلال مؤسساتها .. قليل من الحليب وبعض الأرز وبعض من يلقى في الزبالة من فواكه فسدت .. ومواد اغلبها من المعلبات التي انتهى مفعولها ..
تصور معي أيها القارىء .. ان المرأة السورية كانت قبل ما يسمى بالثورة .. معززة مكرمة في بلدها .. ثم تأتي الى هذا البلد ليجدوا لها عملا تعتاش منه هنا .. فاذا بها تمسح الارضيات وبلاط المؤسسات وبعض المساجد والكنائس .. ثم في نهاية اليوم لا تجد في يدها سوى ستة دولارات .. اهي للاكل ام للتنقلات ام لشرب الماء النظيف ام لرعاية الأطفال الذي يدخلون المدارس لكي يتلقوا العلم .. انها مأساة لا يجدها انسان هنا .. الا للسوريين فقط . هذا ولا ننسى ان المساعدات الغذائية التي تقدم لهم لا تكاد تكفي لاطعامهم فيبيت الكثير منهم على الطوى وبطونهم فارغة ..
ولا نريد ان نسترسل اكثر .. لان حياتهم واقامتهم هنا .. يجب ان تسمى (بالحظائر) بدلا من السكن .. اذ تحظى الحيوانات بالرعاية اكثر مما ترعاهم تلك المؤسسات ..
اين هي المساجد والكنائس لترفع الشكوى لاولئك المسئولين .. اين هي المنظمات العربية التي تسجل باسم منظمات غير قابلة للربح وتلهف الاف الدولارات سنويا من مأساة هؤلاء الناس .. وعندي من الوثائق في الكثير منها ما يقول ان تلك المنظمات تلهف النقود التي تأتيها سنويا من الولاية وتستقر في جيوبهم اين هم المليونيرات العرب ورجال الاعمال من المقيمين سواء كانوا سوريين او عربا آخرين من هذه المأساة .. وعندي من الوثائق ما يفيد ان النقود التي تلهفها تلك المنظمات تذهب الى جيوب المسئولين فيها فلا تجد منها شيئا .. ويصرخون دائما بانهم لا يتلقون المساعدات من الدولة ..
اين هم الأطباء العرب والصيادلة والمهندسين والمدرسين ورجال الجامعات والمنظمات الخيرية العربية .. اين كل ذلك .. انهم لا ينتبهون اطلاقا الا لانفسهم .
لقد استطاعت صوت العروبة بفعل اتصالاتها ان تكشف هذه الحقيقة للناس الذين يظنون ان المهاجرين السوريين يعيشون حياة مرفهة في هذا البلد ..
تصور يا اخي امرأة سورية كانت معززة مكرمة في بلدها قبل الجرائم التي تنصيب على رأسها في بلدها .. ثم تراها تمسح البلاط في دائرة أمريكية .. مع اننا لا نستنكر العمل .. ولكن نستنكر ان تلك المرأة لا يصيبها من تعبها سوى ستة دولارات أمريكية لا تكفي حتى لمدخن ان يشتري علبة من السجائر ..
هناك الكثير .. ولسوف نقوم على ثلاثة اعداد متواصلة .. بتبيان هذه الحقيقة للإدارة الامريكية وللناس اجمعين وخاصة من العرب الذين يعيشون حياة مرفهة .. اين هم من هذه العائلات المهاجرة ..
اتقوا الله في أنفسكم وفي الناس.. انهم بعض انفسنا .. وان حياتهم التي يعيشونها هي حياة اشبة بميت يراد له ان يظل حيا بغرس بعض الابر المقوية الى جسده .. ولكن الجسد يتهاوي .. جوعا .. وعطشا .. ورعاية .. ثم يصرخ الاعلام بكل ما فيه من افواه انهم يعيشون حياة كريمة في أمريكا .. اين كل أولئك .. انها الحقيقة .. ومن يبغي غير الحقيقة فلن يصل الا الا بعض هواء ملوث لا يعيش منه وانما تنتابه الامراض من كل جانب ..
اننا ندعو في (صوت العروبة) ان تشكل لجان لرعاية هؤلاء المهاجرين من السوريين .. وان مكاتبنا في مدينة باترسون مستعدة لرعاية هذه اللجان ان لم تجد مكانا تجتمع فيه سواء كان أسبوعيا او يوميا .. ولتكن تلك اللجنة لا تبحث الا أمور السوريين والمهاجرين نتيجة الاحداث القائمة في بلدانهم .. ولا نريد من هذه اللجنة الا ان تقوم بعملها وفق ما حدده الله لنا .. والا فنحن مثل السائبة يقودنا الاعلام اللاموضوعي الى طريق مسدود .. واننا لعائدون .