الحمار يظل حمارا ولو بين الخيول ربا – بقلم : وليد رباح

فن وثقافة – الجالية العربية
بقلم : وليد رباح
قال لي احدهم مرة : الأصيل يظل اصيلا ولو ربي في أمريكا .. وقد ظن انه يمدحني فأجبته على الفور .. الحمار يظل حمارا ولو بين الخيول ربا .. فضحك الرجل .. وعندما بلغت (تكشيرتي) رطلا استعاذ بالله وقال : ما معنى المثل الذي قلته .. قلت : انا لا اقصدك .. ولكني اقصد من جاءوا الى هذا البلد لتحسين احوالهم فاذا بهم ينسون وطنهم الام ليس ذلك فحسب .. بل يتنكرون له ويعزفون على نغمات تثبيط هممه ووصفه بنعوت يستبدلها بالخبث بدلا من الحب .. والطناش بدلا من ذكراه الجميله .. متذرعين ان من يحكمونه يلفون انفسهم بالمحبة ولكنهم غدارون تافهون بل وحتى قذرون .. ومن خلال ابتسامتي الباهتة قلت له : يا عزيزي .. العصفور اذا ابتعد عن عشه فانه يألف المكان .. وينسى عشه .. فقال: اذن انت متأمرك .. قلت : في ظل القتل والذبح على الهوية .. فانا امريكي .. اما عندما أرى الحب والتحنان والمودة في وطني فانا فلسطيني امريكي .. وربما كانت تسميتي تلتصق بكل بلدان العرب لاقول مفتخرا .. انا عربي .. فقال : انت متفائل جدا .
تطوف بي الذكرى عندما أتيت لهذا البلد .. وامضيت فيه سنوات وسنوات وما زلت عربيا في الاسم والهوية والتصرف .. وقد بذلت جهدا كبيرا كي اتأمرك واصبح أمريكيا رغم حصولي على الجنسية ولكني لم اقنع نفسي ان أكون كذلك .. صحيح انني قسمت ولائي بين الوطن الذي فقدته وبين الوطن الذي أعيش فيه .. ولكن حناني الابقى والأكثر حرارة هو الوطن الذي غادرته قسرا عندما كنت صغيرا احبو .. ومن هنا وحتى يلفني القبر بحنانه سوف اظل اعبد ذلك الوطن الذي يسمونه عربيا قبل ان تمسه لفحات الخيانة والغدر ليصبح وطنا لاناس جاءوا من انحاء الأرض لكي يستقروا فيه بالقسر والقوة ,. ولومي لا يقع على الفقراء فيه ومنه .. ولكني أرى ان الذين يتقدمون الصفوف قد اصبحوا خدما للمحتل يبيعون الوطنية بالقنطار والدولار .. فغدوا يعملون لمصلحة المحتلين جهارا نهارا رغم تصريحاتهم العنترية بانهم مع الوطن .. آه يا وطن .
***
سرحت بنظري بعيدا فقلت .. قرأت في التاريخ العربي ان فئة من الشعراء الصعاليك كانوا يسرقون القوافل في الصحراء .. يهاجمونها ثم يستولون على ممتلكات تلك القوافل .. وفي الوقت الذي كانوا فيه يتضورون جوعا ,.. كانوا يوزعون المسروقات على فقراء العرب على امتداد الصحراء .. فكان الفقراء يمدحونهم .. ولهج كل لسان بذكرهم .. فهل عاد العصر العربي الى الوراء لاحياء ذكرى الشعراء الصعاليك .. مع الاخذ بما يقول ان لصوصنا هم قوادنا .. لذا تراهم يلهفون الملايين ويتصدقون للشعب بفتات الخبز حتى لا يحكمون الأموات فقط .. فلنا الله .
***
كنا في اول عهدنا بالشباب نعتقد اعتقادا لا يخالطة نكران .. أن الوطن العربي سوف يصبح وحدة واحدة لمجابهة الكوارث التي تحل به وعليه .. لكننا بعد لأي .. وجدنا ان الطائفية قد تجذرت فيه فاصبح دولا ان لم يكن بالاسم فبالفعل .. فقد اصبح العراق ثلاثة وربما اربعة .. وغدت سوريا حفنة من الجحيم .. واليمن اصبح يأكل ابناءه .. اما ليبيا فقد غدت مشاعا مثلما هي العذراء التي فضت بكارتها ثم قالت لنفسها .. طالما انني بدأت فما المانع ان ينتهي الامر لاصبح مومسا .. اما ما كان بعد ذلك .. فان كل دول العالم التي تقول عن نفسها انها متحضرة .. قد اعتلتنا واصبحنا من المثليين .. وحتى البلاد التي ما زالت تعيش في مجاهل القرون الماضية .. تدافع عن نفسها ضد الاعداء اما نحن فقد تمزقنا اربا وكل يريد القطعة بكاملها وليس جزءا منها ..
أفلا تتذكروا ان المصير اسود اللون .. ولا اريد منكم ان تعودوا .. فان عدتم فانها تظل صورة مشوهة عما جرى ويجري .. اما ما اقوله .. فلنا الله .

****
سمعت عندليبا مرة يغني على شجرة وارفة .. اقتربت من الشجرة .. لم يطر .. استأنس بوجودي .. خاطبني بلغته التي تجعل الانسان يرقص فرحا عندماينظر الى منقاره الوردي .. وريشه الملون .. وعندما حاولت ان المسه ابتعد عني غاضبا وكأنما يقول لي .. انت جميل طالما انك لم تتدخل في لون ريشي .. او استقامة رقبتي .. فاياك اياك ان تقترب .. سبح الله بعيدا حتى اسمعك .. لا اريد ان اصبح طبقا في حفلة ارز على منسف أو طبق مقلوبة ..
استدرت انظرالى السماء حيث ارتفع .. ارتفع .. وارتفع .. وفي النهاية .. التقى بمحبوبته فقبل ريشها بكل عطف وحنان.. وغابا سويا عن الانظار .
***
حلمت وحلم الصالحين خير .. هذا ان كنت صالحا .. بان حمارا ادانت له الحمير بالطاعة .. وشهدت له بحسن الرياسة .. قد غدا متكرشا حتى ثخنت عنقه وقد نفعه .. حفت به زمير الحمير من خلص اصدقائه وسمار جلسائه يزينون له الخير شرا والحسن قبحا وسمو النفس نقيصة .. وفي لحظة افقت من نومي على نهيق آت من بعيد .. فادركت ان كؤوس الخمر التي تجرعتها في المساء قبل النوم .. كانت من النوع الرخيص .. .