التوبة المقبولة عند الله تعالي – بقلم : السيد محمد المسيري – مصر

كتابات ومواد دينية …..
بقلم : السيد محمد المسيري – مصر ..
يقصد بها التوبة الخالصة الصادقة إلي الله تعالي , والتي تكمن في أساسها في إقلاع صاحبها عن المعاصي , وترك الآثام , وعن فعل الآثام , والندم بيقين قلبي مخلص علي عدم ارتكابها , وتأنيب الضمير الإنساني علي عدم حدوثها , والإقدام بعزم أكيد في عدم الرجوع إليها لكون فعل هذه الذنوب في جوهرها تغضب المولي سبحانه وتعالي , وتكمن هذه التوبة المقبولة أيضاً في توجه كل المذنبين إلي خالقهم , وإسراعهم في توبتهم إليه , وعدم تأخيرهم فيها ابتغاء رضوانه ومرضاته عليهم . لذا , فالذين يرتكبون ويفعلون السيئات بجهالة أو بدون علم أو عدم بصيرة بها ويتوبون إلي الله عز وجل . فالحق جل ثناؤه يتوب عليهم ويقبل توبتهم . وفي هذا الشأن , يقول أحكم الحاكمين في محكمة آيات كتابه الحكيم ” وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتي إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليما ” سورة النساء , آية 18 (1) . ويقول الله جل علاه ” إنما التوبة علي الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ” سورة النساء , آية 17 (2) . ويقول رب العزة سبحانه وتعالي أيضاً ” وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين . والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون . أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين” سورة آل عمران , الآيات من 133 إلي 136 (3) . ولذلك , جاءت في السنة النبوية المطهرة الكثير من الأحاديث الشريفة التي تحث في مجملها علي هذه التوبة المقبولة , والترغيب فيها , ونشير هنا إلي بعضها : أن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قال “من سعادة المريء أن يطول عمره ويرزقه الله الإتابة” رواه الحاكم (4) . وقال أيضاً رسول الله (صلي الله عليه وسلم) “من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون درهم ولا دينار . إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته , وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ثم طرح في النار” رواه البخاري وأحمد (5) . وقال أيضاً رسول الله (صلي الله عليه وسلم) : قال الله عز وجل “يا ابن آدم أنك ما دعوتني ورجوتني عفرت لك ما كان منك ولا أبالي . يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك . يا ابن آدم لو آتيتني بقراب الأرض خطايا ثم آتيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ” رواه الترمذي (6) . وقال ابن عباس رضي الله تعالي عنه ” إن للحسنة ضياء في الوجه , ونوراً في القلب , وسعة في الرزق , وقوة في البدن , ومحبة في قلوب الخلق , وإن للسيئة سواداً في الوجه , ظلمة في القلب والقبر , ووهناً في البدن , ونقصاً في الرزق , وبغضاً في قلوب الخلق ” .
ولهذا , ينبغي علي كل الذين يرتكبون الفاحشة , ويفعلون الذنوب في السر والعلن , ويظلمون الآخرين بغير حق , ويأكلون أموال اليتامي زوراً وبهتاناً وإثماً مبينا , ويعقون ولديهم , ويقطعون صلة أرحامهم , ويفسدون في الأرض , وينتهكون أعراض الناس بالسوء والفحشاء , ويتركون صلواتهم . أن يعزموا عزماً أكيداً صادقاً في التوبة إلي ربهم حتي تحيا نفوسهم , وتستيقظ ضمائرهم , ويغفر الله تعالي ذنوبهم , وتكون توبتهم عنده مقبولة .
الهــوامـــــــش
1- سورة النساء , آية 18 .
2- سورة النساء , آية 17 .
3- سورة آل عمران , الآيات من 133 إلي 136 .
4- رواه الحاكم .
5- رواه البخاري وأحمد .
6- رواه الترمذي .