كلمة رئيس التحرير ..
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي
فكرت كثيرا قبل ان الجأ الى كتابة هذا الموضوع المقزز .. ولكني من منطلق العلم بالشىء لنفسي وللغير .. فاني مجبر على كتابته لان جلدي يبدأ بالحك عندما يخطر لي فاضع نفسي مكان من يعذب بفتح الذال .. ومن يعذب بكسرها فاشعر انني أجيز تسمية البعض ممن يمارسونه.. من الحيوانات البهيمية التي ترى في عذاب الاخرين سعادة .. وفي استخلاص الكذب من اجسادهم قبل افواههم نوعا من الطرب العربي الاصيل الذي يبدأ بالعود وينتهي بالكمنجة .
ولا تخلو دولة في هذا العالم او جهازها الامني من هذه النقيصة .. ولكن انواعها تختلف من بلد الى آخر .. ففي امريكا (الحضارية) هناك التعذيب بالغرق الوهمي .. وفي اوربا كلها يلجأون الى ابرة تجعل الانسان يهلوس ويتقيأ كل ما في جعبته من اخبار .. في زمن العار .. وفي امريكا اللاتينية يلجأون الى تسريب افعى من الفم حتى تصل الى المعدة ويبقون ذيلها في يد الذي يعذب حتى يسحبها عندما يلفظ المتهم انفاسه .. اما في عالمنا العربي بسم الله ما شاء الله .. فيلجأون الى العصي والفلقة وجروح الجسد تماما مثلما هو العلم عندهم .. فقد كانت العصي والجروج ايام ابي لهب .. ولم تتطور هذه (المهنة) لديهم . اللهم الا اعتقال اولاد المتهم وزوجته ومحارمه والتهديد باغتصابهم جميعا اذا لم يعترف .. فيضطر الى افراغ عقله بما حدث ولم يحدث قبل ان يسلموه الى(المحاكمة) التي تكون في كليتها تعتمد على ما قاله اثناء تعذيبه .. وهم معذورون في ذلك .. فليس عندهم الوقت الكافي للسماع من جديد .
ولقد سمعت من أحد من اتهم يوما بانه كان ضد الدولة وسياستها .. وحكم عشرين سنة خرج بعدها بشهور الى القبرمعززا مكرما : انهم ادخلوه الى زنزانة فيها قرد محترم اخذ يلعب حواجبه (للمتهم) ويريد اغتصابه .. (اغتصاب المتهم وليس القرد) واحضروا زوجته لكي تشهد المنظر الرائع .. وكانت تهمته كما قال : انه شيوعي من جماعة الاتحاد السوفيتي المقبور .. فاعترف بما كان ولم يكن وما سيكون .. وبناء على اعترافه امضى سنوات عمره في السجن حتى تغير الحكم بانقلاب عسكري فافرج عنه بعد عشرين سنة .
أما اختيار من يعذبون خلق الله فان له مراسيم ودراسات وجيهة .. فالضابط العربي الذي يأمر بالتعذيب يظل في الظل .. ويظهر بدلا منه من يقوم بالتعذيب .. وله مواصفات عجيبة وغريبة .. اولا – ان يكون مريضا ساديا يتلذذ بتعذيب الاخرين .. وثانيا يجب ان يكون هو شخصيا من اصحاب السوابق .. وثالثا في معظم الحالات ان يكون مثليا ولكن هذا ليس شرطا.. ورابعا ان يكون قوادا في زمانه حتى ولو تاب .. فمهنته تعيده دائما الى ما كان عليه من قوادة .. وخامسا : ان تكون صحيفة سوابقة سوداء من حيث النصب والاحتيال والضحك على ذقون ضحاياه .. وسادسا : ان يكون محبا للنقود مثلما يحب عينيه الاثنتين .. اما الاخيرة : ان يكون مطواعا للاوامر فلا يعترض . ..
أما الضابط الذي يشرف على التعذيب عن بعد .. فله مواصفات ودراسات ليس غريبة ولا وجيهة .. يكفي ان يكون من انصار ومؤيدي الحاكم ومستعد ان يقدم جسده وعقله لخدمة حاكمه حتى ولو كان ذلك على حساب الاخرين .. بما معناه ان يكون ذيلا .. وليس ضابطا .. وانما يكون ايضا يحلم برتبة اعلى من رتبته .
وهناك فرق شاسع بين الضابط في الجيش .. وبين الضابط في المخابرات او اجهزة الامن .. فالاول مقاتل .. واذا ما كانت هزائمة كما نرى ونسمع .. فان ذلك ليس من شيماته .. وانما من شيمة آمره .. وقس على ذلك في الرتب العسكرية .. فهو ينفذ خططه وفق ما وضعها من هو اعلى منه رتبه .. فان نجح فذلك نجاح للجميع .. وان فشل فالفشل يعود الى الاخر .
نخلص في كل ما شرحنا الى ان من يعذب الناس هو حيوان ناطق .. وان الذي يأمره بالتعذيب او يعطيه الصلاحية بذلك سمه كما شئت .. ربما يكون وحشا او ديناصورا او بهيمة او قاصرا عقله او مريضا بحب العظمة .. خلاصته انه ليس انسانا سويا .. بل هو جميع ما ذكرنا .. واعرف اننا لم نف هذا الامر حق .. لذا فانا الى هذا الموضوع عائدون .