الاكراد .. قومية تنهض بعد ان قربت على الاندثار – بقلم : وليد رباح

كلمة رئيس التحرير …
بقلم : وليد رباح  ..
يقولون : ان اللغة احدى المقومات الرئيسة التي تحافظ على القومية .. وامامنا من الشواهد الكثير احداها القومية العربية .. التي صهرها الاسلام لكي تدمج كافة القوميات التي آمنت به ضمن تلك القومية .. يوم كان الاسلام قوة يهابها كل اعدائه .. ولكن النظرية التي برزت بعد ضعف الاسلام بفعل حكامه الذين انحرفوا عنه .. فان القوميات الاخرى قد اصبحت تنظر بعين الريبة الى ذلك الانصهار .. لذا فان قادة المسلمين  يتحملون مسئولية الضعف الذي اصاب الاسلام .. حيث برز فيه بعد موت الخلفاء الراشدين حكاما ارادوا الحياة بعيدة عن الدين فعليا وليس كلاما .. واحدى تلك القوميات التي انصهرت فيما سبق .. كانت الكردية .. حيث حافظ الاكراد على لغتهم الاصلية .. وهي احدى المقومات كما اسلفنا . ولكن الاسلام ظل في وجدانها كما هو في سابق الايام قبل انضمامهم اليه .
ولست هنا اقرر ان ذاك خطأ وهذا صوابا .. ولكنها دورة التاريخ التي لا تقف عند حد .. فكم من قوميات اندثرت نتيجة انصهارها بقوميات اخرى .. وكم منها ايضا حافظت على لغتها وعاداتها وتقاليدها لكي تنهض من جديد .. بعد أن رأت ان حكام البلاد التي يقطنونها لم يلتزموا بما وعدوا . او بما التزم به من ادبيات الاسلام . وبالاصل لم يتمسكوا بمعاملة الفئات المنضمة اليه معاملة القسطاس .. وانما انحرفوا عن ادبياتهم تماما مثل فعل المسلمون ابان نهوضه مما ادى الى ضعفه .. والانقلاب عليه مما ادى ايضا الى نهوض تلك القوميات للعسف الذي اصابها فاحيوا بذلك قومية كادت ان تكون مواتا .
كان اول من قنن الاسلام في مسيرته معاوية ابن ابي سفيان ثم تبعه ابنه يزيد  اللذين قسما الاسلام ان هذا مسلم وذاك كافر .. فارتكبا من الموبقات ما يعجز عنه الوصف .. وللاسف .. كانت لهما الغلبة .. فبرزت من بعدهما فئات اسلامية اهمها الشيعة والسنة عوضا عن فئات اخرى.. ثم انقسم الاسلام الى شذرات بدلا من التوحد .. اذ اصبح في مصر حاكم وفي سوريا آخر .. وآخرين في العراق ومثلهم في الاندلس والمغرب وفي جنبات هذا العالم الذي اصبح نسبة الى الاسلام اسما ولم يكن فعليا من يتسمك به .. وانما هي الحياة التي تحيى في الانسان تفكيرا عقلانيا بان تصبح تلك القومية شيئا يشار اليه على انه قومي مسلم .. ولا دخل لنا ان كان يطبق الاسلام او يرفضه .. ولكنها سنة الحياة .  وهي دورة التاريخ الذي لا يتوقف عند حد كما هو واضح من مجرياته . وهذا ما حدث للمسيحية ايضا عندما كانت الكنيسة هي الحاكم الاوحد الذي يحرق الناس ان كانوا على غير ذلك الدين .. ثم انتهى ذلك العهد بفعل التنويرفي العصور القريبة التي برزت بعد ذلك .
ولم يتوقف حكام المسلمين وخاصة السنة منهم على اضطهاد القوميات الاخرى التي انضمت اليه بفعل ايمانها بالدين الجديد .. والخلاصة ان قوة المسلمين التي صهرها الاسلام قد اصبحت تشك في عيشها آمنة مطمئنة في ظلاله .. فقامت في كل انحاء الوطن العربي الذي يحكمه او حكمه الاسلام هبات قومية ارادت ان تعيد امجادها التي كانت قبل انصهارها .
ونحن اذ ندرج بعض العسف الذي اصاب تلك القوميات .. لم تسلم منه الفئات الاخرى التي تدين بدين آخر .. فقد سبق الدين الاسلامي اليهودية والمسيحية .. وقد كان موطن تلك الاديان هو الشرق .. تلك التي بقيت في وطنها الاصلي لما رأته من سماحة الاسلام في اولياته .. وقد عاملت الدولة الاسلامية اولئك بكل الخير والمحبة وتركت لهم حرية العبادة . تماما كما هي للمسلمين. ولكن الحركات الاسلامية التي برزت بعد ذلك بحجة او باخرى .. قامت بمعاملة الدينين على انه خارج على القوانين والادبيات الاسلامية .. ومن هنا برزت فئات متشددة تريد ان تصهر اولئك ليس كقوميات .. ولكن كأناس يعيشون لهم حقوق مثلما للمسلمين الذين اعتبرهم محتلين ولا اعتبرهم ناشرين للاسلام .. اذ كان ذلك في اولياته .. ولكنهم انحرفوا عنه .. فاصبح الدين الاسلامي ليس دينا وانما قومية متعصبة .. تريد صهر كل الفئات التي تعيش بداخلها قسرا .
ولقد تحمل الاكراد المسلمون ما لم يحتمله بشر من العسف والاضطهاد .. اذ كانت النهاية بروز قومية حافظت على تاريخها .. وكان العراق اول من بدأ .. ولكن سوريا كانت  ولم تزل احدى الدول العربية التي لا توصم انها اسلامية صرفا كما يقول دستورها.. بالمحافظة على وجود الاكراد ضمن الوجه الاسلامي .. مع اعطائهم بعض التميزات التي تحافظ على كينونيتهم . هذا اضافة الى انتشار الاكراد في لبنان وبعضهم في الاردن وآخرين في عدة بلدان عربية تعاملهم كما تعامل الانسان العربي المسلم .. ليس بفعل التمسك بالاسلام ولكن بفعل عدم ارغام تلك القومية على المقاومة كي تحصل على حقوقها .. ومن ثم امتد الامر الى سوريا والى مواقع اخرى بفعل التواصل التقني الذين اصبحت فيه الكلمة تصل الى ابعد مكان في الدنيا فتثيرفيه حب احياء قوميته التي كان لها تاريخ عريق في هذه المنطقة التي نسميها اسلامية او عربية . وأهمها ان الاكراد كانوا اول من وحد الصفوف لاعادة القدس ايام احتلاله من قبل الفرنجة .. وليس صلاح الدين الايوبي الكردي ببعيد لالاف السنين لكي ننسى ما قام به الاكراد في سبيل توحيد بلاد المسلمين والدفاع عنها .
ولا اريد ان اطيل اكثر .. فهذه الكلمة ليست دراسة وانما مقالا فيه رأيا او بعض رأي ..
والخلاصة فيما نكتب فيه .. ان المسلمين انفسهم هم الذين تخلوا عن الفئات القومية التي انخرطت فيه .. وانما كانوا عوانا لهم في هذا الانفصال ..
ليتنا ندرك ان الدين يجمع ولا يفرق .. وان التعامل فيما بين افراده ومنتسبيه يجب ان يكون معاملة بالقسطاس .. والا .. فان هنالك فئات اخرى دخلت الاسلام من اوسع ابوابه فيما مضى .. سوف تخرج من نفس الابواب مستقبلا .. وتصبحون على الخير .