التصنيف : فن وثقافة (:::)
حسن مهدي الوزني – العراق (:::)
أن من الصعب أيجاد تعريفا ًواضحا ًللأسطورة يقبله جميع العلماء والباحثين , ويكون في الوقت ذاته متناول عند المتخصصين في دراستهم لها , لان الأسطورة واقعة ثقافية متسعة شديدة التعقيد , يمكن مباشرتها وتفسيرها من منظورات متعددة يكمل بعضها بعضا ً، وتعتبر الأسطورة هي موهبة أي جماعة بشرية كبيرة كانت أو صغيرة وقدرتها على أن تحكي قصصا ًمعينة عن أحداث أو أماكن أو أشخاص معينين خياليين كانوا أم حقيقيين , وتكون حكايات هذه القصص بشكل لا واع ًغالبا ًويكون لها مغزى رائع . وقد حاول الكثير من العلماء والباحثين أن ينقلوا رأياهم عن الأسطورة من خلال محاولاتهم في تعريفها أو تحليلها . فقد رأى مالنوفسكي : أن الأسطورة في حقيقتها ليست تعبيرا ًتافها ًولا تدفقا ًعشوائيا ًلخيالات عقيمة , ولكنها قوى ثقافية هامة تشكلت بصورة محكمة . ويرى يوهيمروس : أن الأسطورة هي التاريخ في صورة متنكرة . بينما يعتبرها سيجموند فرويد : كشيء يعبر عن دوافع وقوى نفسية دائمة غير معترف بها . كما عرفها كارل ماركس : بأنها التقديم اللاشعوري للطبيعة ويقصد بالطبيعة جميع وكل ما هو مادي بما في ذلك المجتمع . ويعرفها جين هاريسون : بأنها التفكير الحالم لشعب من الشعوب , تماما مثلما يعتبر الحلم أسطورة الفرد . وكان رأي عالم النفس أتورانك : أن الأساطير هي أحلام الجماهير .
علاقة الأسطورة بالحكايات الشعبية :
الحكايات الشعبية في رأي بعض الباحثين هي طفولة الخيال الجمعي حيث لا يعرف لها مؤلف , ويتم نقلها شفاهة من شعب إلى شعب أخر , متخطية حواجز اللغة جميعها . لذا فهي تعرف بأنها : التراث غير المدون لشعب من الشعوب كما يبدو في عاداته ومعتقداته وسحرة وطقوسه . وقد يئس العديد من الباحثين ومنهم ( ف . بواس ) على سيبل المثال , من عقد تمييز دقيق بين الأساطير والحكايات الشعبية . وقد عبر البعض عن شكهم في أمكانية عقد مثل ذلك التمييز , والأساطير بشكل عام وضعت في زمان عندما لم يكن العالم قد اتخذ شكله الحالي بعد . بينما ضعت الحكايات الشعبية في فترة ما بعد الخليقة منذ الوقت الذي خاف الإنسان من الظواهر الطبيعية فأخذ يألف القصص والحكايات البطولية ليبرر خوفه , وفي الأساطير يكون للأبطال عادة اصل الهي , ويكونون آلهة أو أبطال حضاريين بشكل شائع . أما في الحكايات الشعبية
فكثير ا ما يكون الأبطال من الكائنات البشرية أو من الحيوانات المتجسدة في شكل بشري .
وعلى الرغم من أن الأساطير هي الأصل الذي تفرعت عنة الحكايات الشعبية . ألا أن الواقع الذي ترويه
الحكايات الشعبية لا يحمل نفس القداسة التي تحملها الأسطورة .
علاقة الأسطورة بالحكايات الخرافية :
الأسطورة والحكايات الخارقة في فولكلور المجتمعات العتيقة لهما نفس البنيان الميثولوجي , أما الفرق بينهما , فان الأسطورة لها معنى جماعي وكوني تصف تصف نشأة الكون والمصدر الأول للنار والنور والماء العذب , أما الحكايات الشعبية فهي قصة خيالية أزيل منها الطابع الأسطوري . أضف إلى ذلك
أن الحكايات الخرافية توضح حقيقة مستمدة من مصدر أخر عادة ما يكون مصدرا أسطوريا .
ولا يمتلك بطل الحكاية الخرافية تلك القدرات السحرية التي يتمتع بها البطل الأسطوري بطبيعته . كما أن
المقابلات الأسطورية الأساسية الموغلة في القدم مثل الحياة والموت قد خلفتها في الحكايات الخرافية منازعات اجتماعية على مستوى الأسرة وعلى مستوى المجتمع . وتشكل الحكاية الخرافية كما يرويها الرواي بعض السمات الشعبية الهامة , باعتبارها ابتكار فنيا ًوإبداعا ً فكريا ً, وكذلك تحمل في طياتها بعض من مظاهر السحر والطقوس والأعراف القيمة . وعلاوة على ذلك فان هناك فروق الأساسية بين
الأسطورة والحكاية الخرافية في الزمن التي تشير إلية كل منهما . فالأسطورة تشير إلى الزمن الأسطوري الذي ينحى بعيدا ًعن الزمن التاريخي العادي . بينما تشير الحكاية الخرافية سواء تأسست على الأحداث التاريخية أو لم تتأسس إلى الزمن التاريخي بصفة عامة .
علاقة الأسطورة بالفولكلور الشعبي :
أن مصطلح فولكلور والذي يعني حرفيا ًالمعرفة الشعبية هو مصطلح محدد بوجه عام للمعرفة المنقولة من جيل إلى أخر شفاهة أو بالمحاكاة , كما أنها الرصيد المتراكم لما جربه النوع الإنساني وما تعلمه وما قام بممارسته عبر العصور في الشكل معرفة شعبية وموروثة تمييزا لها عن المعرفة العلمية ولما كانت الأساطير قد أمدت الدراسات الإنسانية على اختلاف فروعها بالكثير من الظواهر والعناصر والمواد فان الفولكلور يعد , عند بعض العلماء , متشعبا عن الميثولوجيا ومكملا لها . كما يرى بعض العلماء أن الأسطورة , وهي حية فعالة تقوم على العقيدة والشعيرة والشكل التمثيلي . فإذا تحولت إلى عقيدة ثانوية أو
ارتبطت بالشعائر الاجتماعية , أو أصبحت حكاية شعبية , فأنها تخرج من أطار علم الأساطير وتصبح مادة رئيسية من مواد علم الفولكلور أو المأثورات الشعبية . غير أن البعض برى أن الأساطير هي احد الأنماط الأدبية واللغوية والعلمية للفولكلور مثلها في ذلك مثل الشعر الشعبي والأمثال والألغاز والسحر وحكايات السعلوة والطنطل , أو أنها احد الموضوعات الرئيسية للتراث الشعبي الذي يمثل الموضوعات المنتمية إلى الفولكلور , وفي رأي البعض أن أهم منطقة يلتقي فيها الفولكلور والميثولوجيا هي السير الشعبية .
أما الخطوات الرئيسة في عملية تحول الأسطورة إلى حكاية شعبية أو خرافية أو فولكلوريا فهي :
حذف العناصر الطقسية المقدسة , وأضعاف الاعتقاد التام بصدق الأحداث الميثولوجية , وإنماء الابتكار الواعي , وفقدان التماسك الانثنوجرافي , واستبدال أناس عاديين بأبطال أسطوريين , واستبدال زمن الحكاية الخارقة غير المحدود بعصر الأسطورة , وأضعاف أو محو علاقة السببية وتحويل الانتباه من المصائر الجماعية إلى المصائر الفردية , ومن مصير الكون إلى مصير المجتمع . وهذه العملية يصاحبها ظهور عدد من الأفكار الرئيسية الجديدة ……
حسن مهدي الوزني
شاعر وكاتب عراقي