منوعات …..
راوية وادي – كندا …
الكذبُ لا يليقُ بك فعيناك تنكران ما تتفوهُ به شفتيك، و إن ادعيت الهدوءَ و السكينةَ. فأصابعُ يدكَ المرتجفةُ التي تعزفُ سمفونيةَ الصبرِ المتبقي لديك على ركبتك التي كبلت قدمكَ الأخرى تمنعها من القفزِ من شدةِ الغضب. لا تدعي أنك الهاديء الرائق، و عيناك تنفثان لهبهما كفوهتي بركان، تنذران بقربِ الثوران و تمنحكُ الفرصةَ الأخيرةَ للهروبِ قبل المحو و الزوال.
لا تدعي الحضارةَ و الرقي فليست شهاداتكَ المبروزةِ المعلقةِ على الجدرانِ … بالمعلقاتِ السبعِ على جدرانِ الكعبة، و ليست نصائحكَ و نظرياتك بالقانونِ المشرع. فهم لا يملكون بلاغةِ حديثكَ … ليترجموا ما تقول، و لكن لديهم حروفاً ملونةً، و كلاماً ليس بنثرٍ و لا شعرِ و آلاماً و مشاعرَ بعددِ الأيامِ بحلوها و مرها، قد تعجبكَ و قد لا تفعلْ … و ما دمتَ أردتَ أنْ تُسْمعَ … فوجبَ أن تسمعَ لهم، و ما تطلبُ لنفسكَ فلهم الحقَ أن يطلبوا.
لا تدعي الحلمَ، و نبالُ تعليقاتكَ تخترقُ منهم الصدورَ، و تغلقُ دون قلوبهمُ في وجهكَ الأبوابَ، و تحيلهمُ في لحظةٍ أقزاماً، و قد سَكَنّتَ دونهم العلياء، و تجعلُ رضاكَ، و الوصولَ إليك ضرباً من المستحيل. اترك أبراجكَ العاليةِ، و انزل المنحدراتِ التي بنيتها، و لا تعجبْ إن قابلوك في منتصفِ الطريقِ … فأنت النورُ الذي إن انطفأ … ضلوا كلهمُ الطريق.
لا تدعي أنكَ تحبهمُ، حينَ تطلبُ منهم بذلَ الرخيصِ و الغالي …. صحتهم و العمر و الليالي، و أنْ تكونَ قمةَ ما يشغلُ الفكرَ، و تمنُ عليهم بكلمةٍ طيبةٍ، و ساعةٍ من وقتكَ الثمين. لا تسألهم أن يكونوا كبشَ الفداءِ، و أضحيةَ العيدِ .. ليسعد قلبك بنشوة الغرورِ، و لتبقى بوصلةَ حياتهم ….ثم تتناسى في غمرةِ انشغالك … أسمائهمُ، و تنكرُ العمرَ الذي مضى، و هم يدورون في فلككَ، و تتركهم كالكواكبِ التي انفصلت عن مدارها … و تاهت في الفضاءِ اللمتناهي.
الكذبُ لا يليقُ بكَ .. و يعرفون أنك تكذبُ … و لكنَ حبكَ … علمهمُ الجبنَ و رغبتهمُ في رضاكَ … ألغتْ منهم الفكرَ … لا تكذب … لأنهم أوشكوا على الاستسلام.