سياسة واخبار (:::)
د. فايز رشيد – فلسطين المحتلة (:::)
بداية, من الضروري التوضيح : أنني لم ولا ولن أحاور إسرائيليين وأدخل دائرة التطبيع ! لذا أعتذر في كثير من الأحوال عن المشاركة في برامج فضائيات تدعو صهاينة كطرف آخر ! ولطالما اعتذرت عن نقاشات تمت دعوتي إليها وكان فيها مينشيه نفسه!أحاور فقط ضيوفا من أهلنا الفلسطينيين في المنطقة المحتلة عام 48 , والمرة الوحيدة التي شاركت فيها في حوار أحدهم ..كانت في “الاتجاه المعاكس” عام2004.مناسبة القول : طريقة تناول شاؤول مينيشيه لمقالتي المنشورة بعنوان (أمراض عربية..إعلامنا التقليدي وإعلامهم.. القدس العربي 22 يناير 2015). المعني متفق معي في انتقاداتي وملاحظاتي على الإعلام العربي! لكنه يهجم عليّ بشراسة وحقد صهيوني أسود, من خلال موقع “إسرائيل تتكلم العربية “!. الغريب أن الموقع منتشر كثيرا ,فمثلا 400 تعليق كُتبت في الرد على مينيشه. للعلم: نبّهني أحد الأصدقاء للقصة برمتها.فاضطررت للبحث عن الموقع.
شاؤول مينيشيه صاحب القبضتين الحديديتين اللتين يغطيهما بقفازين حريرين ناعمي الملمس ولسان يحاول التحدث بلغة “السلام” ولكن أي سلام!؟مينشيه يعتبر المقاتلين الفلسطينيين الذين يدافعون ضد الاحتلال: “مخربين ” و “إرهابيين” ! هو يتهم القادة الفلسطينيين بـ “الحقد الأسود” والـ ” الكراهية” للإنسانية! هو يطالب العرب “بالكف عن نكران المحرقة” ويطالب “حماس” بإلغاء البند السابع من ميثاقها! لم يدن جرائم دولته في غزة! ولم يتفوه بكلمة واحدة عن النازية الصهيونية وحرق المتوحشين الصهاينة من غلاة المستوطنين للطفل الفلسطين محمد أبوخضير حيّا, بعد إسقائه البنزين! المعني هاجم قناة “الجزيرة” لأنها كانت تعنون برامجها أثناء العدوان الفاشي الصهيوني الأخير على قطاع غزة بعنوان “غزة تقاوم ” وبعد الهدنة بـ “غزة انتصرت “! هو يعتبر أن الكيان انتصر في عدوانه على “الإرهابيين” في غزة! هو يعتبر التدخل الأمريكي في العالم العربي واحتلال العراق: شأنا حضاريا تقدميا ! لم ير مناظر الجنود الأمريكيين وتصرفهم مع معتقي العراق(تماما مثل سادية الكيان..فالمعلم واحد!) في سجن “أبو غريب”..وعلى هذا النمط قس!. هو ينكر العنصرية الصهيونية.. وأردّ: والإثيوبيون اليهود الذين قاموا بانتفاضة قريبة في الكيان وتم إتلاف دمائهم التي كانوا قد تبرعوا بها لبنك الدم.. قالوا: ربما لاحتوائهاعلى فيروسات الإيدز! وكأن التحاليل لا تستطيع كشف ذلك ! بينما الحقيقة.. أنها ولأنها من سود أفارقة قاموا بإتلافها!! ثم التفرقة بين اليهود الشرقيين والغربيين والتفرقة ضد العرب! المجال لا يتسع في مقالة قصيرة لكتابة المصادر الإسرائيلية الكثيرة التي تتناول هذه القضايا. يتحدث المعني عن هراء أن 70% من الإسرائيليين يريدون السلام ! للعلم نسبة الاستيطان في عام 2014 زادت 40% ,ثم نتائج الانتخابات الأخيرة وفوز التطرف في الكيان وزيادة انتشاره أفقيا وعموديا في الثلاثين سنة الأخيرة! ألم يقرأ تصريحات نتنياهو وليبرمان ونفتالي بينيت وغيرهم! أهؤلاء يريدون سلاما؟! لقد اعتبرت غالبية دول العالم الصهيونية “حركة عنصرية “وشكلا من أشكال التمييز العنصري! ومعروفة هي ظروف إلغاء القرار!. لقد اعتادت الحركة الصهيونية، ومن ثم تعبيرها المادي: إسرائيل فيما بعد… على اختلاق الأحداث والأساطير من تلك التي تظل ترددها على طريقة إكذب، إكذب، ثم إكذب… حتى يصدقك الناس، “فالأرض بلا شعب”، تصلح، “لشعب بلا أرض”، وبخاصة أن هذا الشعب هو “شعب الله المختار”… وإلى غير ذلك من الأضاليل.كما اعتادت أيضاً، إن امتلكت جزءً صغيراً من حقيقة عامة وشاملة، أن تعمل على تسييد هذا الجزء على كل العناصر الأخرى من الحقيقة العامة، بحيث يطغى عليها، ولا يظل سوى ذلك الجزء ,تُقوْلبه أيضاً في هالة من الأضاليل والأساطير، التي يُمنع الاقتراب منها مثل المناطق العسكرية التي يُحذر فيها المشي والتصوير!
المثقف – مطلق مثقف – عندما يود تناول حدثٍ ما تعليقاً أو كتابةً، عليه أن لا يتأثر بالجغرافيا السياسية حيث يجري هذا الحدث، أو حيث هو، انطلاقاً من التبعات المترتبة على ذلك التعليق أو تلك الكتابة، على شخصه، فالأفضل له والحالة هذه أن لا يكتب عمّا سوف يمسّه بالضرر، وأن يختار محوراً آخر… إلاّ إذا كان يؤمن فيما يقول، رغم البديهيات والحقائق التي تعاكس وجهة نظره. لكن، في النهاية فإن كل وجهات النظر تخضع للنقاش… لأن نقل الثقافة من عالم الأفكار واهتمامات ذوي الاختصاص إلى عالم الصراع الاجتماعي… هو الذي يعيد صياغة المثقف، وذلك وفقاً لـ غرامشي.
الصهيونية وإسرائيل… كما هو الحال في فرنسا وسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة اشتقت قانون (غيسو) حيث يحاكم كل من يتناول موضوع (الهولوكوست ) ليس من خلال إنكار المذبحة(المحرقة)وإنما مناقشة الرواية الصهيونية عنها ! هم,لا يريدون نقاشاً لمسألة تعتبرها الحركة الصهيونية من الحقائق والمسلّمات الأكيدة… وعلى هذا الأساس يجري التعتيم وملاحقة مؤرخين مثل: بيير، وروجيه غارودي وغيرهما، ويتم الحكم على عالم بحثي كبير مثل ديفيد ايرفنج المؤرخ البريطاني، بالسجن (3) سنوات. هؤلاء يعاقبون ليس لكونهم يشككون في النازية وفي المحرقة وعذابات اليهود، ولكن لأنهم يخضعون ما تدّعيه الصهيونية حول إحراق ستة ملايين يهودي في المحرقة، للبحث والتمحيص. الصهيونية تحاول أن تُبقي هذا الموضوع الإبتزازي قائماً، من أجل المزيد من الإبتزاز لأوروبا والعالم وباعتبار هذه المحرقة سبباً ومسوّغاً قانونياً لاحتلال كل فلسطين وطرد أهلها وإنشاء دولة إسرائيل ,ومن أجل تبرير سياسة الإبادة الجماعية للفلسطينيين التي يمارسها الكيان … إلى الحد الذي حدا بمفكر أمريكي يهودي إلى إطلاق تعبير على هذا الابتزاز وتسميته بـ (الصناعة) في كتابه القيم (صناعة الهولوكوست للمؤلف – نورمان فلنكشتاين).
وإذا كانت بعض النصوص الدينية للديانات، وما أنزله الله سبحانه وتعالى على رسله، قابلة للبحث، والتفسير على أكثر من معنى، وهي خاضعة للاجتهاد البشري، ومن أجل ذلك يتم عقد المؤتمرات الدينية لها… فكيف يجري تحريم البحث في مسألة من صنع بشر، وكان ضحاياها أيضاً من البشر؟ .يعتقد البعض أن الفكر النازي قد وضع نصب أعينه تخليص أوروبا من اليهود، وبالتالي تحريرها من يهوديتها، أي من رأس المال البنكي مقابل رأس المال الصناعي… هذا الاستخلاص ليس صحيحاً، لأن:
السمة البارزة التي كانت لأوروبا في نهاية القرن التاسع عشر، هي تحول العلاقات الاقتصادية من مرحلة الإقطاع إلى الرأسمالية، وعلى جانب مرحلة التحول هذه جرى طرح المسألة القومية في أوروبا بوتائر عالية. الصهيونية استغلت هذه الظروف لطرح المسألة “القومية اليهودية”، وبدأت في نسج التحالف مع الرأسمال الصناعي الأوروبي، ومحاولة السيطرة على الرأسمال البنكي، وبذلك من الصعوبة بمكان الفصل ما بين المسألتين، فمن جهة لم يكن صدفة أن ينعقد المؤتمر الصهيوني الأول في هذه المرحلة بالذات، وليس من الصدفة أيضاً أن تعقد الحركة الصهيونية تحالفاً مع القوى الاستعمارية في اتفاق كامبل – بنرمان عام 1907,والذي استهدف تمزيق أوصال الوطن العربي، ووضع المقدمة لإقامة إسرائيل. فيما بعد وبعد أن عقدت الصهيونية مع النازية اتفاقيتين الأولى (اتفاقية الترانسفير) في عام 1933 من أجل تسهيل هجرة يهود ألمانيا إلى فلسطين، وبموجبها وخلال السنوات 1933 – 1938 تم ضخ (40) مليون دولار بوساطة البنك الإنجليزي الفلسطيني إلى فلسطين، وكانت هذه، الأساس، لإنشاء الاقتصاد الإسرائيلي(الكتاب الأبيض، دار التقدم، موسكو، 1985، ص 125.) وكانت اتفاقية أخرى أبشع في عام 1934!. المحرقة وما ترويه الحركة الصهيونية.. ما تزالا موضوعين خلافييين للأسباب الآتية:لقد اعتمدت محكمة نورمبرغ رقم ستة ملايين يهودي من الضحايا رسمياً، استناداً إلى شاهدين فقط، هما، هوتل ولويزليسني، وهما ضابطان نازيان، وهذا لا يكفي، كما أنه لم يتم العثور على أية وثيقة ممهورة بتوقيع هتلر أو أحد الزعماء النازيين تقضي بإبادة اليهود (نفس المصدر السابق). من الأسباب أيضاً: وأنه نتيجة لزيارات قام بها خبراء كثيرون لتلك الأماكن، التي يجري الإدعاء بأنها كانت محارق، كلها أجمعت على: أنه من المستحيل أن تتسع المحارق لتلك الأعداد الهائلة من الأشخاص، وعلى افتراض أنها استخدمت فعلياً، لكانت قد احتاجت إلى عشرات السنين من أجل إتمام عملية الحرق. أما بالنسبة للغاز الذي جرى استعماله في الحرق، وهو السيانيد، فهو غال التكاليف ويحتاج إلى احتراس شديد في استخدامه ممن يستعمله( أنّا فريدمان، الضحايا الآخرون، دار النهضة، دمشق، 2005، ص 39.).المقصود… أن المحرقة وإن حدثت، فقد جرى تعظيمها كثيراً جداً من قبل الحركة الصهيونية، فكل شعوب أوروبا والكثير من شعوب العالم عانت من النازية، وكانت حصيلة الحرب العالمية (80) مليوناً من البشر.. فلماذا يتم التركيز فقط على معاناة اليهود؟ليروا خاتين في بيلوروسيا(على سبيل المثال لا الحصر!).
أنا أحس (ولأني بشكل خاص فلسطيني أُذبح وشعبي يوميا على أيدي القتلة من الفاشيين والنازيين الصهاينة!) مع كل معاناة إنسانية بما في ذلك معاناة اليهود ,والمفترض فيهم أن لا يكرروا مآسيهم في ذبحهم للفلسطينيين والعرب.من قبل:أنكرت غولدة مائير وجود شعب فلسطيني وقالت:” الكبار يموتون.. والصغار ينسون”! خسئت!. قال رابين”أتمنى أن أصحو ويكون البحر قد ابتلع غزة”!مات وما زالت غزة تقاوم. هذا ما قاله “اللطفاء الصهاينة” أما ما يقوله الحاقدون من المتطرفين والأشد تطرفا..فأحيله إلى مينشيه ليعيد قراءته.شاؤول مينشيه:أقول ما قاله محمود درويش فيكم: اخرجوا من أرضنا ..من بحرنا ..من ملحنا ..من جرحنا ..من مفردات الذاكرة! فلقد أخذتم حصتكم من دمنا.. من لحمنا.. أيها المارون بين الكلمات العابرة…آن لكم أن تنصرفوا!.