فلسطين (:::)
طلال قديح* – كاتب فلسطيني من السعودية (::::)
هي – بحق، وبكل المعايير والمقاييس- ورغم فداحة المصاب وقسوته- أمٌ أذهلت العالم كله بشجاعتها ورباطة جأشها، عضت على الجراح، وغالبت عاطفة الأمومة، وحب الولد ، إيماناً منها أن كل التضحيات تهون لأجل الأقصى وفلسطين.
لله درك يا أم سعد، يا خنساء فلسطين، وأنت تودعين فلذة كبدك سعدا وحفيدك عليا ، بعاطفة تتسامى على كل العواطف، وإيمان راسخ لا تزلزله العواصف.
كان دمعك المدرار، صرخة مجلجلة في وجه العدو الغدار وسيظل ناراً متأججة تحرقه ليل نهار، فلا يقر له قرار ولا يهدأ له بال.
كم كنت عظيمة، وأنت تغالبين الدموع ، فينطق لسانك – بشموخ وعزة وإيمان: حسبنا الله ونعم الوكيل..والحمد لله رب العالمين. راضية بقضاء الله وقدره ، مما يعزز صبرك ويقوي إيمانك لتبقي مثالا يحتذى لكل الأمهات العربيات.
وفي دوما قضاء الخليل، هُرعت الجماهيرالحاشدة من كل أرجاء فلسطين، تتحدى المحتلين لتشيع الشهيد سعد دوابشه ليلحق بابنه علي الذي سبقه إلى الشهادة منذ أيام قليلة. اكتظت الطرقات بالمشيعين من كل الفئات وتعالت الهتافات منددة بمسلسل الاعتداءات والجرائم التي أدمن اقترافها قطعان المستوطنين الذين يعيثون فسادا وإفسادا، يحرقون ويقتلون ويدمرون، على مرأى ومسمع العالم كله، بينما تبرر لهم إسرائيل جرائمهم فتدافع عنهم في المنابر الدولية وتتصدى لكل من يعاديهم، يشجعها الصمت الدولي، ومساندة الغرب الظالم.
فما كان لإسرائيل أن تمضي قدما في اعتداءاتها المتكررة، وجرائمها المتعددة، لو جوبهت بمن يصرخ في وجهها: كفى..كفى. ولو كفّ الغرب الظالم عن تأييدها بالمال والسلاح والتبرير والتأييد.
إن الجريمة النكراء التي ارتكبتها إسرائيل ،فحرقت أسرة بكاملها وهي في بيتها، كافية لأن تحاكم بسببها، أمام محكمة الجنايات الدولية ، لينال مقترفوها العقاب الرادع فيكونوا عبرة لغيرهم.
لم يعد هناك مجال لشريعة الغاب، وقد أصبح كل شيء تحت أضواء الإعلام، موثقا بالصوت والصورة يراه العالم كله..ولا مجال هنا للتهرب والنكران.
آن الأوان أن يُضرب بيد من حديد، وبلا رحمة، على أيدي كل الطغاة، وينالوا العقاب الرادع فيكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على المدنيين الآمنين.
يا أم سعد: أنت أم كل الأحرار المناضلين، وفخر لكل أبناء فلسطين، ومن حقك علينا ، أن ننحني لك تقديرا واحتراما، تعظيما وإجلالا، فقد ضحيت أعظم التضحيات وجدت بأغلى ما تجود به الأمهات.
ثقوا بالله، أن أمة هؤلاء حرائرها الماجدات، سوف تبقى شامخةً قويةً، عزيزةً أبيةً، معطاءً ولوداً، مهما كانت التحديات.
اللهم ثبّت قلبها ، وعظّم أجرها، وأحسن عزاءها، وأجرها في مصابها، وكن عونا لها في كل حال..اللهم آمين..آمين.