أمر ترامب التنفيذي.. تهديد وجودي! – بقلم : جيمس زغبي

آراء حرة ….
بقلم : جيمس زغبي – واشنطن ….
أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي أمراً تنفيذياً معدّلاً يُقيّد الهجرة من ست دول ذات أغلبية مسلمة، ويُقلص برنامج اللجوء الأميركي بأكثر من النصف. وهذه النسخة تشمل بعض التغييرات المهمة، فقد تمت صياغتها بمهارة أكبر، ورفعت العراق من قائمة الدول التي يشملها الحظر، وتعفي حاملي البطاقات الخضراء والتأشيرات السارية. وعلى رغم ذلك، تظل النسخة الجديدة اعتداءً خاطئاً وخطيراً وقاسياً وعشوائياً ومتعصباً على المسلمين، وعلى جوهر الفكرة الأميركية باعتبار مجتمعنا مجتمعاً منفتحاً ومُرحّباً.
ويرتكز الأمر التنفيذي على افتراض خاطئ بأنه مخصص لحماية الأميركيين من الإرهابيين الأجانب. وثمة حجج بهذا المعنى لتعزيز الأمر التنفيذي استخدمها ثلاثة وزراء أميركيين، دافعوا عن الأمر بعد صدوره. وعلى سبيل المثال، زعم المدعي العام «سيشنز»، بعد أن استشهد بالقضية الوحيدة التي أدين فيها مواطن من أصل صومالي حصل على الجنسية الأميركية، بالتخطيط لهجوم إرهابي في عام 2014، بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» يحقق في الوقت الراهن مع 300 لاجئ بسبب أنشطة إرهابية محتملة (وهو اتهام مدرج في الأمر التنفيذي).
وقضية «الأميركي الصومالي» هي المثال الوحيد المعروف، حيث سعى لاجئ سابق من إحدى الدول الست إلى الانخراط في أعمال عنف. وفي ضوء ولع الإدارة الجديدة بـ«الحقائق البديلة»، لابد من التعامل مع مسألة «خضوع 300 شخص للتحقيق» التي تم الإتيان على ذكرها للمرة الأولى، باعتبارها غير حقيقية إلى أن يتم التحقق منها بصورة مستقلة. وفي الواقع، قبل أيام قليلة من إصدار «الأمر التنفيذي»، أصدرت وزارة «الأمن الداخلي» الأميركية دراسة توصلت إلى أن المهاجرين، بشكل عام، لا يمثلون تهديداً أمنياً لأن معظم الجرائم الإرهابية المسجلة ارتكبها أفراد جنحوا إلى التطرف بعد أن عاشوا في الولايات المتحدة، وأن «الدول الأم من المستبعد أن تكون، بأي حال، مؤشراً موثوقاً على نشاط إرهابي محتمل».
وعلى رغم أن المهاجرين واللاجئين من الدول الست المشمولة في الحظر ليسوا مسؤولين عن الإرهاب في الولايات المتحدة، فإن ذلك لم يمنع المتحدثين باسم الإدارة من استخدامهم ككبش فداء لتبرير سياساتهم المقترحة. و«الأمر» في حد ذاته يهدف إلى استغلال المسلمين كـ«فزاعة» من أجل كسب التأييد لجهود ترامب الرامية إلى تعديل برنامج «الهجرة واللجوء» بأسره. ومثل «فزاعة» (المغتصبين وتجار المخدرات المكسيكيين) التي تم استخدامها لتبرير «الجدار» وعمليات الترحيل الجماعي المخطط لها، يتم استغلال «الإرهابيين المسلمين» لتمرير عملية تدمير «برنامج اللجوء» وتقييد قبول «غير المرغوب فيهم» من شمال أفريقيا، وجنوب غرب وجنوب آسيا.
وقد ادعى البعض أن ذلك دليل على أن الرئيس ترامب صدق وعده بفرض «حظر عام على المسلمين». وربما يكون ذلك حقيقياً تماماً، ولاسيما أن الأمر التنفيذي ينص على أنه قد تتم إضافة دول أخرى في المستقبل، بينما أشار المتحدث باسم الإدارة بأنه ربما يُضاف إلى القائمة 13 أو 14 دولة أخرى قريباً.
وإضافة إلى ذلك، يتضمن الأمر التنفيذي اختباراً إيديولوجياً لم يتم تحديد ماهيته بعد، من أجل دخول الولايات المتحدة. ويمكن للعرب، من بين المواطنين الأميركيين، الذين خضعوا لمثل ذلك التحقيق على يد «مسؤولي حماية الحدود»، أن يشهدوا على مدى الإهانة والتعسف الذي يمكن أن تنطوي عليه تلك الإجراءات.
وقد تمت من قبل مصادرة أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المتحركة وتفريغ محتوياتها، وتم توجيه أسئلة للأفراد لمعرفة آرائهم في حرب العراق، ومدى تأييدهم لإسرائيل، وآرائهم بشأن الرئيس الأميركي، ومعتقداتهم الدينية. وهذه طريقة مؤكدة للتمييز ضد مجموعة بعينها من الناس. ولا يقل «الحظر المؤقت» والآليات التي سيتم وضعها لإقصاء مزيد من الأفراد خبثاً عن تعليق برنامج اللجوء والتهديد بتقليص كبير في أعداد اللاجئين الذين يتم السماح لهم بدخول الولايات المتحدة من جميع الدول.
ومنذ الأيام الأولى في حملته الرئاسية، عندما حذر «المرشح ترامب» للمرة الأولى من مخاطر المهاجرين، قائلاً: «إننا لا نعرف من هم هؤلاء الناس»، ردت منظمات إعادة توطين اللاجئين بقوة، وقدمت أدلة تظهر «دقة وإتقان» عملية التدقيق في طلبات اللاجئين. والإجراءات المستخدمة في الوقت الراهن لفحص طلبات اللاجئين صارمة بصورة استثنائية، وتستغرق أكثر من عامين لإنجازها. ولكن من خلال الافتئات على الخوف من المسلمين، يصر ترامب على أكذوبة أنه لا يتم التدقيق في طلبات اللاجئين. وأمره التنفيذي يرسخ فكرة أن الإدارة بعد أن علقت قبول اللاجئين لـ120 يوماً، ستقلص في نهاية المطاف عدد من يتم دخولهم إلى الولايات المتحدة من 110 آلاف إلى 50 ألف لاجئ. وهو أمر غير مقبول