أسرَّ لي الهُدهُد -قصة : سفيان الجنيدي

ا لقصة …
أسرَّ لي الهُدهُد -قصة : سفيان الجنيدي
لم يُلقوا بالاً لكلمات روح الله “عيسى” ، رموه بحجارتهم و انتظروه ان يموت. نجا صدفةً او ربما شغفه للحياة كان اقوى من ميراث جدهم الاول، ربما !
حاول مراراً، لكنه، الان، لم يعد مكترثاً في البحث عن الأسباب التي تجعلهم يصرون على رشقه بحجارتهم و تشويه ظله و الغاء اسمه من بطاقة المؤونة. كل ما يشغله، حقله المسكون بممثلين بأسماء مستعارة، أولئك الذين جاءوا من أراضٍ بعيدة لكي يجسدوا الأسطورة العتيقة و تركوا باب التأويل مشرعاً لما قد يفعلون في فصولها الأخيرة. حكايات اجداده، و مفاتيح اكثر ثباتاً من حاضره، لابواب لم تعد موجودة ، لكنها، في ذاكراتهم، في حاضره و في فؤاد ابنه الراقد الى الان بسلام في احشاء امه ، ما زالت محفورة. اقدار تجعل ليله يلتهم نهاره، و نهاره مرآة مشتتة بين حجارة اشقائه و صورة حقله المعلق على وتد خيمة لم تشهد مغامرته الأولى مع الحياة.
ذات صباح استيقظ ، وديعاً ،على غير عادته، اضرم النار في الكتب الصفراء العتيقة. هشّم استعارة الوطن المعلق على وتد الخيمة. رمى مفاتيح الظل في نهر التاريخ. ذهب بعيداً عن اشقائه و استقر على تلةٍ متاخمةٍ لحقله وعاد سيرته الأولى.
في مشهد الوداع، أخبرها ما أسر الهُدهد له من خطبته الاخيرة في حضرة سليمان :
هناك ، في الحقل موعدنا،حين تحاصرهم حجارتهم و يندثر الغرباء في فصل الأسطورة الأخير و نعيد كتابة التاريخ كما وجب ان يكون.
نادته قبل ان يتلاشى في الغياب و يسكن بسلام ،مثل كل اسلافه، في الوطن الذاكرة ، التفتَ مبتسماً و قال : لا تخشِ على مزيجنا الاجمل، سينعم بالحقل بلا اخوانٍ يكيدون له و سيؤوب كل غريب إلى حيث اتى.
استيقضت من النوم على حجارتهم تدك الباب ، تملكها الخوف، كادت ان تستسلم و تسلم جسدها لحجارتهم.
لم تنجُ صدفةً، لا. بل لان شغفها للحياة كان اقوى من قابيل المسكون فيهم.
هَدَأَ روعها . هيأت جفنيها ، مرة أخرى، مرقداً لعينيها و
أسلمتهما للنوم و هي تردد :
لا ريب ، كل غريب آيب إلى حيث أتى.
لا ريب، كل غريب آيب ………..