أراء حرة ….
بقلم : نواف الزرو – كاتب مبدع من الاردن ..
بينما يغرق بعض العرب-الرسميون- وينخرطون بالوكالة في الحروب الامريكية-الصهيونية ضد الامة العربية ومشروعها الحضاري التحرري، وفي ظل المشهد العربي الخراب، فان الكيان الصهيوني لا يتوقف عن العمل من أجل نحت الرواية الصهيونية المزعومة في كافة الاماكن العربية الفلسطينية، ولعل اخطر ما يجري في هذا السياق، هي تلك الاقتحامات اليومية التي يقوم بها الارهابيون المستعمرون اليهود يوميا لمدينة القدس وللمقدسات فيها –الحرم الشريف ، وكذلك تلك الاقتحامات الشرسة للحرم الابراهيمي الشريف وللبلدة القديمة هناك، والتي يتصدى لها ويحبطها المقدسيون وابناء الخليل، وهذه الاقتحامات تأتي على شكل موجات متلاحقة مبيتة مع سبق التخطيط طبعا، وهي انها ليست مجرد اقتحامات واعتداءات ارهابية على المقدسات، ففي المشهد الفلسطيني حروب صهيونية مفتوحة للاجهاز على الارض والتاريخ والحضارة والتراث وكل المعالم التراثية التي تحكي حكايات الوجود والحضور العربي في هذه البلاد-فلسطين-، حروب صهيونية مفتوحة لاختراع رواية وهوية وحضارة صهيونية مزيفة على انقاض روايتنا وهويتنا وحضارتنا العربية الاسلامية.
وان كان نتنياهو شن على مدى سنوات حكمه حربا تراثية حضارية صريحة ..من الاقصى وكنيسة القيامة وكل الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في القدس..الى الحرم الابراهيمي في خليل الرحمن..الى مسجد بلال –قبة راحيل- في بيت لحم..الى قبر يوسف في نابلس، ..الى خطة العمل من اجل تهويد نحو 30 الف معلم تراثي يهودي مزعزوم، مع التركيز دائما وابدا على المدينة المقدسة باعتبارها”مدينة الآباء والاجداد” لهم، ثم الى مطالبة الفلسطينيين والعرب بالاعتراف ب”اسرائيل دولة للشعب اليهودي”، فان ذلك ليس صدفة او يقظة صهيونية متأخرة او مفصولا عن تاريخهم وتراثهم العدواني على هذا الصعيد.
فلا يمكننا ان نفهم هذا الذي يجري على ارض فلسطين والمدينة المقدسة ومدينة خليل الرحمن من هجمات استيطانية تهويدية هستيرية الا في سياق الاستراتيجيات والايديولوجيات الصهيونية التي تسعى في الآونة الاخيرة لان تعطي غطاءا توراتيا لكافة الاجراءات الجارية على الارض.
وكل ذلك يجري بغطاء عربي أعرابي مباشر أو غير مباشر، فمجرد الفرجة العربية الصامتة انما هي مشاركة في الجريمة الصهيونية.
فلم يحصل ان شاهدنا في تاريخ الصراع مع المشروع الصهيوني مثل هذا الاستنفار الاسرائيلي وراء مطالبة الفلسطينيين والعرب بالاعتراف ب”يهودية اسرائيل”، ولم يحصل ان كانت احوال العرب متفككة ضعيفة عاجزة في مواجهة مثل هذا الهجوم الاستراتيجي الاسرائيلي على فلسطين كما هي في هذه الايام.
لنجد انفسنا فلسطينيين وعربا في مواجهة هجوم صهيوني واسع النطاق لا يرحم، يهدف الى اختطاف فلسطين قضية وتاريخا ورواية الى الابد، ما يستدعي ان ينتفض العرب على الواقع الصعب، ليعيدوا حساباتهم وترتيب اولوياتهم في مواجهة ذلك الهجوم الاسرائيلي الصريح، فالغائب المغيب الاكبر في هذا المشهد هو الدور والفعل والارادة العربية…؟!
تحتاج فلسطين والامة الى استنهاض عاجل للمشروع العربي الحضاري النهضوي الوحدوي التحرري الذي كان حمله ووطنه في الوعي القومي العربي الراحل الخالد جمال عبد الناصر…!
فهل نرى يا ترى فجرا عربيا جديدا….؟!
في مسالة اليقظة العربية كتب الكاتب العربي الكبير محمد الماغوط في عام 1978 نقلا عن مقالة للدكتورة أنيسة فخرو- يقول:” كيف أوقظ الأمة العربية من سباتها؟ ، كيف أُقنع الأمة أن أحلام إسرائيل أطول من حدودها؟، فهي لو أُعطيت اليوم جنوب لبنان طوعا لطالبت بشماله لحماية أمنها في الجنوب، ولو أُعطيت كل لبنان لطالبت بتركيا لحماية أمنها في لبنان، ولو أُعطيت تركيا لطالبت ببلغاريا لحماية أمنها في تركيا، ولو أُعطيت كل أوروبا الشرقية لطالبت بأوروبا الغربية لحماية أمنها، ولو أُعطيت القطب الشمالي لطالبت بالقطب الجنوبي لحماية أمنها في القطب الشمالي!”.
يختم الماغوط كلماته قائلا: “كيف أثير نخوة الأمة وغضبها ومخاوفها؟، هل أضع على وجهي قناعا يظهر سنتي (بيغن) الأماميتين المشؤمتين، وأضع عصابة سوداء على عيني مثل (موشي دايان) وأرعب الأطفال في الليل؟، هل أعرض في الساحات صورا شعاعية لما يعتمر في صدور شارون وبيريز من حقد وضغينة على هذه الأمة وما يبيتون لها ولشعوبها من قهر وذل وجوع ودمار؟”.
فهل يستيقظ العرب العروبيون يا ترى في مواجهة المشروع الصهيوني السرطاني الذي يستهدف الامة من اقصاها الى اقصاها….؟!
ما زلنا نتمسك بالأمل بأن فجرا عربيا نهضويا تحرريا آت….؟!
Nzaro22@hotmail.com