هل مؤتمر النقب مجرد تحشيد لمصلحة تل أبيب أم تحالف لحفظ أمن الخليج. – قلم : بكر السباتين

أراء حرة ….
بقلم : : بكر البسباتين – الاردن – فلسطين ..
لنضع النقاط على الحروف.. ف”إسرائيل” لا تفتي بما يضر بمصالحها العليا وخاصة أمنها القومي ولا تسخر قواتها لحماية الآخرين ضمن مفهوم “المرتزقة” لتقدم تل أبيب الجهد وتتكبد الخسائر مقابل ثمن لا يساوي قيمة الإنسان عندها! لذلك فإنه ولتفادي الخسائر المادية على الأرض أثناء مواجهتها للخصوم الأقوياء؛ فإنها تقوم بنقل المعارك إلى أرض الغير بالاتفاق مع حلفائها اللوجستيين الذين يسعون لحماية أمنهم القومي فيبرمون معها اتفاقيات منقوصة الأهداف، ليقدموا بموجب ذلك المال وميدان المعركة المحتملة والمشاركة في المواجهات أو تلقي الدعم الإسرائيلي بالسلاح المتفوق مثل القبة الحديدية وغيرها مقابل ثمن باهظ تقبضه “إسرائيل” ولو في إطار اتفاقيات غير مفعلة ميدانياً وسقوطها في عدة اختبارات مفاجئة كما سنرى لاحقاً في سياق هذا المقال. بعد أن أسقطت المقاومة المدعومة من إيران أكذوبة الجيش الذي لا يقهر، وأفشلت أسلحته الرادعة كالقبة الحديدية، فتحولت هذه الدولة التي تعتبر نفسها فوق القانون إلى وكيل أمني لأمريكا يسوق نفسه كضامن لأمن حلفائها التقليديين.. وبالتالي ترتيب الشرق الأوسط تحت مظلة الحماية الإسرائيلية وتهميش جامعة الدول العربية التي استنفذت دورها الوظيفي وباتت عبئاً سياسياً لا فائدة ترجى منها.. لا بل إن “إسرائيل” ذهبت إلى أكثر من ذلك حينما انقلب الرئيس الأمريكي جو بايدن على مشاريع الرئيس السابق ترامب في المنطقة مهملاً مصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي فيما يتعلق بدعم الاتفاقية الإبراهيمية وتنفيذ صفقة القرن التي جمدت بانتظار من يوقظها من جديد، وإلى ذلك الحين فكان بوسع تل أبيب مشاغلة الرئيس الحالي بحراك إقليمي يضم الحلفاء الجدد ل”إسرائيل” مخالفاً بذلك سياسة بايدن فيما يتعلق بإيران وجاهزيته التامة لتوقيع الاتفاق النووي في النمسا ورفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب وبالتالي إفراغ عروض تل أبيب الضامنة للأمن الخليجي من محتواها كونها موجهة في الأصل ضد العدو البديل المتمثل بإيران.
وهذا يفسر عقد قمّة النّقب السداسيّة المشبوهة برئاسة يائير لابيد وزير خارجية دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تمارس الإرهاب بحق الفلسطينيين في الداخل، وحُضور ” أنتوني بلينكن وزير خارجيّة أمريكا وأربعة وزراء عرب من المطبعين المتحالفين مع تل أبيب (مِصر، الإمارات، البحرين، والمغرب) والإعلان عن تأسيس ما بات يعرف ب “الشرق الأوسط الجديد” على رفاة جامعة الدول العربية بزعامة ما يسمى “إسرائيل” ضمن الاستراتيجية العربية لحفظ الأمن القومي العربي بغية تأسيس ناتو إقليمي عربي إسرائيلي ضد إيران الحاضنة للمقاومة في فلسطين ولبنان، ناهيك عن أنصار الله في اليمن، تلك الجماعة التي تهدد الخاصرة السعودية وتقصف أرامكو في العمق السعودي بالصواريخ والمسيرات الإيرانية المصنعة محلياً بذريعة التصدي ل”لعدوان السعودي” وفق وصفها.
وقد تحركت “إسرائيل” لعقد هذه القمة الطارئة عقب قيام إيران بقصف أكبر مركز للموساد في إقليم كردستان العراق بالصواريخ البالستية دون أن يحرك ذلك لدى أمريكا ساكناً؛ ما أثار هلع تل أبيب.
رغم أن المشاركة الأمريكية في النقب بدت وكأنها شكلية أي لم تؤثر على قرارات بايدن بشأن الاتفاق النووي مع إيران وكأنها رسالة بأن مثل هذه الاجتماعات لا بد وتكون بمشورة أمريكية ولو حضور رمزي.
وفي سياق ما تقدم كتب الصحفي الإسرائيلي ناحوم برنياع مقالاً في صحيفة “يديعوت أحرونوت” تحدث فيه عن أسباب سعي بعض الدول العربية إلى دمج “إسرائيل” في الاستراتيجية العربية لحفظ الأمن القومي العربي والموجهة ضد طهران، فقال بأن “قمة النقب هي حدث واحد. هو النضال لمواجهة الاستعداد الأميركي لإخراج حرس الثورة الإيرانية من قائمة منظمات الإرهاب”
ويكمل قائلاً: “علمتُ من مصادري أنّ الموضوع لم يُحسَم على خلفية الاحتجاج الإسرائيلي والسعودي والانتقادات في الكونغرس الأميركي، الوفد الأميركي إلى المفاوضات في انسحابٍ، على الأقل تكتيكي، عن استعداده لشرعنة حرس الثورة”
ويقول أيضاً “الكرة الآن في الملعب الإيراني. الاحتمال هو 50%، هذا أو ذاك. الجواب سيكون على ما يبدو بعد انتهاء عيد رأس السنة الإيراني، النيروز”.
وقبل إنهاء المقال أذكر الدول العربية المشاركة في مؤتمر النقب السداسي بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي دأبت في كل مناسبة عرض خدماتها الأمنية على الدول العربية دون أن تملك مقومات ذلك لنفسها، كونها فشلت في التصدي للمقاومة في غزة والضفة الغربية والعمق داخل الخط الأخضر ناهيك عن حزب الله جنوب لبنان، فكيف تنطلي الأضاليل الإسرائيلية عليهم فيصدقون مزاعمها ويبرمون معها الاتفاقيات الأمنية المنقوصة على هذا الأساس! هل ثمة من يمررها لقاء عمولات سية!؟ كل شيء وارد! مع أن هذه الاتفاقيات لا يمكنها إقحام “إسرائيل” في حروب بالوكالة عن العرب -كما قلنا في المقدمة- بل أن العكس هو الصحيح؛ لأن المحك الميداني وضع تل أبيب عدة مرات في دائرة الشك ليسهل عليها التخلي عن حلفائها والتهرب من التزاماتها كما فعلت مع الإمارات حينما حالت دونها وصفقة الطائرة الشبحية الأمريكية س-٣٥ وامتنعت عن تزويدها أيضاً بالقبة الحديدية رغم فشلها الذريع في التصدي لصواريخ المقاومة التي تصنع في غزة وقد أصابت العمق الإسرائيلي دون رادع منها.
وإن أنظمة المراقبة التي زودت بها “إسرائيل” دولة الإمارات ما هي إلا أنظمة تجسس تشرف عليها الموساد.. وتصديقاً لذلك أحيلكم إلى ما قالته “CBC” إن رئيس الوزراء الكندي السابق ستيفن هاربر يرأس شركة “AWZ Ventures” الإسرائيلية لأنظمة تكنولوجيا المراقبة، ومقرها تورنتو، وهي تتطلع إلى تسهيل بيع تكنولوجيا المراقبة المتطورة إلى الإمارات.
وذكرت الهيئة أن الشركة تقدم خدمات التعرف على الوجه واكتشاف الحشود، ومعلومات شاملة عن الأفراد بذات الوقت.
وهاربر عنصر رئيسي في شركة الاستثمار هذه، حيث يشغل منصب رئيس لجنتها الاستشارية، التي تتكون من أعضاء سابقين في الموساد ووكالات استخبارات إسرائيلية وأمريكية أخرى.
وهو أيضا شريك تجاري مع الشركة، التي لديها استثمارات في 18 شركة أمن إلكتروني إسرائيلية، وفقاً لموقعها على الإنترنت.
ونقلاً عن روسيا اليوم فإن أحد محامي حقوق الإنسان الإسرائيليين ويدعى إيتاي ماك، قال “إن الإمارات استخدمت هذا النوع من التكنولوجيا للسيطرة على سكانها وعرقلة الإصلاحات الديمقراطية”.
والنتيجة أن قيام “إسرائيل” بتقديم هذا الدعم التكنلوجي الحساس يوفر عليها جهوداً استخبارية مضنية ويمكنها من كسر الحاجز الأمني الإيراني ولو نسبياً.
ولولا هذه المكاسب لما أقدمت “تل أبيب” على تزويد الإمارات بهذه التكنلوجيا المتقدمة التي تدار في الإمارات بعناصر فنية إسرائيلية ولا يسمع لغيرهم بالاقتراب منها إلا فقط الاستفادة من نتائج أعمالها.
وبعد كل ذلك، يأتي من يبيع الماء في حارة السقّايين، متحدثاً عن ضمانات دولة الاحتلال الإسرائيلي لأمن الخليج العربي! ومن هنا ينبعث السؤال الموضوعي العاصف:
هل مؤتمر النقب هو مجرد تحشيد لمصلحة تل أبيب أم يمكن اعتباره تحالفاً لحفظ أمن الخليج. هذا مفهوم منقوص للأمن فأين يكمن السر يا ترى.. عجبي!