نفس الهمجية للكيان … فلماذا التركيز فقط على داعش ! ؟

التصنيف : سياسة واخبار (:::)
د. فايز رشيد – فلسطين المحتلة (:::)
المتتبع لخطابات زعماء العالم في الأمم  المتحدة يلحظ وبلا ادنى شك : الهجوم الشديد على داعش من كافة الرؤساء . كما أن تحالفا عالميا  من خمسين دولة  جرى تشكيله خصيصا لمحاربة  داعش ! . صحيح يتوجب محاربة الإرهاب من قبل كافة دول العالم فهو خطر على كل الشعوب . لكن ما بال  معظم هؤلاء الزعماء لا يذكرون كلمة واحدة عن الإرهاب الصهيوني في فلسطين .. . تاريخا وحاضرا ( وخاصة بعد خطاب نتنياهو التزويري, الذي حاول إلصاق كل ما ارتكبته إسرائيل من جرائم حرب , بالفلسطينيين والعرب ؟ وصور دولة الكيان بأنها الدولة ” المسالمة ” ) ! ؟ مع أن الظاهرتين رعى إنشاءهما : الاستعمار الغربي :  وبخاصة بريطانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة  ,  اللتان خلقتا  وحليفاتهما : كيانا مصطنعا في منطقتنا من أجل أهداف استعمارية بحتة.  كيان عدواني مهمته الرئيسية : الاعتداء على شعوب المنطقة ودولها .. تاريخا وحضارة ووجودا. كيان تاريخه حافل بالمذابح ضد الفلسطينيين والامة العربية . كيان أتى لتخريب النسيج الاجتماعي لشعوب الأمة الواحدة , ومنع لقائها الجمعي , ومن أجل تفتيت دولها  إلى دويلات متحاربة من خلال الصراعات المذهبية والطائفية والإثنية . كيان يسعى إلى تطبيق دولته الكبرى في معظم انحاء الوطن العربي . نفس الأهداف التي من أجلها أنشات أمريكا ” داعش ” . هذا لا نتجناه على الدولة الأولى في العالم ( إنشاء داعش ) … بل تؤكده في مذكراتها المنشورة حديثا في أمريكا : وزيرة الخارجية الأميركية  السابقة هيلاري كلينتون, وأثارت بذلك زوبعة كبيرة .
صحيح أن طرق القتل  التي تطبقها داعش مقرفة ومقززة  ويندى لها الجبين الإنساني , لكن الكيان يطبق نفس القتل بأساليب مختلفة ولكن بشكل أكبر , بل تفوق على داعش في حجم قتله .. إسرائيل تقتل الأطفال الذين لم يبلغوا بضعة أشهر  من خلال تدمير البيوت على رؤوس أصحابها ,  بينما داعش لا تقتل أطفالا ( أنا لا أدافع عنها بالطبع ) . داعش تهجر السكان , وهذا ما يقترفه داعش بحق الفلسطينيين , بل إسرائيل فاقت ذلك بتهجيرها للفلسطينيين في كل الحقبات والمراحل . داعش تتلمذ عل يدي أستاذه الصهيوني في إثارة النزاعات الطائفية والمذهبية والإثنية في العالم العربي , لذلك كان قرار الأمم المتحدة : باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري ( صحيح ان أمريكا ضغطت على غالبية دول العالم من أجل إلغاء القرار بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية وتشكل عالم القطب الواحد , لكن الإلغاء لا يلغي جوهر القرار ومضامينه وتطبيقاته : دول أمريكية لاتينية عديدة اعتبرت الكيان : دولة إرهاب إبان العدوان الصهيوني الأخير على القطاع) . في النهاية القتل هو القتل , و ” لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها  “! .
للعلم : منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان الصهيوني على غزة , كان من المفترض في التنظيمات التي تطلق على أسمائها وصف ” الجهادية ” كداعش والنصرة وغيرهما , أن تترك معاركها التي تشنها ظلما وعدوانا على جبهات ودول عربية كثيرة , وتوجه كل أسلحتها إلى العدو الصهيوني ,فوفقا للدين الإسلامي الحنيف : فإن الجهاد ضد إسرائيل هو الاهم والأولى , فهو الغاصب للأرض الإسلامية ,وهو القاتل للبشر والمدنيين والأطفال الفلسطينيين ,وهادم البيوت , وهو العدو الرئيسي للإسلام  ! . ولكن فإن كافة هذه التنظيمات وبدلا من الجهاد الأكبر المفترض أن تخوضه ضد عدو الدنيا والدين  , واصلت مخططاتها التخريبية في العراق وسوريا واليمن وليبيا وتونس وغيرها , فتحرير الموصل ونينوى والرقة   ودمشق وعرسال أولى من تحرير بيت المقدس والمسجد الاقصى المهدد بالانهيار والمتعرض في كل يوم لهجمات المستوطنين واعتداءاتهم واستباحاتهم .

داعش استمر في تخريب وتدمير النسيج الشعبي فيما يحتله من مناطق  من خلال : إثارة الصراعات المذهبية والطائفية والإثنية فيها , في الوقت الذي عاشت فيه المجتمعات العربية قرونا طويلة من الوئام الطائفي والسلام بين المذاهب والطوائف والاديان والإثنيات . لا فرق بين مسلم ومسيحي وبين سني وشيعي وبين عربي وآخر من قومية ثانية, الكل سواسية في دولتهم , فالدين لله والوطن للجميع , فالاقرب والأكرم لله جل شانه” أتقاكم “. إن أحد أخطر المخططات التي تنفذها داعش وأخواتها من التنظيمات الأصولية المتطرفة هو , تدمير التعايش في الدول العربية … وهو نفس الهدف الصهيوني منذ إنشاء الكيان حتى اللحظة .
معروف للجميع كيف قامت الولايات المتحدة بتسهيل هجرة المسيحيين  والأقليات الأخرى من العراق من الدول العربية , إليها وإلى الدول الاوروبية والغربية الأخرى من خلال التنسيق بينها وبين تلك الدول, ومثلا : قامت بتهجير المسيحيين العراقيين وساعدت على اغتيال العلماء والكفاءات العراقية في مختلف التخصصات  أثناء احتلالها المباشر للعراق, وبخاصة العلمية  …(من أجل إعادة العراق كما صرّح الرئيس بوش الإبن آنذاك: إلى العصر الحجري) ! . الكيان منذ نشأته يمارس هذا الدور بين المسلمين والمسيحيين , ويريد إنشاء قومية جديدة للآخيرين ( قومية آرامية بدلا من العربية ! ) كما فصل بين الدروز والعرب ! . داعش يقوم بنفس الدور التهجيري للأقليات : بداية تهجيرهم من أماكنهم تمهيدا لتهجيرهم الى الغرب .
هذا أيضا ما يمارسه  داعش وزميلاته الآن  في سوريا في المناطق التي تمكن من السيطرة عليها , داعش  يبتجح بهذا ويؤكده في بياناته الصادرة عنه وفي تصريحات قادته على الفضائيات , فهم يجاهرون بذلك علنا وعلى رؤوس الاشهاد .على صعيد آخر: اتخذت القيادات الإسرائيلية قرارا منذ عدة أشهر, ا  فحواه : العمل على استقطاب المسيحيين العرب إلى إسرائيل .فهم وفقا لوجهة النظر الإسرائيلية يعيشون اضطهادا, ومهددون . داعش وزميلاته يمارسون نفس الدور ويكملّوه .
هذا  غيض من فيض الحقائق التي لا يجري التركيز عليه إعلاميا للأسف , في الربط ما بين الكيان وتلميذه الداعشي , وغيره من التنظيمات الأصولية.. التي تعالج مرضاها في الكيان وتقوم بنشاطاتها في الجولان على مرأى ومسمع من القوات الصهيونية والأخيرة لا تتحرك … بالطبع تحت إمرة السيد الأمريكي وحلفائه .
جملة القول : الكيان وداعش يقومان بنفس الدور . أمريكا لا تريد القضاء عل داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى التي اخترعتها ومثيلاتها في أفغانستان منذ زمن .تريد من تحالفها الدولي : ترسيخ وجودها في المنطقة , ومن أجل حماية الأمن الإسرائيلي . فلولا وجود داعش وزملاته لما امتلكت الإدارة الأمريكية ما تعتبره ( مبررات ) من أجل التواجد المباشر في المنطقة . داعش وإسرائيل وجهان لعملة واحدة … فلماذا التركيز على داعش وتناسي مذابح العدو الصهيوني ؟ ندرك الجواب الذي ستثبت صحته ….وهو ما سيجري من أحداث في المستقبل القريب.