منوعات ….
بقلم : سمير ايوب – الاردن …
كان هنالك شيخاً عالماً وطالبه ، يمشيان بين الحقول . عندما شاهدا حذاء قديماً مركونا على جانب الطريق . اعتقدا انه لرجل فقير يعمل في احد الحقول القريبة . وسينهي عمله بعد قليل .
التفت الطالب إلى شيخه وقال : “هيا بنا يا سيدي ، نمازح هذا العامل . بأن نقوم بتخبئة حذاءه . ونختبئ وراء الشجيرات . وعندما يأتي ليلبسه ، سيجده مفقوداً . ونرى دهشته وحيرته “.
فأجابه ذلك العالم الجليل : ” يا بُني ، يجب أن لا نسلي أنفسنا على حساب الفقراء . ولكن بما انك غني ، سأدلك على طريقة تجلب بها لنفسك مزيداً من السعادة ، وفي الوقت نفسه ، تضيف للفقير صاحب الحذاء الكثير من الفرح . قال الطالب الطيب : كيف يا شيخي ؟
قال العالم الحكيم : قم بوضع قطع نقدية ، بداخل كل فردة من حذائه . وهيا نختبئ لنشهد معا ردة فعله ونشاهد مدى ونشاهد مدى تأثير ذلك عليه” .
أعجبَ الطالبُ بالاقتراح . وقام بالفعل بوضع قطع نقديه في حذاء ذلك العامل . ثم اختبأ هو وشيخه خلف الشجيرات ، ليريا ردة فعل ذلك العامل الفقير. وبالفعل بعد دقائق معدودة ، جاء عاملٌ فقير رث الثياب ، بعد أن انهى عمله في تلك المزرعة ، ليأخذ حذاءه .
تفاجأ العامل عندما وضع رجله بداخل الحذاء ، بأن هناك شيئا بداخله ، وعندما أراد إخراج ذلك الشيء ، وجده نقودا . وقام بفعل نفس الشيء عندما حاول لبس حذاءه الاخر . ووجد نقودا فيه . نظر ملياً إلى النقود . وكرر النظر ، ليتأكد من أنه لا يحلم .
بعدها نظر حوله بكل الاتجاهات ، لم يجد أحدا . وضع النقود في جيبه . خر على ركبتيه . نظر الى السماء باكيا . ثم قال بصوت عال يخاطب ربه : أشكرك يا رب . علمت أن زوجتي مريضة ، وأولادي جياعا لا يجدون الخبز . لقد أنقذتني وأولادي من الهلاك . واستمر يبكي طويلا ، ناظراً الى السماء ، شاكراً لهذه المنحه من الله تعالى .
تأثر الطالب كثيرا . وامتلأت عيناه بالدموع . عندها قال الشيخ الجليل : ألست الآن أكثر سعادة من لو فعلت اقتراحك الأول وخبأت الحذاء ؟
أجاب الطالب الطيب : لقد استشعرت معنى العطاء . وتذكرت قول الله تعالى ( وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ ، تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ، هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ) . نعم يا شيخي ، إن أعظم المتع ، متعة العطاء غير الممنن او الأستعراضي .
اللهم ، لا تحرمنا لذة العطاء الصامت ، لوجهك سبحانك .