مصر اليوم : بلطجة ما بعد مبارك والانفلات الامني

الرابط : سياسة واخبار (::::)
بقلم: د. وجيه الجوهري- الولايات المتحدة الأمريكية: (::::)
اعتقد البعض  في العالم العربي أن الثورات ستتبعها ثروات ولكن هيهات هيهات لما يأملون. فقد كان الشعب في “جرة” الحكم الاستبدادي ثم وجد نفسه “برة” في العراء والخوف والتوجس لما هو قادم. الشعب بكل طوائفه خرج في مظاهرات دورية وموسمية. فيوم الجمعة قيل انه سمي بذلك الاسم لانه اليوم الذي اجتمع فيه للكون نظام، وقيل لانه يجمتع الناس فيه لصلاة الجمعة جامعة، وقيل لانه يجتمع فيه الناس للمظاهرات قاطبة في دول الخريف العربي. كان الأولى أن نجعل جمعاتنا من أجل “جمعة الامن”، “جمعة النظافة”، “جمعة العمل”، “جمعة وقف التحرش”، “جمعة التشجير”، “جمعة كفالة اليتيم”، “جمعة دفع ديون مصر”، “جمعة تعمير الوطن”، “جمعة لا للمحسوبية”، “جمعة المنتج المصري”، ” جمعة مكافحة البلطجة”، وهكذا جمعة وراء جمعة من أجل الخير للوطن. عجلة الانتاج توقفت منذ زمن وعجلة التخوين تتسابق مع غيرها لتواجه نهضة واستقرار الوطن.
من آثار الخريف العربي وصول الرئيس المصري محمد مرسي مبارك لسدة الحكم ليحكم باسم الاخوان ويتحول بين عشية وضحاها من ضحية الى جلاد، فعند الرجل وجماعته خبرة في طرق الحكم ، فقد تخرج من جامعة زعبل وجونتانامو . هل كل تابع يصلح أن يكون قائد؟ وهل كل سجين يصلح أن يكون سجان؟ وهل كل مُغتصَب يصلح أن يكون مُغتصِب؟ أسئلة كثيرة تدعو للتأمل والبحث.. فنن الناحية السيكلوجية الذين يعانون من القهر والظلم تجدهم أكثر قسوة وظلما.. الطفل العربي الذين يعاني من قهر وظلم الآباء والمدرسين في المنزل والمدرسة تجده أكثر عدوانية مع قرناءه  أو مع الحيوانات والطيور في بيئته وخاصة الكلاب والقطط.
مرسي نجح بقوة الأضداد التي حاربت أي شئ له علاقة بالفلول، فأصبح أحمد شفيق الإصبع الأيمن لمبارك الذي يعد محل سخط الجميع. مرسي الذي قال عنه مبارك وعن بقية طالبي الرئاسة المصرية أنهم لا يصلحون لادارة كشك سجائر. على الجانب الآخر، نجد أن مفهوم كشك السجائر غير معروف في دول الخليج مما جعل عدو الإخوان اللدود وليس دود في الامارات المتحدة الفريق أول ركن ضاحي خلفان قائد شرطة الإخوان في دبي  أن يقول أن الاخوان لا يصلحون لادارة بقالة. السيد خلفان قدم تصوره الشخصي وليس الرسمي عبر حسابه الشخصي على تويتر قائلا إن مصر لن ينقذها الا رئيس مستقل يحظى باحترام الدول العربية قاطبة ويلاقي قبولا غربيا. أعتقد أن هذه فزورة من فوازير رمضان، بل الأحرى أن أقول فزورة من فوازير خلفان. طبعا.. القبول والمصالحة شيئان مهمان في أي رئيس سواء كان ذلك في أمريكا، العراق، أفغانستان، سوريا، مصر، وحتى الصومال.
 مرسي يواجه الفوضى بدون استراتيجية أو حنكة سياسية فبدى للقاصي والداني بأنه ديكتاتور من نوع آخر. المظاهرات شملت كل عناصر الشعب من المعلمين ومرورا برجال الشرطة ووصولا الى رئاسة الجمهورية التي تتظاهر كل يوم ضد جبهة الانقاذ وبقية الشعب المصري ماعدا الاخوان والاخوات. الدولة تنهار يوما بعد آخر والشعب يعيش تحت قوة البلطجة على الرغم مما أكدته الرئاسة المصرية أن الامن من مهام وزارة الداخلية دون أي فصيل آخر. وفقا لخبراء القانون المصري المادة 37 من قانون الاجراءات الجنائية  يعطي الحق للمواطن العادي في القاء القبض على من يقوم بتخريب المنشآت العامة ثم يسلم الى اقرب مركز شرطة. في فترة ما قبل رئاسة مرسي طلب المركز العسكري الشعب أن يحمي نفسه من البلطجة وها هو الشعب المصري مازال يحمي نفسه بسبب عجز الحكومة في تقديم أدنى الخدمات الأمنية، ففي محلة زياد القاطنة بدلتا مصر عاش ناسها في حالة من الرعب بسبب سرقة السيارات والتوك توك والبيوت وأخيرا الاطفال والسيدات.. وفي ظل الغياب الأمني استعد شعب محلة زياد لتطبيق حد الحرابة أو المادة 37 وترقب الشعب لافتراس ثعلب البراري الذي اتضح انهما عاطلين من قرية مجاورة، وفي محاولة جديدة لاصطياد ضحيتين من الاطفال تمكن المئات من ملاحقة الجناة وسحلهم في شوارع القرية وتعليقهم مثل الذبيحة الحلال في موقف السيارات العمومي عند مدخل القرية وعلى مقربة أمتار معدودة من مغفر الشرطة.  على نفس المنوال قدم طبيب في محافظة المنيا فدية لخاطفيه بعد أن ذهب معهم لمعالجة حالة حرجة.. قدم الطبيب مبلغ 100 الف دولار ليفدي نفسه ولا عزاء لحكومة الاخوان.
الفترة الحالية تتميز بالانفلات الامني والسرقات المنظمة بسبب الوضع الاخواني السئ أو المسيطر لمجريات الأمور. أنصح الحكومة المصرية أن تتقارب الى معارضيها وتعطيهم بعض الامتيازات فالوطن للجميع، وكذلك أنصحها أن تفتح بابا للحوار والمناقشة مع الدول الكبرى لمعرفة كيفية الخروج من عنق الزجاجة بدلا من الحصول   على عبوات الغاز المسيل للدموع فالدموع تسيل بدون غاز فالحالة لا تسر عدو (اسرائيل) أو حبيب (الدول العربية). 
___________________________
welgohary@capellauniversity.edu